عاد عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، فجأة إلى الظهور السياسي ليقود حملة ترفض المطالبة بتعديل الدستور .
وبدأت جبهة رفض تعديل الدستور، ورفض تمديد فترة حكم عبدالفتاح السيسي لـ6 سنوات تتشكل، مع إعلان «موسى»، رفضه مقترحات التعديلات الدستورية، كما سبقه بعض الأصوات من داخل النظام تعلن رفضها لهذه التعديلات.
وتشكل المادة 140 الهدف الأساسي من مطالب تعديلات الدستور، والتي تحدد مدة ولاية رئاسة الجمهورية، وكذلك عدد الفترات الرئاسية التي يحق للرئيس الترشح فيها، وذلك من أجل منح عبدالفتاح السيسي مدة رئاسية أطول.
وتنص المادة 140 من الدستور على أن ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه سوى لمدة واحدة مماثلة، وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بـ120 يوما، على أن تعلن نتيجة الانتخابات قبل انقضاء هذه المدة بـ30 يوما.
مؤسسة حماية الدستور
وجاء موقف مؤسسة حماية الدستور التي يرأسها عمرو موسى، مختلفا، وغير متوقع، حيث تبنت موقفا معارضا للمواقف السابقة بشأن المساس بنصوص دستور 2014.
وأوضحت المؤسسة في بيان لها، أن الدستور علامة استقرار في حياة الأمم واحترامه علامة رقي في الممارسة السياسية للشعوب، والحديث المعاد عن تعديل الدستور في عام انتخاب السيسي يثير علامات استفهام بشأن مدى نضوج الفكر السياسي الذي يقف وراءه.
وأشار البيان إلى أن مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، وتأكيد احترام الدستور وليس إلى التشكيك فيه، الدستور ليس عصيا على التعديل ولكن الحكمة تقتضي مقاربة سليمة سياسيا وتوقيتا مدروسا من منطلق مصلحة مصر والمصريين خاصة في هذا الوقت العصيب.
وتابعت مؤسسة حماية الدستور: يجب أن يخضع هذا الأمر لمناقشة مجتمعية واسعة مع ممارسة سياسية ذكية قبل الإقدام علي اقتراح أي تعديل أو أي مناقشة رسمية له، لأن الدستور أمانة في أعناق المصريين جميعا وخاصة مجلس النواب.
دعوات تعديل الدستور
وتشكلت جبهة قوية داخل مجلس النواب، وشخصيات محسوبة على النظام، تطالب بإجراء تعديلات دستورية لمد فترة حكم السيسي، انضم إليها رئيس البرلمان، ورؤساء لجان البرلمان.
وجاء بيان مؤسسة حماية الدستور عقب دعوة علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، إلى الإسراع في تعديل الدستور لـ«جعل فترة الرئاسة ست سنوات».
كما سبق علاء عابد النائب إسماعيل نصر الدين، عضو لجنة الإسكان بالبرلمان، الذي قال في بيان صادر عنه أمس الأول إنه سيعيد تقديم مشروع التعديلات على الدستور التي طرحها من قبل، في بداية دور الانعقاد الثالث.
وكشف نصر الدين عن الانتهاء من إعادة صياغة 3 مواد دستورية بهدف تقديمها للبرلمان في دور الانعقاد المقبل، وأبرزها المادة 140.
وجاءت الدعوة الأبرز من رئيس البرلمان علي عبدالعال، أحد المشاركين في وضع الدستور، لكنه لم يكل أو يمل من الهجوم على مواده في أكثر من موضع، أولها كان عند مناقشة مخصصات نسب التعليم والصحة والبحث العلمي في الموازنة وفقا للنسب التي حددها الدستور والتي تبلغ 10% من الناتج القومي.
جبهة رفض التعديلات
ولم تكن دعوة عمرو موسى برفض تعديلات الدستور هي الأولى من نوعها، فقد سبقها العديد من الدعوات من قبل شخصيات سياسية محسوبة على النظام.
الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، قال إن الحديث حول تعديل مدة الرئاسة إلى 6 سنوات يسيء إلى المجلس، خاصة أن مصر على أبواب انتخابات رئاسية، وفي حالة التعديل لا بد أن تتم وتُحصَّن ويتم عرضها على استفتاء شعبي.
وقال «السيد»، في تصريحات نقلها موقع «المصري اليوم»، إن بعض وسائل الإعلام وأعضاء مجلس النواب أطلقوا دعوة إلى تعديل الدستور بعد تصريحات رئيس مجلس النواب حول أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية إعفاء الوزراء إلا بعد موافقة مجلس النواب، بالإضافة إلى مادة اختصاص محكمة النقض بالفصل فى عضوية النواب، كما تطوع بعض أعضاء المجلس بالدعوة إلى تعديل فترة الرئاسة، مشيرا إلى أن تصريحات «عبدالعال» ما هي إلا رأي شخصي، لكن البعض أخذها على أنها توجيه ودعوة إلى إجراء تعديلات.
وأضاف أن الفضائيات انطلقت لمناقشة الموضوع كما لو كان حقيقة، كاشفا أن الدستور صدر بالتوافق لتأسيس مؤسسات الدولة لسنوات طويلة دون أن نكتشف عيوبه.
بكري خارج السرب
وجاء موقف النائب مصطفى بكري، أكبر مؤيدي النظام مختلفا، حيث دعم فكرة تعديل الدستور، ولكنه في الوقت نفسة حذر من الاقتراب من مادة فترة ولاية الرئيس.
وقال مصطفى بكرى، إن الدستور الحالى يحتاج لتعديلات، ولكن من الضرورى إجراء حوار مجتمعي مع الشارع والقوى السياسية وقوى المجتمع المدني، للتوصل لرؤية واضحة لهذه التعديلات قبل فتح الملف في البرلمان.
وبحسب «اليوم السابع» أضاف «بكري»، أن الفترة المقبلة يجب أن تشهد بحثا ودراسة واسعين لما يجب تعديله، وإن لم تكن اقتراحات التعديل في صالح المجتمع فعلينا التراجع عنها، مؤكدا أن الأمر ليس سهلا، ومن الممكن أن يثير أزمات في المجتمع.
وأشار عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب في تصريحاته، إلى أن من المواد التي نحتاج لإضافتها للدستور، مادة بشأن إعادة تشكيل مجلس الشورى، قائلا: «لقد شعرنا خلال الفترة الماضية بالحاجة الماسة لمجلس الشورى، وأن إلغاءه كان قرارا خاطئا، فقد كان مجلس كفاءات وخبرات يساعد البرلمان على أداء مهامه».
وحذر مصطفى بكري، من إدخال أي تعديلات على المادة الخاصة بمدة ولاية رئيس الجمهورية، قائلا: «أعتقد أن أى حديث عن تعديل هذه المادة يثير جدلا واسعا وأزمات عديدة، نحن في غنى عنها في الوقت الحالي».
هدفها النيل من السيسي
ومن جانبه أكد كمال زاخر، المفكر القبطي ومؤسس التيار العلماني القبطي، أنه لايتوقع أن يتم تعديل الدستور.
وقال زاخر في تصريح صحفي، إن ما يشاع من مطالب لتعديل الدستور حملة هدفها النيل من الرئيس عبدالفتاح السيسي وثورة 30 يونيو.
وتسأل زاخر: «لماذا خرجت تلك الحملة في وقت الأجازة البرلمانية لمجلس النواب؟، وإذا كان الرئيس يريد إلغاء فترة المدد الرئاسية في الدستور، لماذا الاستعجال في الأمر وكان يمكن أن يتم التفكير في ذلك خلال الفترة الرئاسية الثانية عبد الفتاح السيسي؟».
وتابع المفكر القبطي: «هذا ما يثير الريبة في تلك الحملة وتكشف أن الهدف منه النيل من الرئيس والوطن معا، بإثارة البلبلة وسط المصريين عموما وأشغالهم بهذا الأمر».
سيناريو السادات
وقال الفقيه الدستوري، عصام الإسلامبولي، إن الدعوات التي أُطلقت والتصريحات الصادرة عن رئيس مجلس النواب حول إجراء التعديلات مشابهة للدعوات، التي صدرت خلال تولي الرئيس الراحل محمد أنور السادات عندما أراد تغيير مدة الرئاسة من مدة إلى مدد رئاسية، وكذلك تكرر الأمر ذاته عندما تم تعديل المادة 76 خلال تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وبحسب «المصري اليوم»؛ أضاف «الإسلامبولي» أن الدستور الجديد أورد نصا بأنه لا يجوز أن تكون النصوص المتعلقة بالانتخابات الرئاسية محل تعديل، واعتبر تصريحات رئيس مجلس النواب محاولة لإطالة المدة الخاصة بتولي الرئيس، وطالب بالإبقاء على الدستور كما هو دون تعديل حتى تنتهي الانتخابات الرئاسية المقبلة.