شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

العاهل المغربي يتعهد بمحاسبة المقصرين.. وينفي «المقاربة الأمنية»

أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس عن استيائه لما تردد باللجوء إلى «مقاربة أمنية» في إدارة البلاد والتعامل مع الاحتجاجات، بينها «حراك الريف» المتواصل منذ تسعة أشهر.

جاء هذا في خطاب له مساء السبت بمناسبة «عيد العرش»، الذي يؤرّخ للذكرى الثامنة عشرة لتوليه حكم المغرب.

وقال إنه «غير مقتنع بالطريقة التي تُمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين»، دون ذكر أشخاص بعينهم؛ متعهدًا في الوقت ذاته بتطبيق مبدأ المحاسبة على «كل المسؤولين من دون استثناء أو تمييز، وفي مناطق المملكة كافة».

وأضاف أنه «أمام الفراغ المؤسف والخطير، وجدتْ القوات العمومية نفسها وجهًا لوجه مع الساكنة (السكان)، فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار»، وتابع أنه يقصد الحسيمة (شمالًا) «رغم أن ما وقع يمكن أن ينطبق على أي منطقة أخرى».

أطروحات متجاوزة

وشدّد العاهل المغربي على أنّ القوات العمومية تقوم بعملها «عكس ما يدّعيه البعض من لجوء إلى ما يسمونها المقاربة الأمنية، وكأن المغرب فوق بركان وأنّ كل بيت وكل مواطن له شرطي يراقبه»، نافيًا ما تردد على لسان البعض بشأن وجود تيار متشدد وآخر معتدل يختلفان بشأن طريقة التعامل مع الأحداث.

وتابع: «المغاربة يعرفون أنّ أصحاب هذه الأطروحة المتجاوزة يستغلونها رصيدًا للاسترزاق، وكلامهم ليست له أي مصداقية؛ وكأنّ الأمن هو المسؤول عن تسيير البلاد ويتحكم في الوزراء والمسؤولين، وهو أيضًا الذي يحدد الأسعار».

وقال إنّ «هناك توجّهًا واحدًا والتزامًا ثابتًا، وهو تطبيق القانون واحترام المؤسسات وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم»، مضيفًا أنّ «رجال الأمن يقدمون تضحيات كبرى ويعملون ليلًا ونهارًا وفي ظروف صعبة من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره، داخليًا وخارجيًا، والسهر على راحة المواطنين وطمأنينتهم وسلامتهم».

واعتبر الملك محمد السادس أنّ «من حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم».

ضعف الإدارة العمومية

وفي السياق، قال الملك محمد السادس إنّ المغرب «يعيش مفارقات من الصعب فهمها أو القبول بها؛ فبقدر ما يحظى به من مصداقية قاريًا ودوليًا، ومن تقدير شركائنا وثقة كبار المستثمرين، كبوينغ ورونو وبوجو، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية؛ حتى أصبح من المخجل أن يقال إنها تقع في مغرب اليوم».

ولفت إلى أنه من بين المشاكل التي تعيق تقدم المغرب ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة (التدبير الجيد) أو مستوى النجاعة (تحقيق الأهداف) أو جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين.

ووجه الملك حديثه إلى المسؤولين المغاربة قائلًا: «كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة وإما أن تنسحبوا؛ فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون»، وأضاف أنّ «هذا الوضع لا يمكن أن يستمر؛ لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين»، موضحًا: «أنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول؛ لأنه نابع من تفكير عميق».

تطبيق الدستور

وشدد العاهل المغربي على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، مضيفًا أنه «حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ (المحاسبة)؛ فكما يطبق القانون على جميع المغاربة يجب أن يُطبق أولًا على كل المسؤولين من دون استثناء أو تمييز، وفي مناطق المملكة كافة».

وسبق خطاب الملك إعلان وزارة العدل إصدار عفو عن 1178 شخصًا، من بينهم شابان اعتقلا بسبب حراك الريف في الحسيمة، وجاء في بيان الوزارة: «أصدر الملك محمد السادس، وبمناسبة الذكرى 18 لتوليه العرش بالمغرب، عفوًا على مجموعة من الأشخاص؛ منهم المعتقلون ومنهم الموجودون في حالة سراح، وعددهم 1178 شخصًا».

ومن بين من شملهم العفو أيضًا شباب من حزب العدالة والتنمية أدينوا بتهمة الإشادة بمقتل السفير الروسي في تركيا، وجاء في البيان: «لذات الاعتبارات، وبهذه المناسبة المجيدة، تفضّل جلالة الملك فأصدر عفوه الملكي على الشباب المنتمين لحزب العدالة والتنمية والمعتقلين بتهمة الإشادة بالإرهاب».

وشهدت مدينة الحسيمة عام 2016 سلسلة من التظاهرات الشعبية بعد مقتل بائع السمك محسن فكري داخل شاحنة نفايات في 28 أكتوبر، تطورت إلى اشتباكات مع قوات الأمن في العام الحالي؛ أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى من الطرفين، ومنذ ذلك تشهد الحسيمة ومدن منطقة الريف وقراها احتجاجات متواصلة للمطالبة بـ«التنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد».

وارتفع عدد الموقوفين على خلفية «حراك الريف» إلى أكثر من مائتين، وفقًا للنشطاء الذين ينتقدون التعامل الأمني مع الاحتجاجات.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023