شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوب لوج»: مصر تعارض محاولات الهيمنة السعودية على دول الخليج.. وصمتها بسبب «الرز»

سلمان وبن زايد وبن راشد

في ظلّ خطط السعودية التوسعية للهيمنة على الشرق الأوسط والسيطرة على سياسات الدول الصغرى في الخليج وافتعال الأزمة القطرية بمزاعم مختلفة، قالت صحيفة «لوب لوج فورين بوليسي» إنها غير حقيقية. وكشف مقال عن مستقبل المنطقة في ظل التحولات الجارية وموقف الدول العربية الصغرى والكبرى مما تفعله السعودية، لافتة إلى رفض مصر تحركاتها؛ لكن الأموال التي تتلقاها تجبرها على الصمت.

وبدأت الصحيفة مقالها بأن الاعتداء السياسي والاقتصادي على قطر من تحالف السعودية والإمارات لم يُظهر أيّ علامات حتى الآن على نجاحه في إثناء قطر عن إرادتها، والأخطر من ذلك أنه يبدي إشارات مشؤومة عن مستقبل الجغرافيا السياسية في شبه الجزيرة العربية؛ وهذا المستقبل لن يؤثر على إيران كثيرًا بقدر ما سيؤثر على السعودية، التي تقود حملة عدوانية جديدة من أجل الهيمنة على شبه الجزيرة العربية.

وقالت إنّ السعودية -بحكم الواقع- قادت الثورة المضادة، أو يمكن القول إنها كتلة معادية للتطور كرّست نفسها لمنع أي تغيير في الأنظمة أثناء ثورات الربيع العربي في 2011، تلك الأحداث التي نفضت الغبار عن أربعة أنظمة استبدادية «تونس ومصر وليبيا واليمن»، إضافة إلى سوريا التي ما زال نظام الأسد متمسكًا بالسلطة فيها.

لكن الأكثر إثارة للقلق ما يبدو أنّ المملكة العربية السعودية متورطة في خطة طويلة الأجل لتوسيع سلطتها وسيطرتها السيادية على شبه الجزيرة العربية ونشر الوهابية؛ فالسعودية المروج الرئيس للتفسيرات الضيقة للوهابية السلفية والمتعصبة للإسلام من المملكة المتحدة إلى إندونيسيا وجنوب إفريقيا.

أضافت الصحيفة أنّ الرياض لا تدعم الإرهاب بطريقة مباشرة؛ بل عبر تمويل المدارس والمساجد التي ينطلق منها دائمًا مبرر أيديولوجي للإرهاب، مؤكدة أن هيمنة السعودية على شبه الجزيرة لن يؤدي إلا إلى زيادة هذه المشكلة.

سياسة عدوانية

وأوضحت أن السياسات الخليجية العربية اتّسمت بالأعراف الاجتماعية المحافظة والحكم الاستبدادي الحذر، الذي يرفض أي شكل من أشكال «الراديكالية السياسية»، مضيفة أن السعودية سعت بصفتها كبرى دولة خليجية إلى الهيمنة على الدول الصغرى وإمارات الساحل المتصالح في الجنوب والإمارات إلى الشمال وجزيرة البحرين الواقعة على بعد أميال قليلة من الساحل السعودي، والدولة الصغرى ذات السيادة قطر.

وقالت أيضًا إنّ الكويت، التي تنتمي إليهم من حيث المبدأ، نجحت في أن تكون على مسافة بعيدة من الضغوط السعودية؛ بينما عانى اليمن الفقير على مدى قرون من محاولات الهيمنة السعودية عليه، وما زالت مستمرة في محاربته.

لكن الظروف في شبه الجزيرة تغيًرت مؤخرًا، وانقلبت سياسة المملكة بظهور محمد بن سلمان، الذي تخطى طابورًا من الأجيال؛ ومن المرجح أن يصبح الملك قريبًا، وقالت الصحيفة إنه جذب الأنظار حتى قبل أن يصبح ملكًا؛ مع إعلانه رؤية جديدة تطمح إلى فطم الاقتصاد السعودي من الاعتماد الكلي على النفط والتخلي عن قواعد دينية صارمة تتفق مع السياسات الجديدة التي يطمح إلى تحقيقها، ومن غير المرجح تحقيقها.

لكنه تبنى سياسة خارجية عدوانية غير تقليدية تتخلى فيها المملكة عن دبلوماسيتها المستترة إلى المواجهة العسكرية «المتواضعة».

ضد استقلال اليمن

وقالت إنه أعطى الإشارة الأولى لهذه اللعبة الجديدة، بقيادة حرب ضد اليمن في 2015؛ لتخليصه من النفوذ الإيراني الخطير بحسب زعم المملكة، لكن الواقع أن السعودية كانت دائمًا تكره الطابع المستقل لليمن الذي حافظ على مظاهر للديمقراطية.

ويتعرض اليمن حاليًا إلى اعتداء عسكري وحشي من المملكة والإمارات العربية المتحدة، وبدعم لوجيستي من الولايات المتحدة؛ ما أسفر عن انتشار المجاعات والأمراض والدمار على نطاق واسع في الدولة.

وتأسس مجلس التعاون الخليجي تحت قيادة المملكة العربية السعودية عام 1981؛ بهدف وضع سياسات مشتركة بشأن القضايا الإقليمية والنفطية في شبه الجزيرة العربية، وسُلّحت دول المجلس عبر صانعي الأسلحة الأميركيين والبريطانيين وأحيانًا الفرنسيين وحتى الروس، مضيفة: «حتى الآن، كل هذه الأسلحة الجديدة تعتبر في المقام الأول ضمانة لإنقاذها من الدول الغربية حال وقوعها في أزمة».

المواجهة الإيرانية

وتساءلت الصحيفة: «لكن، أي نوع من الأزمات: خارجية أم من إسرائيل أو روسيا أو إيران أو أزمات داخلية كالانتفاضة على سبيل المثال؟»، لافتة إلى أن المملكة وصفت إيران، وخاصة الإسلام الشيعي، بأنه أكبر تهديد لأمن الخليج؛ ومع ذلك لم تغزُ إيران أراضي الخليج، والاستثناء الوحيد هو ثلاث جزر خليجية صغرى نجح شاه إيران في انتزاعها من الإمارات منذ ما يقرب من نصف قرن، وتقدم إيران دعمًا عسكريًا متواضعًا غير مباشر ضد القوات التي تدعمها السعودية في اليمن.

ومن الناحية العسكرية، يسيطر التحالف السعودي بأغلبية ساحقة على الخليج ضد إيران، بمساعدة معدات عسكرية غربية جديدة؛ لكنّ إيران تمتلك هوية ثقافية قوية تعطيها الثقة والجرأة والإرادة للتحدي السياسي لمالكي الخليج، خاصة عبر الدعوة الإيرانية الطويلة الأمد إلى مزيد من الحكم الديمقراطي في الخليج، وإنهاء الملكية، والمعاملة العادلة للأقليات الشيعية المضطهدة إلى حد كبير فيه.

لفتت الصحيفة إلى أن الرياض تعادي إيران باعتبارها تهديدًا رئيسًا في الخليج، لكن حكام الخليج الآخرين أصبحت لديهم أسباب متزايدة للخوف من تصاعد المملكة في ظل قيادتها الشابة الجديدة؛ وهذا يعتبر السبب الرئيس لإظهار معظم دول الخليج دائمًا ترددًا في التوقيع على مخططات السعودية للسيطرة العسكرية المركزية في الخليج؛ خوفًا من تآكل سيادتها في مواجهة السلطة السعودية.

رهانات مستقبلية

فالأزمة القطرية الحالية تثير رهانات لم يسبق لها مثيل لحكام الدول الخليجية الصغرى، وسعى التحالف السعودي الإماراتي إلى محاولة إملاء «قطر» فيما يتعلق بسياستها الخارجية، ووقعت عليها عقوبات مدمرة في محاولة لإجبارها على مواءمة سياساتها الأكثر استقلالية مع السعوديين والإمارات العربية المتحدة؛ وإلا فسوف تعاني من عواقب وخيمة.

وقالت إنه في ظل الأزمة الحالية نستطيع أن نرى مستقبل الجغرافيا السياسية في شبه الجزيرة العربية.

وأضافت أن الكويت دولة ذات ديمقراطية جزئية، وأفضل دولة خليجية مستقرة ومحافظة على استقلاليتها عن الرياض، ولديها علاقات طويلة الأمد مع إيران والعراق، وكلاهما له حصة في الكويت لا يسيطر عليها الآخر؛ ما يوجب على الكويت أن تحافظ باستمرار على توازن دقيق بين الدول الثلاث «إيران والعراق والسعودية» من أجل الحفاظ على سيادتها.

أما البحرين، فهي جزر تقع على بعد أميال قليلة قبالة الساحل السعودي، وهي بالفعل تحت السيطرة السعودية بحكم الأمر الواقع؛ إذ تدعم القوات السعودية هناك نظام الأقلية السنية المحاصر. وفيما يتعلق بعمان، فهي دولة أكبر على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة، متميزة ثقافيًا وتاريخيًا عن غيرها من ملوك الصحراء في شبه الجزيرة، وتمثّل شعبًا عربيًا له روابط تاريخية طويلة مع الأرخبيل الإندونيسي وساحل شرق إفريقيا، وعملت عمان على وجود مسافة بينها وبين محاولات السيطرة السعودية على مر السنين وبشكل صارم.

واليمن الدولة العربية الأكثر تميّزًا من الناحية الثقافية في شبه الجزيرة، وهي دولة جبلية قوية لا تملك نفطًا؛ لكنها تتمتع بحس واضح بهويتها المتميزة وثقافتها التاريخية القديمة التي تخلق حصنًا ضد كل الهيمنة الخارجية، ومن المؤكد أن اليمن لن يُبتلع في أي دولة مستقبلية ضخمة في شبه الجزيرة.

وقالت إن جهود السعودية فشلت على مدار نصف قرن في ترويض استقلال اليمن، واليوم تقود حملة وحشيةضده بدعوى «ردع التهديد الإيراني».

وأوضح المقال أنّ الدول الخليجية الصغرى تعرف الوهابية السعودية جيدًا وتاريخ توسعها شمالًا على امتداد الخليج وحتى جنوب العراق عام 1801، وبعد الحرب العالمية الأولى شملت البحر الأحمر حتى الأردن والكويت، مضيفة: «يجب على المرء ألا يتخلى عن الحتمية التاريخية عند التحدث عن الوهابية، على الصعيدين الإقليمي والأيديولوجي، للسيطرة على شبه الجزيرة بأكملها فلديها الثروة والأسلحة للقيام بذلك».

وقالت إنّ هناك أمرين يقفان بين التوسع السعودي وضم المشيخات الخليجية الصغرى: الأول الانتهاكات السعودية الهائلة للقانون الدولي، والآخر مصالح الدول الكبرى الأخرى في المنطقة كالعراق وإيران وتركيا، التي ستمنع التوسع السعودي. وقالت إنّ مصر أيضًا كانت ستعارض بشدة مثل هذه التحركات؛ لكنها الآن فقيرة بشدة يائسة للغاية وتدار دون كفاءة، وعلى استعداد للصمت مقابل الدفع لها.

كما أنّ معظم الدول الخليجية الصغرى لديها فقر سكاني و85% من المواطنين فيها مهنيون أو عمال أو كتاب غربيون أو عرب أو آسيويون.

وتساءلت الصحيفة في نهاية مقالها عن نجاح السعودية في خططها ونوع السياسات التي ستدعمها الدولة الوهابية في شبه الجزيرة: هل هي مسلحة أم طموحة وحديثة؟ فهذه أفكار متضاربة، بينما التحركات نحو الهيمنة السعودية على شبه الجزيرة أصبحت واقعية؛ ما يجعل التكهنات حول خططها صحيحة.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023