لم يستغرق فك الحجب عن موقع منظمة «هيومن رايتس ووتش» أكثر من 48 ساعة فقط، حيث تراجعت الحكومة المصرية عن حظر الموقع، بعد أن نشرت المنظمة تقريرا عن التعذيب داخل السجون المصرية، واتهمتها الحكومة بتلقي تمويل من جماعة الإخوان المسلمين، ودعم المنظمات الإرهابية.
وأثار تراجع الحكومة عن حجب موقع المنظمة، العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التراجع، في الوقت الذي حجبت فيه مئات المواقع الإلكترونية دون الإلتفات إلي الإدانات الحقوقية، أو الدولية.
أحرج النظام
وقال الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الموقف المصري متخبط، والقرار كان متخبط وغير مدروس، وأحرج النظام.
وأكد أبوسعدة في تصريح خاص لـ«رصد» أن الأزمة ليست في حجب موقع المنظمة وعودته فقط، ولكن في تناول النظام للأزمة، فعلى الحكومة عدم تجاهل التقرير، مطالبًا بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول ما ورد به.
وحول الخطورة التي يمثلها التقرير على مصر، قال أبوسعدة إن العلاقات الدولية تتأثر بمثل هذه التقارير، بدليل القرارات الأمريكية الأخيرة التي أثرت على المعونة الأمريكية لمصر بسبب ملف حقوق الإنسان في مصر، مؤكدا أن سمعة ملف حقوق الإنسان في مصر يؤثر على جذب الاستثمارات.
موقف متخبط مثير للسخرية
ومن جانبه قال الناشط الحقوقي نجاد البرعي أن حجب موقع المنظمة وعودته بعد أقل من 48 ساعة أمر مثير للسخرية، ويكشف عن تخبط النظام، والقرارات غير المدروسة، متسائلا كيف للنظام أن يكذب تقرير المنظمة عن وضع حقوق الإنسان في مصر، ويقوم بحجب موقعا ليثبت قمعه.
وأضاف البرعي في تصريح خاص لرصد، ان المصيبة الأكبر هي طريقة تناول المشكلة، فجميع المسؤولين وأعضاء البرلمان متفقون على أن هناك مؤامرة تقودها أمريكا والمجتمع المدني والإعلام في الغرب لصالح الإخوان!!.
وأوضح البرعي: «أن تعامل النظام مع الأزمة يثبت تورطة، فلو أنك مكان السيسي أو أي صانع سياسة ستفكر أنه ليس معقول أن المواطنين جميعهم لا يفهموا وكذابين، وترامب وإدارته والإعلام الدولي مرتشين من الإخوان؟!».
موقف دولي
وجاء الموقف الدولي كأحد أهم الأسباب التي دفعت الحكومة للتراجع عن حجب الموقع، حيث انتقدت منظمات دولية وحكومات الموقف المصري.
وانتقدت مفوضة الحكومة الألمانية لحقوق الإنسان، بيربل كوفلر، الحجب المتزايد لعدد من المواقع والمنظمات المستقلة في جمهورية مصر العربية، مصرحة “بأن هذه الإجراءات تسلب المنظمات المعنية وسيلة تواصل مهمة، هادفة بذلك أن تخرسها”، بحسب موقع دويتشه فيليه الألماني.
وأشار الموقع، إلى أن جمهورية مصر العربية حجبت موقع منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية؛ بعد نشرها تقارير تتناول التعذيب الممنهج في السجون؛ حيث أعلنت المنظمة بعد يوم من نشرها التقرير، حجب موقعها في جمهورية مصر العربية، وبذلك باتت قائمة المنابر الإعلامية المحظورة أطول.
ونوه بأن منظمة «هيومن رايتس ووتش» كانت قد كتبت في تقريرها عن التعذيب الممنهج في جمهورية مصر العربية، أن النظام في عهد عبد الفتاح السيسي، أعطى الضوء الأخضر لقوات الأمن والشرطة المصرية لممارسة التعذيب وقتما يحلو لهم – بحسب تقرير المنظمة.
وذكرت المنظمة، أنه منذ تداول السلطة في 2013 قامت السلطات باعتقال أو اتهام 60 ألف شخص على الأقل، وخضع آلاف المدنيين للمحاكمات العسكرية، وحكم على المئات بالإعدام.