أثار تراجع نظام عبد الفتاح السيسي المفاجئ عن محاولات تعديل الدستور من أجل مد فترة مدة الرئاسة إلي 6 سنوات بدلا من 4 فقط، التساؤلات حول أسباب هذا التراجع، خاصة وأنه جاء بعد قيام أمريكا بتخفيض برنامج المساعدات لما يقرب من 300 مليون دولار، بسبب وضع حقوق الإنسان، فيما أشارت تقارير صحفية أن تخفيض المساعدات جاء نتيجة حديث النظام عن تعديل الدستور.
ورغم ما شهدته وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية من حشد لدعم مد فترة الرئاسة لست سنوات، والإعلان عن تقديم مقترح برلماني لتعديل الدستور للنائب إسماعيل نصر الدين، واتجاه البرلمان لتمرير هذا التعديل في الفترة المقبلة، إلا أن كل المدافعين تراجعوا عن التعديل، في الوقت الذي تبرأ الكثير منهم من الفكرة، بل وحاربها.
مخاوف أميركية
ومن جانبه قال السفير عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن تراجع النظام عن تعديل الدستور، ومد فترة رئاسة السيسي 6 سنوات أمر مثير للجدل، خاصة بعد الحملة القوية للنظام التي كان يمهد فيها لتعديل الدستور، حيث كانت تشير هذه الحملة، إلى صعوبة تراجع النظام عن هذا المطلب.
وأوضح الأشعل في تصريح خاص لـ«رصد»، أن تراجع النظام بعد خفض المعونة الأمريكية، يوضح أن النظام الأمريكي هو من يقف خلف هذا التراجع، مشيرا إلي أن رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا الأمر يعود إلي مخاوف جهات أمريكية نافذة من تداعيات كارثية لهذا التعديل غير الدستور وغير القانوني علي استقرار مصر الهش وتكرار سيناريو 2011 بشكل يهدد مصالح واشنطن وشركائها الأوروبين الذين نقلوا لواشنطن انزعاجهم من رهان أمريكي علي النظام القائم في القاهرة في الوقت الذي لا يمتلك الحد الأدني من اللياقة الدولية .
واستبعد الأشعل أن يكون هذا التراجع نهائي، حيث أنه من الممكن إعادة فتحة مرة أخرى خلال الفترة الرئاسية الثانية للسيسي، وأن الموقف الأمريكي لا يهمة حدوث تحول ديمقراطي في مصر، بقدر اهتمامة باستقرار الأوضاع والحفاظ على مصالحة.
البداية مع شفيق
وبدأ تراجع نظام السيسي عن تعديل الدستور، بعد تدوينة الفريق أحمد شفيق والذي قال : «نصيحتي لكل من يبدي رأيا مؤيدا لتعديل الدستور في هذه المرحلة، نصيحتي لهم توقفوا عن هذه التصرفات الصبيانية غير المسؤولة، وغير الواعية للآثار السلبية المترتبة على هذا الإجراء».
فيما وصف المتحدث الرسمي لحزب الحركة الوطنية المصرية، خالد العوامي، هجوم نائبي البرلمان إسماعيل نصر الدين ويحيى كدواني، على رئيس الحزب الفريق أحمد شفيق، بأنه «ردة للوراء من نواب أقسموا اليمين على احترام الدستور فإذا بهم ينقلبون عليه ليس لسبب إلا لتغيير مدد الرئاسة».
ووجه العوامي رسالة أمس الجمعة، للنائبين، قائلا: «الأوطان هي التي تبقى والهدف يفترض أن يكون بقاء الوطن وليس بقاء أي حكم أو نظام»، متسائلا: ألهذا الحد تعبث السياسة عندنا بالعدالة والنظام والأخلاق؟، واصفا الأمر بأنه «شيء مخيف».
واستنكر هجوم النائبين على شفيق، مؤكداً أنهما «تركا أصل الموضوع، تعديل الدستور، وشنا قدحا مغرضا ليجرونا إلى نقاش فرعي لا صلة له بمواد دستورية، ويخططان مع ذمرة من النواب للعصف بها، ونقول لتلك الذمرة ربما نمقت بل ونبغض ما تبدونه من آراء، لكننا مستعدون للدفاع حتى الموت عن آرائكم شريطة أن تخلوا من الهوى والأكاذيب».
وتابع: نود أن نلمح إلى حقائق تكشف ما نفوسكم من غرض غير منزه عن الهوى، منها أن الفريق لم يعلن ترشحه للرئاسة كي تزعموا أن الشارع المصري سخر منه، ولا نعلم هنا من أين أتيتم بأكذوبة سخرية المصريين؟.
تراجع النظام
فيما توقعت مصادر برلمانية ألا يناقش البرلمان، أى تعديلات على الدستور، خلال العام الجارى، كما أن الأمانة العامة للمجلس لم تتلق أى طلبات لتعديل الدستور، واصفة ما تردد خلال الأيام الماضية حول تعديل مدة الرئيس، بأنها اجتهادات وآراء فردية من بعض النواب.
وقال مصطفى بكرى عضو مجلس النواب، وأحد المقربين من النظام، في تصريحات صحفية، أمس الاثنين، أن الحديث عن تعديل مدة رئيس الجمهورية ليس فى مصلحة الوطن، مشيرا إلى أن عبدالفتاح السيسى أكد من قبل أنه لا يرغب فى ذلك.
وأضاف: «أتمنى أن يكف كل من تحدث عن تعديل الدستور عن هذا الكلام، ولا يجب بأى حال من الأحوال المزايدة من الآن والمطالبة بمد فترة الرئيس، خاصة أن هذا الأمر سيتسبب فى إثارة العديد من الأزمات والمشكلات، وأتمنى أن يرفض الرئيس كل هذه المحاولات التى تجهض نضال الشعب المصرى طيلة الأعوام الماضية».
من ناحيته، قال أسامة هيكل، عضو مجلس النواب، عن ائتلاف دعم مصر، ائتلاف الأغلبية داخل البرلمان، إنه ليس لديه معلومات بأن مصر مقبلة على تعديلات دستورية خاصة بمد فترة رئيس الجمهورية، واصفاً ما تردد فى هذا الشأن بأنه مجرد تكهنات.
وأضاف، أن مصر تحتاج من البرلمان خلال دور الانعقاد الثالث إصلاحات اقتصادية وليس تعديلات دستورية، وفى حاجة إلى إعادة النظر فى الاقتراض والتعامل معه بشكل مختلف، كما تحتاج إلى إصلاح نقدى، مطالبا البرلمان بالاجتهاد فى هذه الأمور بدلاً من الحديث عن تكهنات.
وقال هيكل خلال حوار صحفي مع «الشروق» إن المادة 140 تقول لا يجوز إعادة انتخاب الرئيس إلا مرة واحدة ولا يجوز أن يشغل منصب حزبى. التغيير الذى يتم الحديث عنه يتناول توسيع المدة، لكن فتح المدد خطيئة كبرى فى النظم الديمقراطية وتعطى انطباعا أن النظام أصبح مستريحا فلا يتم تداول السلطة وتأتى الأجيال القادمة وينتهى الأمر بثورة مثلما حدث فى يناير.
وشدد على أن فتح المدد أمر مستحيل، ويعيدنا لما قبل 2011 وتعديل المدة من أربع سنوات بست سنوات سيترك تأثير نفسى فى الداخل والخارج، موضحا أنه فى الخارج شكلنا سيكون سيئ جدا وفى الداخل سيظهر أن السيسي جاء بانتخابات وفق نص الدستور 4 سنوات وتم