يعتبر النظام الإماراتي الإعلام أحد أهم أذرعه للتدخل في شؤون البلاد الأخرى، والتحكم في الرأي العام طبقا لسياسته.
واهتم النظام الإماراتي بالسيطرة على الإعلام المصري، منذ اللحظات الأولى لثورة 25 يناير، حيث حرص على دعم أغلب القنوات الفضائية، والصحف، كما أسس هو بنفسه العديد من الوسائل الإعلامية الأخرى.
الإعلام كان الذراع الأقوى الذي ولته الإمارات اهتماما كبيرا لزعزعة الاستقرار في مصر من خلال العزف على وتر السلبيات والتجاوزات وخلق الأزمات وتصدير صورة سلبية عن حكم الدكتور محمد مرسي، حيث تم ضخ المليارات من الدولارات لبناء مؤسسات إعلامية قادرة على القيام بهذا الدور.
تمويل الإمارات لوسائل إعلام مصرية ساعدها في فرض أجندتها الخاصة على السياسة التحريرية لهذه الوسائل، خاصة ذات الانتشار الواسع كصحيفة اليوم السابع والمصري اليوم والوطن، والبوابة نيوز، وموقع دوت مصر، وغيرهم.
بالإضافة إلى تمويل إنشاء بعض المراكز البحثية والإعلامية التي تخدم توجهاتها مثل المركز العربي للدراسات والبحوث الذي يديره البرلماني عبدالرحيم علي، المقرب من الإمارات ودوائر صنع القرار المصري، فضلا عن تقديم الهدايا والمكافآت لعدد من الإعلاميين بهدف الالتزام بالتعليمات وتنفيذ المطلوب على أكمل وجه، كما كشفت تسريبات «ويكيليكس».
محمد دحلان كلمة السر
جاءت زيارة محمد دحلان، القيادي المفصول عن حركة فتح، والمقيم في الإمارات، والمقرب من النظام الاماراتي، إلى صحيفة اليوم السابع، والحفاوة في استقبالة، من قبل الصحيفة، لتوضح دور هذا الرجل في سيطرة الإمارات على الإعلام المصري.
فالرجل الذي يعتبر المستشار السياسي للشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي يمتلك علاقات قوية مع الوسط الإعلامي المصري، من خلال الصداقات الشخصية التي تربطه ببعض أعضاء غرفة صناعة الإعلام وملاك القنوات الفضائية والصحف والمجلات، فضلا عن الأموال التي يضخها ليل نهار، وصورته مع هيئة تحرير صحيفة اليوم السابع خير تعبير عما وصل إليه توغل الرجل في منظومة الإعلام المصري.
وسائل الإعلام المصرية التي يسيطر عليها دحلان
تمويل الإمارات للإعلام المصري، كان دحلان هو كلمة السر فيه، وكان هو من يحدد حجم التمويل الذي شمل أغلب وسائل الإعلام مثل، «CBC» و«الحياة» و«القاهرة والناس» و«ON TV» و«TEN» و«النهار»، إضافة إلى بعض المراكز البحثية الأخرى كالمركز العربي للدراسات والبحوث، ومركز الدراسات الإقليمية والسياسية، وبعض المواقع الإخبارية الأخرى، مثل «البوابة» و«الفجر» و«دوت مصر» و«التحرير».
أثارت زيارات دحلان المتكررة لمصر، ولقائه بعدد من الإعلاميين فضلا عن بعض السياسيين بما فيهم السيسي نفسه جدلا وتساؤلات لدى الكثير من المهتمين بالشأن المصري، وهو ما عبر عنه الإعلامي المصري «سيد علي» مستنكرا الحفاوة البالغة في استقبال الرجل متسائلا: «قولوا لنا يا دولة ما هو الوضع الدستوري والقانوني والشرعي لدحلان حتى يتم استقباله بهذا الشكل؟».
وقال علي في برنامجه على قناة «المحور» سبتمبر الماضي: «عندي معلومات ضخمة وخطيرة عن سر وجود دحلان بالقاهرة، ولن أكشف عنها، وما أقوله لا يجرؤ أحد على الكشف عنه، لا تقولوا للأمن القومي، نريد معرفة سبب وجوده»، مضيفا أنه «عرّاب بعض الجهات السياسية والإعلامية، وعندما تفتح الملفات بشكل شفاف سنعرف ماذا تم بعد 25 يناير».
ونشر الكاتب الصحفي وائل عبد الفتاح مقالًا آنذاك أكد فيه تلك الإنباء، حيث قال: إن «الإمارات ضخت مليار دولار في الإعلام المصري، أشرف على توزيعها القيادي المطرود من حركة «فتح»؛ من أجل السيطرة على الإعلام المصري وتعزيز دور الأذرع الإعلامية من أجل خدمة أجندة النظام الإماراتي بشكل عام والعسكرية بشكل خاص».
مقال عبد الفتاح أشار أيضًا لوجود أموال سعودية في طريقها لمصر لنفس الهدف في إطار المنافسة بين الدولتين من أجل السيطرة على الإعلام المصري، وأضاف: أن «المليار دولار الإماراتية جاءت عن طريق «دحلان»، بينما كانت الواجهات من نصيب رجل الأعمال المصري «إيهاب طلعت»، مشيرًا إلى أن المليار دولار الإماراتية تم صرفها بالكامل».