"الله يفضحكم يا ملوك العرب " تلك هى صرخة امرأة فلسطينية منذ ثلاثون عاما صرختها فى مخيمات صبرا وشاتيلا عندما قتل أبنائها وزوجها وجيرانها بيد الغدر فى مخيمات اللاجئين بلبنان، فبعد ثلاثون عاما مضت لازالت صدى صرختها يدوي في سوريا فالعرب باقون بصمتهم ولازالوا ينظرون الى الارض خوفا من النظر الى امراءة لا يستطيعون حمايتها
و تعود أحداث مجزرة صابرا وشاتيلا الى 16سبتمبر 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني المسيحى وجيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي.
و يتراوح اعداد الشهداء ما بين 3500 و 5000 شهيد اغلبهم من النساء والاطفال و الشيوخ المدنيين ، وفي ذلك الوقت كان المخيم مطوق بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي و الجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون وزير الدفاع " الاسرائيلى " آنذاك .
إعداد مسبق
و لم تكن مجزرة صابرا وشاتيلا مجزرة عشوائية بل تم الترتيب لها بدقة بالغة حيث بدأت احداثها عندما صمدت القوات الفلسطينية والقوات الوطنية اللبنانية لمدة شهرين.
قام بعدها المبعوث الأمريكي فيليب حبيب بالتوسط بين الطرفين، وقد توصل الأطراف إلى اتفاق نص على انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت تحت إشراف قوات متعددة الجنسية والتي ستحل مكان قوات المنظمة.
وقد تضمنت اتفاقية حبيب تسليم بيروت الغربية للجيش اللبناني، وتعهد حبيب باسم دولته ( الإدارة الأمريكية) بضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين في المخيمات بعد خروج القوات الفلسطينية منها.
و انتهت عملية إخراج عناصر منظمة التحرير من بيروت في 1 سبتمبر 1982 .
في 10 سبتمبر 1982 تركت القوات متعددة الجنسية بيروت، في اليوم التالي أعلن شارون أن" 2000 إرهابي قد بقوا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في منطقة بيروت."
تواطؤ عربى
و لم تخلو تلك المجزرة من التواطؤ العربى فيها حيث يتفق المؤرخون والصحفيون أن الاتفاق بين القيادة العسكرية "الإسرائيلية "وحزب الكتائب اللبناني لتنظيف المخيمات الفلسطينية تم في اجتماع بين ارئيل شارون وبشير الجميل في بكفيه بتاريخ 12 سبتمبر.
وقبل حدوث المجزرة بساعات تم اخلاء 1400 مقاتل فلسطينى والذين كانوا يقومون بحماية الاهالى فى مخيمات صابرا وشاتيلا
و فى يوم 15 سبتمبر حلقت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على ارتفاعات منخفضة في سماء بيروت الغربية، وقد أعلنت القوات الإسرائيلية دخولها المنطقة وإحكام السيطرة عليها.
بدءً من الساعة التاسعة صباحا تواجد الجنرال شارون شخصيا لإدارة العملية وتوجيه القوات الإسرائيلية. وقد كان متمركزا في المنطقة العسكرية على مفرق السفارة الكويتية على حواف مخيم شاتيلا في الطابق السادس من عمارة مطلة على مخيمي صبرا وشاتيلا المجاورين.
عندما حل منتصف النهار، كان المخيمان محاصرين تماما من قبل القوات الإسرائيلية بجنودها ودباباتها والتي وضعت الحواجز لمراقبة كل من يدخل ويخرج من منطقة المخيمات، ومع بداية عصر اليوم قامت القوات الإسرائيلية بقصف المخيمات بمدفعيتها.
في 16سبتمبر وقت حدوث المجزرة ، كان الجيش الإسرائيلي مسيطرا على بيروت الغربية بالكامل، اصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بيانا صحفيا أعلن فيه أن " الجيش الإسرائيلي يسيطر على جميع النقاط الإستراتيجية في بيروت وان مخيمات اللاجئين المليئة بالإرهابيين محاصرة."
في ساعات الصباح قامت عناصر الجيش الإسرائيلي بالقصف المدفعي للمخيمات من مناطق مرتفعة محيطة بها، وقام القناصة الإسرائيليون بقنص من تواجد في شوارع المخيم.
في منتصف النهار سمحت القيادة العسكرية الإسرائيلية لقوات الكتائب أن تدخل المخيمات. في الساعة الخامسة مساء دخل ما يقارب 150 عنصر مسلح من حزب الكتائب اللبناني المسيحى إلى مخيم شاتيلا من الجنوب والجنوب الغربي ، ونفذوا المجزرة وقتلو ما يقارب من3500 شهيد .
صمت عربى
و يحكى الناجون من المجزرة أن أغلب من استشهدوا دفنوا فى مقابر جماعية واغلب المقابر تحتوى على رفات الجثث غير معلومة الهوية سوى أنهم من شهداء صابرا وشاتيلا وهناك العشرات من المفقودين حتى الأن ولازال هناك من يبحث عن ابناءه و ازواجه الذين فقدوا منذ ثلاثين عاما من جراء المجزرة .
و بالرغم من بشاعة المجزرة وضخامة أعداد الشهداء الا ان الصمت العربى كان سيد الموقف فلم يحدث اى تحرك عربى حتى ولو بلجنة لتقصى الحقائق فلم يحقق فى المجزرة سوى لجنة كاهانا التى شكلتها اسرائيل عام 1982بعد ان تظاهر 400 الف اسرائيلى نددوا بالمجزرة و حملت شارون المسئولية الرسمية عن هذه المجزرة الا انه لم يمثل امام أية محاكمة فهكذا يكون الوضع عندما يصبح الجلاد قاضيا .
و بالرغم من إقرار مجلس الأمن بأن ما أقترف بحق مخيمي صبرا وشتيلا كان مجزرة إجرامية، ووصفت بأفظع جرائم القرن العشرين في الذاكرة الجماعية للإنسانية، إلا أنه لم تجري محاكمة أو محاسبة أي مسؤول عن تلك الجريمة.
و لا يزال أهالى ضحايا المجزرة والتي تعتبر واحدة من أبشع المجازر في تاريخ الإنسانية وتاريخ الشعب الفلسطيني، ينتظرون بترقب أن تتم محاكمة المسؤولين عنها .
و يقول الكاتب الامريكى روبرت فيسك فى مقال له بمناسبة الذكرى الثلاثون للمجزرة بأن رؤساء دول وحكومات يصطفون في مانهاتن لتأبين ضحايا أحداث 11 سبتمبر، في حين لم يتجرأ زعيم غربي على زيارة القبور الجماعية التي تغطيها أشجار قذرة وصور باهتة للضحايا في صبرا وشاتيلا.
كما أنه لم يحاول أي زعيم عربي على مدى 30 عاما زيارة مقبرة جماعية تضم 600 من أصل 1700 فلسطيني.
هذا هو حال الرؤساء والملوك العرب الذين لم يتجرؤا على المطالبة بحق الضحايا العرب فتعددت المجازر سواء بيد الاحتلال فى فلسطين أو بيد بشار بحق أبناء شعبه فلم نعد نتذكر المجازر من كثرتها، فاصبحنا نحاول احياء ذكراها كل عام حتى لا تضيع من اذهان الصغار ، وتحفر فى أذهان الزمان وتظل شاهدًا على جرائم الاحتلال وصمت العرب.
http://www.youtube.com/watch?v=ZquP2rwlkLw