بعد ستّ سنوات من القتال العنيف ومئات الآلاف من القتلى، يبدو أن نهاية الحرب الأهلية السورية بدأت بالفعل، وتنقسم سوريا الآن إلى مناطق نفوذ مختلفة؛ حيث المعارضة المدعومة من تركيا في الشمال، والقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائهم في الشرق، والنظام السوري ومليشياته المدعومة من إيران في المركز والعاصمة دمشق؛ الأمر الذي يعطي إيران سلطة تأثير تمتد من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط، بتأثيرها الفعلي في لبنان والعراق، بحسب موقع «ذا سبيكتاتور» البريطاني.
لماذا يتزايد نفوذ إيران؟
وقال الموقع، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة يعود إلى قدرة البلاد على الاستفادة من التاريخ الحديث «المضطرب» للشرق الأوسط؛ إذ خلقت السنوات القليلة الماضية فراغًا شغلته إيران طوعًا. ففي العراق، تؤدي وحدات الحشد الشعبي، المليشيا الشيعية التي تشكّل جزءًا من قوات الحكومة العراقية (ويدربها مستشارون إيرانيون)، دورًا هامًا في الحرب ضد «تنظيم الدولة» وفي السيطرة على المناطق المحررة.
وفي لبنان، يوجد حزب الله، المتحالف مع إيران، ولديه مقاعد في برلمان البلاد ويؤدي دورًا رئيسًا في السياسة اللبنانية، وأرسل أيضًا الآلاف من مقاتليه لتعزيز نظام بشار الأسد في سوريا.
كما جنّدت قوات الحرس الثوري الإيراني الآلاف من الشيعة الأفغان والباكستانيين للقتال في سوريا في وحدة تسمى «شعبة الفاطميين»، وساعدت هذه المليشيات في دعم نظام بشار.
مصير المليشيات في سوريا
يقول الموقع: في حين تهدأ الحرب السورية الآن لن تُحلّ أيّ من هذه المليشيات قريبًا؛ بل من المرجح أن تتحول إلى أحزاب سياسية مسلحة لها طموحات خارج الإقليم، كما يفعل حزب الله، وهناك مزاعم أيضًا بأنّ إيران تبني قواعد عسكرية في سوريا ولبنان، لافتة إلى تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» من أن إيران مشغولة بتحويل السوريين إلى دعم عسكري لهم.
كما لفتت إلى دول أخرى قرأت الوضع جيدًا وتسعى الآن إلى التعاون مع إيران المتصاعدة والتحالف معها؛ فقطر الآن قريبة من طهران، كما استضافت تركيا مؤخرًا وفودًا إيرانية رفيعة المستوى.
وعلى الرغم من أن المليشيات الشيعية مفيدة في التخلص من جهاديي «تنظيم الدولة» في العراق، لكن الاضطراب لا يزال ملموسًا في المناطق المحيطة بالموصل المحررة، وفرّ عراقيون إلى المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي؛ لتجنب «تنظيم الدولة» والآن للهروب من المليشيات.
فالحرب في سوريا تركت المدن فارغة وخلّفت الملايين من اللاجئين الذين فرّوا ولا يريدون العودة إلى ديارهم، التي تسيطر عليها المليشيات الطائفية. وفي لبنان، تتزايد العداءات ضد اللاجئين السوريين، كما يشكّل 1.4 مليون لاجئ هربوا إلى الأردن ضغطًا كبيرًا على اقتصاد البلاد.
تهديد «إسرائيل»
وختمت الصحيفة بأنه إذا سُمح لإيران بترسيخ مكانتها في الشرق الأوسط فستصبح «إسرائيل» مهددة، مضيفة أنه من المرجح أن تندلع جولة أخرى من الصراع الطائفي؛ فصورة الشرق الأوسط بعد تنظيم الدولة يجب أن تكون إيجابية وخالية من سرطان التطرف.