شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فشل الحرب على تنظيم الدولة في الشرق الأوسط ومدى استمراريتها

من الحرب على تنظيم الدولة - أرشيفية

نشرت صحيفة «النيوزويك» مقالًا سلّطت فيه الضوء على الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط، لافتة إلى أنها قد تكون السبب الأكبر لفشل الحرب على تنظيم الدولة والإرهاب في المنطقة، متوقعة استمرارها بشكل مفتوح إذا لم تُحتضن هذه الصراعات وتتغير استراتيجيات الدول الغربية في التعامل مع المشاكل التي تطرأ هنا بشكل آخر غير الذي دأبت عليه.

وقالت الصحيفة إنّ تنظيم الدولة يقتل الجميع، حتى المسلمين سنة أو شيعة، ويهدف من حربه المروعة التي خلفت خمسة ملايين لاجئ إلى خلق أسطورة عن نفسه بأنه لا يُقهر، وبينما تنخرط السعودية في محاربة إيران، وبينما تقاتل تركيا الأكراد ويقاتل الأكردا تركيا والتنظيم، وسط تساقط قنابل الولايات المتحدة وروسيا فوق سوريا، والمتحالفين في محاربة التنظيم، لكنهم مختلفون في دعم فصائل المعارضة والقوات الحكومية؛ طرحت «النيوزويك» سؤالًا: هل الشرق الأوسط في حرب مفتوحة مع تنظيم الدولة؟

الغرب وأحداث 11 سبتمبر 

قالت الصحيفة إنّ تقييم الدول الغربية لجدوى تدخلهم في شؤون البلدان الإسلامية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان ضعيفًا للغاية. ومن ناحية أخرى، فإن انغماسهم في العزلة أمر غير مطروح ولا يمكن الدفاع عنه أو تأييده.

وأوضحت أنه على هذه الدول التصرف بحذر شديد، كأن تجد سببًا مشتركًا مع السعودية وإيران لمحاربة عدوهم المشترك «تنظيم الدولة». وفي الوقت نفسه، تعمل على إعادة تنظيم سياسة الشرق الأوسط بطريقة تمكّنهم من التغلب على خطوط الصدع التآكلية. فبحسب الصحيفة، هذه هي الطريقة الوحيدة لمنع استمرار الحرب ضد الإرهاب في الشرق الأوسط.

التدخل الغربي

كانت حكومة حزب العمل برئاسة توني بلير في بريطانيا محقة عندما قررت التدخل لإنقاذ جمهورية سيراليون من الجرائم الوحشية التي ارتكبت هناك عام 2000، وأيضًا تدخلها لمنع الإبادة الجماعية للمسلمين في كوسوفو عام 1999؛ لكنّ دعمها لبوش أثناء حرب العراق عام 2003 لم يلق تأييدًا، ووصف بأنه قرار كارثي.

في الوقت نفسه، تتخذ بريطانيا الآن موقف إيران نفسه في الدفاع عن حكومة «العبادي» العراقية الوليدة، الذي وعد بحكم مشترك للسنة والشيعة يختلف تمامًا عن حكم سلفه المالكي الذي كان مدعومًا من الغرب. لكن، على الرغم من ذلك؛ ما زال التأثير السني منتشرًا بأغلبية في العراق.

وقالت الصحيفة إنه بالرغم من ذلك، هناك خطر حقيقي يتمثل في أن القوى الغربية أخطأت في أنها تركت حكومات الشرق الأوسط والمليشيات التابعة لها تركز على أعمال من شأنها أن تعمق من الطائفية على حساب حملة محاربة تنظيم الدولة، موضحة أنه يجب على الغرب أن يجعل محاربة التنظيم من أولويات دول المنطقة بعيدًا عن الصراع الطائفي؛ وإلا فإن الصراع الذي يتوق إليه التنظيم سيتحقق، وهو «حربهم مع الغرب الكافر».

ما هو تنظيم الدولة؟

بالرغم من اعتقاد التنظيم أنه ظهر من اللاشيء عام 2014؛ فالصحيفة تعتبره امتدادًا لتنظيم القاعدة في العراق، وبدأ يتمدد مع الحملة القمعية لبشار الأسد ضد معارضيه في 2011، ويضم مقاتلين أجانب ومن مختلف أنحاء العالم العربي، وتشكّلت قيادته من كبار ضباط في جيش صدام حسين وضباط الاستخبارات، وهو بحسب الصحيفة مزيج من الأيديولوجيات المتطرفة والخبرات العسكرية والمهنية.

ولكن، بالنظر إلى العراق، تختلف أهداف القيادات البعثية عن أهداف التنظيم إلى حد كبير؛ فبينما هدف التنظيم بناء دولة إسلامية تمتد عبر العراق وسوريا، فهدف القيادات البعثية استعادة السيادة السنية على العراق.

وترى الصحيفة أن تنظيم الدولة يتصف ببربرية العصور الوسطى والحماسية الدينية المتعصبة، إضافة إلى أن لديهم شعورًا عميقًا بأن المسلمين السنة في الشرق الأوسط يعانون من الأنظمة الاستبدادية.

تقول الصحيفة: إذا لم يُقضَ على هذا الشعور بالضيق والخنق السياسي فالتنظيم وأمثاله سيستمرون في الوجود.

دولة التنظيم

يمتلك أفراد التنظيم والقاعدة اعتقادًا راسخًا بأنّ دولة الخلافة يجب أن تقوم، وهو اعتقاد يعود إلى القرون الوسطى؛ لكن الخطر في اعتقاده أنهم متطرفون للغاية هو ما يجعلهم أكثر تهديدًا من القاعدة في سبيل هذه الغاية.

وخلافًا لتنظيم القاعدة، عمل تنظيم الدولة على ذلك في المناطق التي خضعت لسيطرته؛ فأنشأ المدارس والمحاكم وقدم درجة من الدعم الاجتماعي، لكن الأمر لم يكن على ما يرام؛ فالأمور كانت فوضوية وغير مرتبة ودموية في أحيان كثيرة، بل وأكثر دموية. وعلى الرغم من ذلك، تنظيم الدولة هو أغنى المنظمات في العالم؛ ووصل احتياطي نقده عام 2014 إلى ملياري دولار، وفقًا للاستخبارات البريطانية.

ما الذي يجعل التنظيم خطرًا؟

قالت «النيوزويك» إنّ حكومة المالكي في العراق ساهمت في وجود داعش بشكل أو بآخر، فإضافة إلى قمع بشار الأسد للمعارضة، كان المالكي يمارس اضطهادًا علنيًا ضد المسلمين السنة، حينها دعت جماعات التنظيم الأفراد الذي يعانون من الاضطهاد إلى المواجهة المسلحة؛ وهو ما جعلنا نرى جحافل من المسلحين ظهرت عام 2014.

وإضافة إلى هذا المزيج السام، كان وجود ما يصل إلى مليون مقاتل ينتمون إلى مليشيات شيعية متباينة، بعضهم ممول بشكل مباشر من إيران التي تكره السنة، كانت هناك جماعات أخرى موالية للتنظيم تؤمن بفكرة الخلافة وتفعل ما يفعلونه هم وبوكو حرام في نيجيريا وحركة الشباب في الصومال.

ما الذي يمكن فعله تجاه التنظيم؟

تقول الصحيفة إن تنظيم الدولة يتعمد الفخر بنشر جرائمه المروعة لإدخال الغرب في حالة رد فعل عاطفية؛ ما يدفعها للتصرف على هذا الأساس وليس أساسًا استراتيجيًا في مواجهتهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من شهوتهم للدم وقدراتهم وثرواتهم، لم يُحارب التنظيم في البداية بالقدرات العسكرية الحقيقية كالطائرات دون طيار أو الاستخبارات التابعة لحلف الناتو أو الطيران الروسي.

وبحكم الأمر الواقع، وجود إيران قوة مناهضة للتنظيم يعد ميزة للغرب، وقد يفتح الفرصة للتعاون والمشاركة في الضربات العسكرية الموجهة ضده؛ وهو ما سيعتبر تحولًا في المنطقة بأسرها، بما في ذلك الفلسطينيون والإسرائيليون.

لكنّ معارضة الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» للاتفاق النووي مع طهران، الذي وصفته الصحيفة بالمرير، بجانب تأييد السعودية له؛ يهدد ذلك.

وبنظرة على المنطقة، ترى «النيوزويك» أن الإيرانيين يدعمون الشعية وحزب الله ومليشيات أخرى، بينما يرعى السعوديون الجهاديين السنة؛ ويساهم هذا الوضع في إطلاق العنان للوحش، في إشارة إلى استمرار الإرهاب.

وختمت الصحيفة بأنه إذا لم تكن الولايات المتحدة واوروبا على استعداد لاحتضان هذه الصراعات الطائفية وإنهائها والتركيز على أهداف أسمى فلا توجد أيّ احتمالية لوجود سلام في منطقة الشرق الأوسط في الوقت القريب.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023