دفعت تحركات الولايات المتحدة، الثلاثاء الماضي، لقطع المساعدات عن مصر إلى نشوء فرضيات بأنها مجرد صفقة لمساومة كوريا الشمالية؛ نظرًا لعلاقتها مع مصر، لكنّ المحللين استبعدوا ذلك؛ لسجل إدارة ترامب المليء بالفشل وسوء التخطيط.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأربعاء أنّ الولايات المتحدة ألغت مساعدات بـ95 مليون دولار وأجّلت صرف 195 مليون أخرى لأن مصر لم تحرز تقدمًا على مستوى حقوق الإنسان، وقالت إنّ الخطوة قد تكون استهدافًا غير مباشر لكوريا الشمالية، التي تربطها علاقات دبلوماسية قوية مع مصر.
وقالت شبكة «سي إن بي سي» إنّ «المحللين قالوا إنها استراتيجية جيدة؛ لكنها لا تنبع من إدارة فشلت في تقديم إصلاحات اجتماعية ووقعت في صدامات دبلوماسية وشهدت استقالات جماعية».
إذ يقول «فريدريك كاريير»، الباحث في العلوم السياسية بكلية «ماكسويل»، إنّ إيقاف المساعدات قد يكون وسيلة الولايات المتحدة لكسب النفوذ بدلًا من حرق العلاقات؛ لكنها بطريقة ما «خطة جيدة» على أن تكون جزءًا من جدول أعمال إدارة ترامب، مضيفة أن مصر لديها فرصة استعادة الـ195 مليون دولار المعلقة، والتي ستنتهي صلاحيتها أوّل سبتمبر المقبل.
ومع ذلك، اتفق «فريدريك» على أن تصاعد التوتر مؤخرًا مع كوريا الشمالية قد يكون الدافع وراء هذا التحول المفاجئ، مضيفًا أن مصر قد تكون نقطة ضغط مثمرة على كوريا الشمالية، وقد تكون هناك دوافع أخرى أيضًا؛ لكن إن صح التوقع بأن تعليقها بسبب كوريا الشمالية ستكون هذه الخطوة بالتأكيد الأحدث في نمط تطبيق الضغط على كوريا الشمالية.
وتعود علاقات مصر مع كوريا الشمالية إلى السبعينيات، عندما ساعد الطيارون الكوريون الشماليون على تدريب الطيارين المصريين قبل حرب 1973 ضد «إسرائيل». وتفيد التقارير بأن كوريا الشمالية حصلت فيما بعد على أول صواريخ باليستية من طراز سكود-B من مصر في 1979 أو 1980، وفقًا لمشروع «ويسكونسن» بشأن تحديد الأسلحة النووية، وهي هيئة بحثية غير ربحية، وقال تقرير تابع للأمم المتحدة إنه في عام 2015 استخدمت كوريا الشمالية ميناء بورسعيد المصري لتهريب الأسلحة إلى المنطقة.
لكنّ علاقات مصر مع الولايات المتحدة طويلة وكبيرة، ويبدو أن الإعلان الأميركي صدم الحكومة المصرية، بحسب الشبكة؛ ما أدى إلى الإلغاء الفوري للاجتماع المقرر بين المستشار الأعلى لدونالد ترامب جاريد كوشنر ووزير الخارجية المصري سامح شكري.
بينما قالت الولايات المتحدة إن هذه التحركات جاءت بسبب إخفاق مصر في إحراز تقدم على مستوى حقوق الإنسان، وهو أمر تمارسه الولايات المتحدة على مصر منذ سنوات؛ ولكنّ العلاقات بين السيسي وترامب اتسمت بالحرارة والدفء في الفترة الماضية.
وقال «أندرو فريمان»، محلل شؤون شمال إفريقيا في مركز استشارات المخاطر العالمية «كونترول ريسكس»، إنّ الحجج المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان ليست جديدة، لكنّ الفرق الطفيف الآن أنّ ترامب اقترح علاقات أكثر دفئًا مع مصر، مضيفًا أن (الرئيسين) يتشاركان في مظهر الرجل القوي، وتعليق المساعدات يتعارض مع ما رأيناه من الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة.
وقال إنّ المقياس الحقيقي لدوافع الولايات المتحدة ومدى امتثال مصر لهذه الضغوط يمكن أن ينظر إليهما من العلاقة الجارية بين مصر وروسيا، العدو الرئيس لأميركا.