تداول نشطاء سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي أمس الأحد أنباء باعتقال السلطات الأمنية في السعودية الداعية عوض القرني لاتهامات بالتعاطف مع قطر ضد المملكة.
وبحسب تسريبات وأنباء متداولة من داخل المملكة، اُعتُقل «عوض» السبت الماضي على يد رجال أمن تابعين للمباحث العامة، بالتزامن مع سريان أنباء مماثلة عن اعتقال الداعية السعودي سلمان العودة للأسباب ذاته.
وواجه «سلمان العودة» و«عوض القرني» انتقادات لاذعة في اليومين الماضيين من كُتّاب وإعلاميين سعوديين ينظرون إليهما على أنهما منحازان إلى قطر في الأزمة الخليجية الحالية.
ورغم نفيه المستمر لانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين في السعودية، يواجه «عوض» باستمرار اتهامات بدعم الجماعة في مصر بآرائه.
وينشط «عوض القرني» على حسابه في موقع تويتر، إضافة إلى ظهوره في برامج تلفزيونية، وله آراء في السياسة تغلب على آرائه الدينية؛ كالموقف من الصراعات في سوريا واليمن وجماعة الإخوان.
والدكتور «عوض القرني» ليس الأول من علماء الدين الذين تعرّضوا إلى الاعتقال. في التقرير نستعرض أبرز الدعاة السعوديين الذين تعرضوا إلى الاعتقال بسبب آرائهم السياسية:
1- عبدالعزيز الطريفي
اُعتُقل في شهر أبريل 2016؛ بعد أن طُوِّق بيتُه واقتيد مع قوات الأمن، وانقطع أيّ اتصال معه منذ تلك اللحظة. وكونَه اعتقالًا لعلامة بمثل مكانته اشتهر بعلم الحديث واجتهاده في حقل الدعوة والفتوى، فضلًا عن التفاف جمهور كثير حوله من المحبين؛ أثار الخبر ضجة إعلامية كبرى، رافقتها استنكارات أكبر عالجها النظام السعودي بالتهدئة واستعمال الدعاة المقربين من بلاط الملك.
ولكنّ طيف الطريفي ما زال يتجلى على مواقع التواصل الاجتماعي يثير الأحزان ويضاعف الاستفهامات.
2- ضياء الخليل
في منتصف مايو اعتقلت السلطات السعودية الداعية الإسلامية السعودية «ضياء الخليل»؛ بسبب رفعها لافتة فوق منزلها تحمل عبارة «فكوا الأسير» بالحرية لأولادها الثلاثة المعتقلين في السجون السعودية دون وجه حق، بحسب وصفها في وقت سابق.
وبحسب شهود، ضربت مفتشات السجن العام في «بريدة» الداعية «ضياء الخليل» وركلنها بالأقدام حتى عجزت عن المشي، ثم كشفن ملابسها الداخلية بهدف إذلالها، وعلّقت ابنتها «أحلام الضلعان» على حسابها عبر تويتر: «والله إني مما رأيت يقف لساني عن وصف الخبث والحقارة التي فعلوها لوالدتي».
الحادثة الأسبق وقعت في شهر أبريل من العام ذاته، وفيها اعتقلت «مي الطلق» و«أمينة الراشد»، ناشطتان سبق اعتقالهما من السلطات، من على الحدود اليمنية ووُجّهت إليهما تهمة التوجه إلى دعم تنظيم القاعدة.
3- سليمان العلوان
علامة مُحدِّث فقيه وداعية، اعتُقل في شهر أبريل 2004 بتهمة دعم الجماعات المسلحة، وأُطلق سراحه في 2012؛ لكنْ سرعان ما أُعيد اعتقاله في أكتوبر 2013 بتهم كثيرة؛ أبرزها غسيل الأموال.
تنقّل سليمان بين السجون، وقرر النظام السعودي عزله في السجن الانفرادي تسع سنوات بطولها، حُرم فيها من رؤية زوجته ست سنوات وبضعة أشهر، كما تسربت تقاريرُ عن حالته التي تتدهور في كل يوم؛ لسوء المعاملة والمساومة التي يطالَب فيها بالتراجع عن مواقفه وقناعاته؛ الأمر الذي أكده المغرد السعودي الشهير «مجتهد»، الذي ينشر تسريبات من كواليس النظام السعودي؛ بعدما تحدّث عن وسائل إيذاء «خبيثة» تستعملها الداخلية السعودية ضد الشيخ العلوان بهدف كسر إرادته وإخضاعه بعد سنين من الثبات.
4- خالد الراشد
الداعية البكّاء، الذي اشتُهر بحبه للعمل الدعوي وبشدة استنكاره لحملات الغرب الساخرة من دين الإسلام. ذنبه أنه طالب بإلغاء سفارة الدانمارك؛ احتجاجًا على الرسوم المسيئة للرسول محمد ﷺ، فكانت النتيجة اعتقاله واتهامه بجمع الأموال والصدقات وتمويل الإرهاب.
حُكم عليه في عام 2005 بالسجن 15 سنة؛ تعرّض فيها إلى تعذيب جسدي ونفسي شديد، ولا يزال مستمرًا إلى الآن، بحسب تأكيدات من أقاربه؛ وتسرّبت أخبار عن مساومات لم يخضع لها خالد الراشد كما حدث مع الشيخ العلوان.
5- سعود القحطاني
داعية سعودي ومهندس سابق في شركة أرامكو، أقدم سجين سياسي يقبع خلف القضبان منذ 25 عامًا في سجن الطرفية بمحافظة بريدة. اعتُقل في عام 1991 في المدينة المنورة بتهمة توزيع منشورات ضد الحكومة السعودية.
حُرم سعود في العشر سنوات الأولى من سجنه من توكيل محامٍ للدفاع عنه، واستمر سجنه من دون توجيه أي تهمة له. ثم حُكم عليه بالسجن 18 عامًا، وبالرغم من انتهاء مدة محكوميته؛ رفضت إدارة السجن الإفراج عنه، وأعلمت عائلته بتمديد الاعتقال سنوات سنوات أخرى ما لم يغير من آرائه.
سُجن سعود في العزل الانفرادي لعام ونصف، تسببا في تدهور كبير لحالته الصحية والنفسية. وتقدّم والده بشكوى ضد المباحث السعودية لاعتدائها على حقوق ابنه منذ 25 عامًا؛ ولكن دون جدوى.
6- وليد السناني
من أقدم المعتقلين السياسيين في السعودية؛ إذ يمكث في سجن الحاير السياسي بالرياض منذ عام 1994، واعتُقل بعد فترة متأخرة بسبب فتاويه؛ إذ اشتهر بموقفه من التدخل الأميركي في حرب الخليج في مطلع التسعينيات، وكان على رأس العلماء والدعاة الذين رفضوا مشاركة الجيش السعودي في الحرب برفقة الأميركيين، وأصدر الفتاوى الصارمة في ذلك؛ وأفتى بحرمة مشاركة الجنود السعوديين في حرب العراق «لمساندتها دولة أميركا الكافرة ضد العراق المسلم».
ومن فتاواه التي كلّفته السجن إلى هذا الوقت تحريم تأدية التحية العسكرية للضباط، وفتواه بأنّ المملكة العربية السعودية غير شرعية. وبالرغم من أنّ الداعية وليد لم يُشهِر فتاواه المنتقِدة إعلاميًا، واقتصارها على التصريح بها في مجالسه المغلقة؛ اعتبرها النظام السعودي إعلان معارضة للدولة.
وبقي وليد في العزل الانفرادي منذ دخوله السجن إلى الآن، كما حُرم أهله من زيارته مدة سبع سنوات، ولم يقتصر الأمر على سلسلة المضايقات التي تعرّض إليها؛ بل تعداه لاعتقال أبنائه وأبناء أشقائه؛ كوسيلة ضغط أقوى لدفعه للتراجع. وحظي وليد بتعاطف كثير من النشطاء، الذين قادوا حملة لإلصاق طوابع على جوانب الطرقات، وأماكن أخرى؛ ليتغير اسم طريق القناة ببريدة إلى طريق المعتقل وليد السناني.
7- علي الخضير
من العلماء الذين اعتُقلوا في عام 2003 برفقة الشيخين ناصر الفهد وأحمد الخالدي، تعرّض في هذه المدة إلى تعذيب جسدي ونفسي؛ استُعمل فيه الضرب بالعصا، التعذيب بالحرارة والنار، الصدمات الكهربائية، التعذيب بالماء، نتف شعر الوجه واللحية وتقليع أظافر الأصابع وغيرها من الأساليب اللاإنسانية. والتي كشفت عن درجة المعاناة التي يعيشها وعكست صلابة ثباته.
8- إبراهيم السكران
المحامي الذي اعتُقل منذ شهر مايو المنصرم عقب تغريدات نشرها على «تويتر» أثارت جدلًا؛ إذ انتقد فيها سياسة النظام السعودي الحاكم، ومنذ ذلك الوقت لم تصل أي معلومات عن حالته أو ظروف اعتقاله.
ومن بين هذه التغريدات التي أدت إلى اختفائه: «من يصدّق أنّ إعلامًا منسوبًا لبلد الحرمين يجعل جرائم السفاح الشيعي سليماني تحريرًا، ويجعل دمعة الخطيب السني إرهابًا، تطرّف ليبرالي بلغ مرحلةً جنونية! إذ بلغت بهم العمالة تسمية إرهاب سليماني تحريرًا للفلوجة؛ فلا يُستبعَد أن يكتبوا لاحقًا: الحوثي يحرر صنعاء، وبشار يحرر حمص، وحزب الله يحرر طرابلس!
الفلوجة وحمص وصنعاء ضحايا لجزار واحد، وذريعة الإرهاب التي يدَّعيها هنا ادعاها هناك، والليبرالي المساند لذبح الفلوجة هو من اعتبر نصرة الشام تحريضًا. يصفّق لمجازر السيسي في الميادين، ويتغنى لإيران تذبح الفلوجة، ثم يجعل نصرة مستضعفي الشام إرهابًا يستوجب المحاكمة! كيف تحجرت القلوب ومات الحياء؟!».
9- عبدالملك المقبل
داعية سعودي مضى على احتجازه قرابة 16 عامًا؛ بعد عودته من أفغانستان ومشاركته في الجهاد ضد العدو الروسي. وتعرّض في الاعتقال إلى شتى أنواع التعذيب؛ لإجباره على الاعتراف بتهمة الإرهاب، لكنه لم يستجب إلى ذلك، ولم يستجيبوا هم لصوت العدالة والإنصاف؛ فبقي في زنزانته.
10- خلف العنزي
خريج كلية الشريعة في جامعة الإمام عام 1411هـ. أحد أبرز المؤَوِّلين للرؤى، ويُعد من الخطباء المفوهين، يتميّز بقوة إلقاءٍ وشدة تأثيرٍ ومواقف مشرفة وقوية لنصرة الإسلام. من شيوخه العلامة عبدالرحمن البراك. انتصر لكتاب الله عندما دنَّسه النصارى؛ فصدَعَ بخطبته «دنسوه» ودفع ثمنها السجن والتعذيب بعد أسبوعٍ فقط من إلقائها. لم يكن لوحده المعتقل؛ بل اقتيد معه طفله البالغ من العمر آنذاك سنتين ونصفًا، والذي لا يذكر اليوم شيئًا عن والده!
عُزل في السجن الانفرادي سبعة أشهرٍ عزلًا تامًا، وأوذي كثيرًا في أحداث سجن الحائر (ثورة الكرامة) يوم الأربعاء 21 شعبان 1433هـ؛ إذ ضُرب على عينه وعلى رأسه حتى نزف، وصُعق بالعصا الكهربائية، وقُيِّد من يديه ورجليه؛ ما جعله يعجز عن الصلاة قائمًا إلا بعد مُضِي أيامٍ.
لاقت قضيتُه مناصرة كبيرى على مواقع التواصل؛ لكن بلا جدوى. ما زال منذ عقد من الزمن، بعد أن قضى أكثر من ثماني سنواتٍ بلا محاكمة عادلة. حُكم عليه في 2015 بالسجن ثلاث سنوات ومنعه من السفر لمدة خمس سنوات.