منذ أن تم الاعلان عن الانتخابات الرئاسية عقب ثورة 25 يناير و ترشيح أحد افراد جماعة الاخوان المسلمين لهذا المنصب وأنا يتبادر الي ذهني سؤالا " هل سيترك الاخوان المسلمين السلطة في مصر بعد صراع عشرات السنين من أجلها فمنذ تأسيس جماعة الاخوان المسلمين و هي تسعي لحكم مصر من أجل ارساء الخلافة الاسلامة كما يدعون و تحويل مصر الي مستعمرة اخوانية من أجل السيطرة علي باقي الدول العربية، فلم يكن لها نشاط ديني دعوي فحسب و انما كان لها أهداف سياسية أو لنقل بعد انشاءها بعدة سنوات عندما بدأت الاحتكاك بالسياسة، ولذا فقد تم قمعها في مختلف العهود الي أن جاءت ثورة 25 يناير لترفع الظلم عن الشعب المصري بمختلف طوائفه رغبة في اعلاء المصلحة المصرية فوق المصالح الطائفية و الفئوية كما كان من قبل.
لقد كان أداء جماعة الاخوان المسلمين في الثورة المصرية وطوال المرحلة الانتقالية مذبذبا للغايه بما يحقق مصالحها فبين تأييد الشعب في تظاهرات و الوقوف من أجل تحقيق أهداف الثورة و بين رفض النزول لاستكمال الثورة و اتهام من ينزل و يضحي بروحه من أجل الوطن بالبلطجية و أحيانا يتم الاصطفاف مع المجلس العسكري في الوقت الذي يعمل المجلس بما يحقق مصلحة الجماعة. لذا لم يكن لها موقفا واضحا من أحداث الثورة كاملة و استكمال أهدافها، واحقاقا للحق فانني أقر أن عددا من شباب الجماعة ذهبت أرواحهم من أجل ثورة 25 يناير ومن أجل تحقيق حرية المواطن المصري من النظام المستبد. ولكني هنا أخص بالذكر القيادات التي تمتلك إصدار الاوامر و أقصد العقل المدبر لجماعة الاخوان المسلمين. فأكثر ما يثير غضي من تلك الجماعة و تنظيمها هو أنها تقوم علي مجموعة من الافراد تصدر القرارات و الاوامر ويتم طاعتها من جانب أفراد الجماعة فعندما أتحدث عن الجماعة أتحدث عن القيادات، العقل المدبر لجماعة الاخوان المسلمين، ففي حقيقة الامر أشعر أن أفراد الجماعة هم أدوات تستخدمها القيادات من أجل نشر فكرتها وإنجاح تنظيمها، لذلك أنا أرفض فكرة القطيع فقيادات الجماعة ما هم الا اناس قد يصيبوا أو يخطئوا.
وما دعاني للتطرق لتلك الامر هو ما كنا نسمعه من المشايخ و بعض أعضاء الجماعة الذين حصروا انتخاب رئيس اخواني في طاعة الله، و حصروا الاسلام في جماعة الاخوان المسلمين. دائما أشعر أن جماعة الاخوان المسلمين تنظيم كأي تنظيم في النهاية يسعي الي تحقيق مصلحته وان كان هناك رغبة في تحقيق مصلحة البلد بجانب ذلك. لكن الجديد في الامر أن هذا التنظيم وضع شعاره في الدين الاسلامي و هذه هي الكارثة، فليعلم الاخوان المسلمين أن فكرتهم قد تصيب أو تخطأ وقرارتهم قد تصيب أو تخطأ ولكن المشكله هنا هو تحدثهم باسم الدين أو ما أعتقد أنا المتاجرة بالدين من أجل تحقيق مصلحة الجماعة، لذا فاي خطأ يرتكبه اخواني يصب في دائرة الاسلام الذي وضع نفسه كرمز له . وبالتالي فقد انعكس سلبا علي صورة الدين الاسلامي الذي هو مترفع عن اخطاء البشر، وأصبحت قرارات جماعة الاخوان المسلمين ملتصقة بالدين فان أصابت فخير وان أخطأت " فهذا هو تطبيق الشريعة الاسلامية" كما يدعونه وان اقحام الدين في السياسة لهو أمر يضر البلد، وكذا مما نسمع في التعليق علي قرارات الاخوان.
السياسة ليس بها صواب وخطأ، بل انها قائمة في الاساس علي المصلحة. والايديولوجيات قابله للنقد فاي رئيس كان يأتي لمصر أخطاءه سوف تحسب عليه و علي ايديولوجيته أو علي انتماءه السياسي، أنما وجود رئيس اخواني جاء باسم الدين و ووضع الاسلام شعارا له، يجعل أخطاءه تحسب علي الدين الاسلامي. لهذا لم اجبر نفسي علي انتخاب رئيس اخواني، أي كان شخصه، من أجل رفض مرشح الفلول. انني لم أتحدث عن الرئيس محمد مرسي بعينه. فهو الان رئيسنا شئنا أم أبينا ونحن نحترم الديمقراطية، التي لا تعرفها ولا تفضلها جماعة الاخوان المسلمين القائمة علي طاعة الاوامر، فالله أعلم بنيته ولكنه في الظاهر يبدو عليه محاولة أرضاء مختلف الاطراف.
كل ما أطلبه الان هو تقنين وضع جماعة الاخوان المسلمين و مادام قد تم انشاء حزب الحرية والعدالة فاعتقد أن جماعة الاخوان المسلمين ينبغي أن تعود لدورها الاول كجماعة دعوية بعيدا عن الدخول في السياسة. ليصبح حزب الحرية والعدالة شأنه شأن أي حزب سياسي يسعي للسلطه و يتم انتخابه وتقييم دوره من خلال أداءه علي الساحه السياسية حتي وان كانت رغبتهم بان يكون الدين مرجع لهم، فالاصل في تقييم الشعب المصري له هو الاداء السياسي. ان كانت تريد جماعة الاخوان المسلمين طمأنه الشعب المصري من هاجس أخونة الدولة فلابد لها أن تعلن أنها جماعة دعوية تدعو الي قيم الدين الاسلامي، وأن حزب الحرية والعدالة شأنه شأن باقي الاحزاب السياسية جاء الي السلطه بناء علي برنامج سياسي يريد تحقيقه، وأنه ما هو الا حزب حاكم قد يوضع موضع أي حزب معارض في الانتخابات القادمة.
المصدر : رصد