في الوقت الذي أطلقت فيه منظمات حقوقية صفارات الإنذار بمناسبة حلول اليوم العالمي لـ«الاخنفاء القسري»، انتفض الإعلام المصري ضد ضرب «جرو» وتعذيبه من صاحب مقهى في القاهرة؛ بينما رأى ناشطو حقوق إنسان أنّ الإعلام يبيع الحقيقة ويتجاهل الكارثة التي تعيشها مصر.
وتحتفل الأمم المتحدة منذ عام 2011 بـ«اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري» في 30 أغسطس من كل عام، بعد أن تبنت الجمعية العامة اتفاقية دولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري.
ونقل موقع «صدى البلد»، المقرب من الأجهزة الأمنية، عن شاهدة عيان تفاصيل كاملة لضرب صاحب مقهى في ميدان لاظوغلي بالقاهرة جروًا، وفرد الموقع تفاصيل الواقعة وكأنها ضحية مشهورة.
ومنذ الثالث من يوليو 2013، يواجه نظام السيسي انتقادات محلية ودولية لارتكابه «تجاوزات» تتعلق بـ«الاختفاء القسري»، غير أن الحكومة تنفي وجود حالات اختفاء قسري.
ريجيني.. بداية الملف
فتحت واقعة العثور على الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في فبراير الماضي النار على النظام المصري؛ خاصة بعدما تبين أنه تعرض إلى الاحتفاء القسري ومات نتيجة التعذيب.
استمرار الإخفاء القسري
وقبل أيام من عيد الأضحى المبارك، قادت قوات الأمن حملات اعتقال دون سند قانوني؛ ففي القليوبية اعتقلت 16 مواطنًا من قرى مركز كفر شكر والمنشأة الصغرى.
وتعرّضت الطالبة منة الله المهدي محمد (20 عامًا)، بكلية الدراسات الإسلامية، إلى الإخفاء القسري لليوم الثالث والعشرين على التوالي؛ بعدما قُبض عليها يوم الاثنين 7 أغسطس الجاري أثناء زيارتها لأخيها في سجن جمصة العمومي الشديد الحراسة.
كما اختطفت قوات الأمن مساء أمس شبابًا يقضون عطلتهم الصيفية في حي الهانوفيل بمحافظة الإسكندرية.
وأعلنت «التنسيقية المصرية للحقوق والحريات» أنّ 254 شخصًا اختفوا قسريًا في الفترة من 1 يناير وحتى نهاية يونيو الماضيين.
وفي تقرير إحصائي أصدرته في 6 أغسطس الجاري، قالت إن جميع الذين رُصد اختفاؤهم قسرًا من الذكور، ولم يظهر منهم سوى 47 شخصًا فقط، موضحة أن 104 أشخاص من القائمة المذكورة تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا و35.
وبحسب التقرير، يعد مايو الماضي أكثر شهر في النصف الأول من العام الجاري سُجّلت فيه حالات اختفاء قسري، بلغت 67 حالة.
وفي إحصائية أخرى، قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان إنّ عدد المعتقلين تعسفيًا في الربع الأول من العام الجاري بلغ 871 شخصًا، بينهم 27 قاصرًا اعتقلوا بعد مداهمة منازلهم ليلًا أو خطفهم من الجامعات والشوارع والأماكن العامة.
وبلغ عدد المختفين قسريًا في فترة رصد التقرير، وفقًا للشكاوى التي تلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، 266 شخصًا على الأقل؛ أي ما يقارب من 30.5% من إجمالي عدد المعتقلين.
«الداخلية» تنفي
وزعم وزير الداخلية اللواء «مجدي عبدالغفار»، في تصريح صحفي سابق، أنه «لا توجد حالة اختفاء قسري واحدة في مصر، والشرطة المصرية لا يوجد في قاموسها هذا المصطلح».
والاختفاء القسري هو رفض الجهات الرسمية القول إنها تحتجز شخصًا بالفعل أو ترفض الكشف عن مصيره.
دولة رعب
وعن قضية الاختفاء القسري التي تشهدها مصر، يقول محمد زارع، الناشط الحقوقي، إنّ «العالم الغربي يرى مصر دولة رعب؛ بسبب تزايد حالات الإخفاء القسري، التي تحوّلت إلى ظاهرة، بينما الإعلام يتجاهل الحقيقة؛ إذ تعتقل الشرطة الأشخاص دون إذن نيابي ثم تخفيهم في أماكن مجهولة دون تقديمهم إلى النيابة لمدة قد تزيد على ثلاثة أشهر».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ الإخفاء القسري جريمة دولية تؤثر على سلامة المجتمعات؛ فالنظام الممارس لها يستهدف إرهاب الشعب، فالإخفاء أشد من القتل؛ محذرًا من تعرض عشرات المختفين قسريًا إلى التصفية الجسدية على أيدي قوات الأمن المصرية بعد اعتقالهم بشكل غير قانوني، ومن ثم اختلاق روايات كاذبة بمقتلهم أثناء اشتباكهم مع قوات الأمن.
منع زيارة السجون
وكشف عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنّ «وزارة الداخلية عطّلت قانونًا ينظّم أمور السجناء ويسمح للنيابة العامة بمراقبة الأمر وتزيل أي مخالفة»، فضلًا عن السماح لـ«المجلس» بزيارة السجون في أي وقت.
وقال في تصريحات صحفية له الأحد الماضي: «إذا كنا نريد دعم السجناء فلا بد من دعم النيابة وحقوق الإنسان والنظر إلى ما يتعلق بأمور الحبس الاحتياطي والإجراءات الاحترازية».
بناء 16 سجنًا
وفي العام الماضي، بُني في مصر 16 سجنًا، بحسب الشبكة العربية لحقوق الإنسان، التي قالت في بيان لها في يوليو 2016 إنّ الأمر لم يقتصر على زيادة وتيرة قرارات إنشاء السجون؛ بل امتد ليشهد توسعًا هائلًا في طاقتها الاستيعابية.
ويوجد في مصر أكثر من 60 ألف معتقل، إضافة إلى أعداد السجناء الجنائيين في 42 سجنًا موزعة على 25 منطقة، أشهرها منطقة سجون طره التي يوجد فيها سجن العقرب المشدد ومنطقة سجون أبي زعبل بالقليوبية (جنوب القاهرة).