اعترت حالة من الغضب الأقباط المصريين من النظام السياسي الحالي، الذي فشل في حمايتهم، بل ومنع صلاتهم في عزبة الفرن بمحافظة المنيا، ولم يستطع منع تفجيرات الكنائس، إلا أن هذا الغضب لم ينعكس على قيادات ونخب الأقباط، وواصل الأهالي دعمهم لنظام السيسي.
العديد من الرسائل وجهها قيادات ونخب الأقباط للسيسي مطالبة بحمايتهم، حيث حملت هذه الرسائل نوعا من المناشدة والتوسل للسيسي، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب استمرار الأقباط في التوسل للنظام الحالي من أجل حمايتهم.
عماد جاد يناشد السيسي
ووجه النائب البرلماني عماد جاد رسالة إلى عبد الفتاح السيسي، معبرًا فيها عن حب الأقباط وتأييدهم له، مطالبًا إياه بضرورة إيقاف ما أسماه التمييز الذي يمارسه بعض موظفي الدولة ضد المسيحيين.
وقال جاد في مقال نُشر له بـ«الوطن» تحت عنوان: خطاب مفتوح إلى سيادة الرئيس: «سيادة الرئيس، تفاءل الأقباط بعهدك وساد بينهم إحساس عام بأن عهدك سيكون عهد سلام وأمن ومساواة، عهد تنتهى فيه معاناة الأقباط وتتوقف سياسات التمييز ضدهم، لذلك نزلوا بكثافة للتصويت لك وتحرير دستور البلاد الجديد، وبذلت الكنيسة جهوداً ضخمة في شرح حقيقة ما يجري في البلاد للعالم الخارجي، وقد حضرت ذلك بنفسي في حوار قداسة البابا مع أعضاء البرلمان الأرثوذكسي في «يريفان»، عاصمة أرمينيا، وشهدت جهود مبعوثيه في نيويورك وعواصم أوروبية».
وتابع: «سيادة الرئيس، اتخذت خطوات شجاعة وغير مسبوقة على طريق بناء دولة المواطنة، والأقباط يتمنون ذلك، لكن يا سيادة الرئيس ما زال الظلم قائماً من قبل عناصر أمنية وتنفيذية لا تزال تعمل وفق عقلية التمييز، تستخدم المتطرفين فزاعة لمنع بناء الكنائس وحرمان الأقباط من الصلاة إلى خالقهم، خالق الكل، الأمر الذى أصاب قطاعاً منهم بالإحباط، وهناك من يستغل ذلك داخل أجهزة الدولة الأمنية ومؤسساتها التنفيذية كي يؤثر سلباً على حب وتقدير الأقباط لك وعلى الإنجازات التى تحققها سيادتك على الأرض في كافة المجالات».
رسالة الأقباط للسيسي
وفي محاولة من الأقباط لحل الأزمة، طالبوا عبد الفتاح السيسي بالتدخل، ومنحهم الحق في إقامة الصلاة، وأرسل مسيحيو «عزبة الفرن» ببرقية إليه، حملت توقيعات 44 شخصًا.
روى الأهالي في برقيتهم ما حصل، وقالوا: «نحن أهالي عزبة الفرن التابعة لمركز أبو قرقاص في المنيا، مصريو الجنسية، لقد تعرضنا صباح اليوم 20 أغسطس لإهانات بالغة وتم منعنا من الصلاة، وإقامة الشعائر الدينية كالمعتاد».
وأضاف الأقباط في رسالتهم للسيسي: «فوجئنا بقيام قوات من الشرطة بمداهمة ومحاصرة القرية لمنع الأقباط المصريين من الصلاة وإقامة الشعائر الدينية ومنعنا الخروج من منازلنا قسرا والتعدي بألفاظ لا تليق بالمواطن المصري وفقا لما تؤكدونه سيادتكم في كل اللقاءات، ولكننا وجدنا اليوم تنفيذ عكس توجهات سيادتكم وكأننا مجرمون أو خارجون على القانون مطلوب تقديمنا للمحاكمة بتهمة إقامة شعائر الدينية، وهل إقامة الشعائر الدينية جريمة؟ أين المساواة إذن؟ نلجأ لسيادتكم مستغيثين لوقف تلك التصرفات التي تمارس ضدنا ومنعها».
اتفاقية الدعم مقابل الأمن
ذكر موقع «يو تي في» الألماني، أن الحكومة المصرية بإدارة عبد الفتاح السيسي تحاول «جاهدة» وقف أعمال العنف ضد مسيحيي مصر، زاعمًا أن وضعهم في البلاد يسير كالآتي «دعم النظام مقابل الحصول على الأمن»، ولكن الأحداث الأخيرة أثارت الشكوك حول إكمال هذا الاتفاق حتى انتخابات 2018.
وقال الموقع، في تقريره، «إن المتطرفين بأعمالهم الإرهابية ضد المسيحيين يهددون بتدمير العلاقات القديمة الجيدة بين قطبي الأمة في مصر».
وأشار إلى بعض آراء الناشطين في مجال حقوق الإنسان، من الأقباط، حيث يرون أن المجتمع القبطي الآن في حالة انقسام بشأن دعم النظام المصري في انتخابات 2018، فهناك فريق ينتابه غضب شديد من الدولة عقب تكرار حوادث الإرهاب ضد الكنائس، نتيجة الشعور بوجود ضعف أمني بشأن تأمين الكنائس.
وعلى الجانب الآخر، يؤكد بعض المراقبين أن الأقباط داعمون للنظام بقوة في الانتخابات القادمة، وأن الهجمات الإرهابية الأخيرة لم تضر علاقة الأقباط بالرئيس «السيسي»، بل بالعكس زادت من ارتباطهم بصورة أقوى من السابق؛ لإفشال مخطط هؤلاء الجماعات في تفريق فصائل الوطن، وإضعاف الدولة لأهداف سياسية بحتة.
وفي هذا الصدد، قال أحد بطاركة الطائفة الكاثوليكية، إن المسيحيين في الشرق الأوسط يعيشون بداخل «نفق»، متابعًا «أننا نرى أنه لا نهاية للعنف ضد الأقباط».
وأضاف البطريرك، الذي رفض ذكر اسمه، «أنه لا نهاية أيضا للاستغلال المسيحيين من قبل سياسة دولية انتهازية تعتبر منطقة الشرق الأوسط فقط كمجال للمصالح الاقتصادية والإستراتيجية».