أثارت في الساعات القليلة الماضية واقعة غريبة من نوعها على المجتمع المصري ضجة كبرى على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بعدما انتحر شاب في مقتبل عمره غرقًا في نهر النيل بمحافظة المنيا، عقب ساعات من إعلانه الإقدام على هذه الخطوة عبر صفحته في «فيس بوك».
بدأت الواقعة بتلقي اللواء ممدوح عبدالمنصف حبيب، مدير أمن المنيا، إخطارًا من النجدة بالعثور على جثة شاب في مقتبل العمر طافية على مياه نهر النيل، وانتشلتها قوات الإنقاذ النهري؛ وبإجراء التحريات أنّ الجثة لشاب يدعى «حازم عبدالمنعم»، 31 عامًا، ومقيم بمدينة المنيا.
كما تبين من التحريات أنّ الشاب كتب منشورًا على صفحته في فيس بوك يؤكّد عزمه على الانتحار؛ لما وصفه بتعرضه إلى «ظلم كبير وظن سيئ».
وجاء في نص منشوره: «شكرًا لكل الناس على ظلمها ليا، الناس ظنها فيا سيئ وأنا بريء، وربنا يعلم، أنا رايح لربنا هو اللي هيجبلي حقي، طبعًا من الصورة دي هتعرفوا أنا فين، وحشتني يا أبويا أنت وإخواتي وأمي، للعلم أنا طول عمري راجل ولا عمر حد كسرلي عيني».
وانتدبت النيابة العامة الدكتور هاني إسحق شحاتة، مفتش وموثق صحة مركز المنيا وبندره، لبيان سبب الوفاة؛ الذي أثبت في تقريره أنّ انتشال جثة المتوفى تم بعد 33 ساعة من الغرق في مياه نهر النيل، والوفاة نتيجة «اسفكسيا» الغرق وفشل حاد في التنفس، ولا توجد شبهة جنائية طبية في الوفاة.
السبب الحقيقي للانتحار
حملت دوافع الانتحار كثيرًا من الجدل، لا سيما وأنّ رسالة الشاب المنتحر وجّهت عتابًا إلى أقارب له، بعضهم ذكره بالاسم؛ ما دفع جهات أمنية بمحافظة المنيا إلى ترجيح أنّ الشاب انتحر بسبب خلافات مع عائلته على تقسيم الميراث، بعد إصابته بمعاناة نفسية.
لكنّ موقع «هاف بوست عربي» نقل شهادة صديق له، قال إنّ السبب الحقيقي لانتحاره لم يكن الخلاف على الميراث؛ بل إنه كان يحب فتاة وتقدّم إلى خطبتها، وحينما جاء أهلها للسؤال عنه وعن أخلاقه قال لهم بعض من أقاربه «زورًا» إنه يتعاطى نوعًا من المخدرات؛ ما جعل أهل الفتاة يرفضون إتمام الزيجة، حسب قوله.
وذكر صديق حازم أنه أراد أن يعرف من السبب في الوشاية به عند أهل حبيبته، فاتفق مع صديق له من خارج بلدته الذهاب إلى البلدة والسؤال عنه وإخباره بما يسمع، وبالفعل تأكّد من أنّ أقارب له يتهمونه بتعاطي مواد مخدرة؛ وهذا هو سر العتاب الذي وجهه لأغلب أقاربه، من بينهم ابن عمة له ذكره بالاسم.
وقال إنّ «حازم» كان يعاني من اكتئاب بسبب الظروف الاقتصادية، ويظهر ذلك على وجهه؛ وهو ما جعل البعض يظن أنه يتعاطى نوعًا من المواد المخدرة، ولكن هذا غير صحيح.
وأضاف أنّ حازم بالرغم من إكماله شهادته الجامعية ووصوله إلى سن 31 عامًا لم يحصل على وظيفة مستقرة حتى الآن، ويعمل مندوب مبيعات، وهي وظيفة غير مستقرة على فترات.
لماذا لم يقيموا له عزاء؟
وأوضح صديق الشاب المنتحر أنه أثناء استكمال تصاريح الدفن وقعت خلافات بين أقاربه بسبب المنشور الذي كتبه على فيس بوك، بعد أن حاول بعض أقاربه أن يسألوا من وردت أسماؤهم فيه، وتدخل الناس لإنهاء الشجار.
وقال إنه بعد إتمام دفن المتوفي، توجّه شقيقاه إلى منزلهما ولم يعلنا عن إقامة سرادق عزاء للناس، على غير المعتاد؛ ما فسره «أشرف» بالظروف الاقتصادية التي تمر بها أسرة المتوفي.
وقال إنّ تجهيز سرادق عزاء أمام المنزل قد يكلفهم ما يزيد على ألفي جنيه، وظروفهم الاقتصادية صعبة للغاية، ولا يمتلكون إلا الشقق التي أعدها لهم والدهم قبل وفاته، مضيفًا أنه شهد خلافات عائلية بينهم على فاتورة الكهرباء، التي تأتي لثلاثة شقق مجمعة بـ800 جنيه ويكون نصيب الفرد فيهم كبيرًا، بينما لا يمتلك في جيبه عشرين جنيهًا.