حجبت السلطات المصرية اليوم الجمعة الموقع الإلكتروني لمرصد «صحفيون ضد التعذيب»، المعني برصد الانتهاكات التي يتعرض إليها الصحفيون والمؤسسات الإعلامية والعاملون في المهنة، والدفاع عن حرياتهم، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان لدى الصحفيين باعتبارهم رسل التغيير في المجتمع.
ويتزامن حجب المرصد مع حجب السلطات المصرية أمس الخميس موقع منظمة «هيومن رايتس ووتش» العالمية عبر الإنترنت بعدما نشرت دلائل وشهودًا على تعذيب المعتقلين في السجون وتدهور حاد في حقوق الإنسان في مصر.
آلية عمل
تأسس مرصد «صحفيون ضد التعذيب» ووضعت خطوط عمله منذ نوفمبر 2013 على يد مجموعة من الصحفيين المصريين الشبان الذين تعرضوا إلى أنواع مختلفة من الاعتداءات والمنع من مزاولة المهنة. وهو الوحيد المعني بشؤون الصحفيين في هذا الصدد، ويقول المرصد إنه أصبح بمرور الوقت من الجهات الرئيسة التي يُرجع إليها لتوثيق الانتهاكات ضد الصحفيين والاستعانة بخبرات أعضائه فيما يتعلق بتحسين بيئة العمل الصحفي وما يتعلق بشؤون الإعلام المصري بشكل عام.
يوفّر المرصد الدعمين الإعلامي والمعنوي لكل صحفي يتعرض إلى منع أو تقييد في أداء عمله، وأيضًا الدعم القانوني بالتعاون مع محامين متطوعين في كثير من القضايا المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام. ويقول المرصد إنه يعمل بشكل يومي لتقديم المساندة الإعلامية للصحفيين المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بممارسة المهنة؛ خاصة وأنّ عددهم في ازدياد مستمر، في ظل تردٍ لأوضاع حقوق الإنسان عامة وحرية الرأي والتعبير خاصة في مصر.
ويعتمد فريق عمل «صحفيون ضد التعذيب» على ثلاثة محاور متوازية للرصد والتوثيق؛ أولها عبر الفريق الميداني، الذي يرصد الواقعة، ثم التواصل مع الشهود والضحايا وتوثيق الشهادات وتجميع الأدلة وفق ما يتوفر، وأخيرًا البحث عبر الوسائل الإعلامية الإلكترونية في حالة غياب معلومات ميدانية أو تواصل مباشر.
25 صحفيًا معتقلًا
وقال التقرير السنوي لمنظمة «فريدوم هوس» بواشنطن، المعنية بتقييم حرية الصحافة والحريات السياسية عالميًا، في مارس الماصي، إنّ مصر في المركز الثالث عالميّا في عدد الصحفيين المعتقلين؛ إذ يقبع نحو 25 صحفيًا في المعتقلات، من بينهم صحفيا شبكة «رصد» الإخبارية وعضوا مجلس إدارتها عبدالله الفخراني وسامحي مصطفى، والمصور الصحفي شوكان؛ وجميعهم مرّ عليهم أربع سنوات سجون عبدالفتاح السيسي.
وقال المرصد العربي لحرية الإعلام إنّ نظام السيسي أدرج في الأول من سبتمبر الجاري 45 صحفيًا وإعلاميًا على قوائم الإرهاب؛ متهمًا إياهم بـ«نشر أخبار تعدّها السلطات المصرية غير صحيحة، وتمس الأمن القومي للبلاد، وترويج شائعات ضد الحكومة المصرية في الداخل والخارج».
جريمة ضد «الإنسان»
ومنذ يونيو الماضي وحتى الآن، وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى أكثر من 425 موقعًا صحفيًا وحقوقيًا؛ من بينها «رصد» وقناة الجزيرة الفضائية و«هاف بوست عربي»، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومنظمة «مراسلون بلا حدود».
ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ما يحدث من تعذيب للمعتقلين في مصر بأنه «جريمة محتملة ضد الإنسانية»، وقالت إنه منذ يوليو 2013، ذكرى انقلاب عبدالفتاح السيسي على أول رئيس مصري منتخب، أوقف 60 ألف شخص على الأقل وأنشئ 19 سجنًا جديدًا لاستيعاب هذه الأعداد.
وبحسب تقرير المنظمة، لجأ ضباط الشرطة بانتظام إلى «التعذيب لإجبار المعتقلين على الإدلاء باعترافات وكشف معلومات»، وما يحدث في مصر عودة إلى «دولة القمع الشامل» و«السياسة القمعية»، موضحًا أنّ مصر تسحق آمال جيل كامل متطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا.