لا شك أن شرخا كبيرا في التحالف بين الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وميليشيا الحوثي، لن يجبره تصريحات التهدئة التي أطلقها الأول بعد اشتباكات ومشاحنات لأسابيع خلال الفترة الماضية.
وتستمر ميليشا الحوثي في اتخاذ إجراءات عقابية بحق الرئيس المخلوع وقياداته، على الرغم من تصريحات صالح باستمرار التحالف بينه وبين الحوثيين، ما ينم عن عمق الأزمة والخسارة التي يواجهها صالح في اليمن.
إجراءات عقابية ورسائل سياسية لصالح
وأطاحت جماعة «أنصار الله» الحوثية، أمس السبت، بعدد من قيادات الرئيس اليمني المخلوع، من مناصبهم الحكومية، واستبدلتهم بعناصر موالية للجماعة.
وشملت التغيرات التي أجرتها جماعة الحوثي، رؤساء جددا لمجلس القضاء الأعلى، والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، بالإضافة إلى وكيلين محسوبين على الحوثيين في وزارة المالية، ووكيل ثالث في جهاز الرقابة والمحاسبة.
وأبعدت القرارات الأخيرة القيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام، علي الشعور، من رئاسة «الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات»، وتعيين إبراهيم أحمد الحيفي خلفا له.
وعين كلا من «عبد السلام المحطوري، وأكرم محمد الوشلي» المحسوبين على التيار الحوثي، وكيلين لوزارة المالية، وأمين عبد العزيز محمد، وجمال المالكي، مستشارين لوزير المالية، وعبد الله الضاعني، وكيلا للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
وفي الوقت ذاته دعا محمد علي الحوثي، رئيس «اللجنة الثورية العليا» مساء السبت، إلى الاحتفال بالذكرى الثالثة لسيطرتهم على العاصمة صنعاء؛ بالاحتشاد في ميدان «السبعين»، قرب منزل الرئيس اليمني المخلوع.
وتعتبر الدعوة الأولى من نوعها لاحتشاد الحوثيين وأنصارهم منفردين في ميدان «السبعين»، ما ينفي تصريحات صالح بعدم وجود خلافات بين المتحالفين الانقلابيين في اليمن.
كان أيضا للتحضير لاحتفالات يوم الغدير أو «يوم الولاية» دلالات سياسية، على الرغم من كونها مناسبة دينية شيعية، حيث أن الحوثيين أرادوا من خلالها توصيل رسالة بأن حكم اليمن سيؤل لهم ولن يكون لهم شركاء من خارج مفهوم الولاية.
وأطلقت جماعة «أنصار الله» شعارات دينية خلال اليومين الماضيين كان أبرزها «الإيمان بمبدأ الولاية قضية يرتبط بها النصر» و«لن ترفع الأمة رأسها حتى ترفع يد عليّ (عليه السلام) التي رفعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»، وغيرها من الرسائل الخفية التي تزعم بأن الحكم و السلطة، حقًا ممنوحًا للمنتسبين إلى بني هاشم من أبناء الحسن والحسين.
صالح الخاسر الأكبر
بعد ثلاث سنوات من الصراعات في اليمن، أصبح صالح في موقع الخسارة الكبرى، فالتحالف الذي منّى نفسه بمساعدته للعودة للحكم، نفض يده عنه، وتباينت مصالحه معه إذا ما وصل الأمر للحديث عن السلطة وتوزيع الغنائم.
ورأى سياسيون أن تحالف صالح والحوثيين، هو مسالة وقت، سرعان ما ستنفجر الأوضاع بينهم إذا تباينت المصالح، وهو ما حدث بالفعل بمجرد ما ورد لـ«أنصار الله» مزاعم حول صفقات خفية بين صالح والإمارات.
تصريحات صالح بنفي أن يكون هناك اي خلاف بينهما، لم تغلق الفجوة الكبيرة في العلاقات بين الطرفين، ولم تدفع عنه الإجراءات الحوثية والعقابية التي فرضت عليه.
وخسر صالج خلال الأسابيع الماضية، عدد من قياداته بالإضافة إلى أنباء تداولت عن إصابة نجله خلال اشتباكات صنعاء الأخيرة، ما ينبأ أن الحوثيين لم يعودوا يثقون في شريكهم وحليفهم ، وبدأوا يخطوا خطواتهم بعيدا عن تحالفه.
ولم يكن للتحالف العربي دورا في الخلافات التي دارت بين طرفي الانقلاب، على عكس توقعات محللين بأن من مصلحتهم استغلال الأوضاع الراهنة، خاصة فيما يتعلق باتفاقات بين أبو ظبي وصالح، من أجل ضرب الحوثيين.
أصبح صالح الآن طرفا وحيدا، على الرغم من عدم الإعلان رسميا عن انتهاء التحالف، إلا أنه أصبح في مواجهة طرفين كلاهما عدوا له وللآخر، التحالف العربي من جهة، وجماعة «أنصار الله» من جهة أخرى.