شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مجال الطاقة ودوره في إنهاء الأزمة الخليجية أو تفاقمها

قالت شبكة «الجزيرة» إنّه في الوقت الذي يسافر فيه الدبلوماسيون من مختلف دول العالم إلى الخليج في محاولة لحل الأزمة الراهنة، تستسمر شركات الطاقة الكبرى في المنافسة على المشروعات في حقول الغاز والنفط في المنطقة؛ آخرها في أكبر حقل للغاز الطبيعي في المنطقة التي تتشاركها إيران وقطر.

تضيف الشبكة في تقريرها أن هذا الحقل يلعب دورًا هامًا في تطوير السياسات القومية والخارجية، سواء في قطر أو إيران. وفي ضوء ذلك، فإن أي محاولة لعزل أيّ من الدولتين أو الضغط عليها لا جدوى منها.

كما لاحظ خبراء، وقعت التوترات بعد فترة بسيطة من زيارة الرئيس الأميركي للسعودية، الذي أكّد لهم التزامه بمواجهة التهديد الإيراني؛ بينما فشل الأمل الأميركي في خلق دفاع قوي من دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة إيران في فهم الأهمية المركزية لمسألة الطاقة، وهو ما يوضّح ضيق النظر عبر السعي إلى المصالح الذاتية.

يضيف التقرير أنه بالمثل، من المتوقع أن يهدأ الحصار الذي تقوده السعودية ضد قطر؛ رغم التوترات الحالية، موضحًا أنه من المحتمل أن تتغلب الطاقة في النهاية على العداء السياسي. ومن الجدير بالذكر أنه بعد بداية الأزمة بفترة قصيرة، أعلنت قطر أنها لن توقف صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى الإمارات.

تتلقى الإمارات ما يقرب من ملياري مكعب من الغاز الطبيعي القادم من قطر، كما تستمر مصر في تلقي شحنات الغاز الطبيعي القطري المؤمّن حتى نهاية 2017، هكذا استمرت سفن الغاز الطبيعي القطرية في طريقها دون توقف إلى آسيا عبر طريق مضيق هرمز إلى أوروبا من قناة السويس.

على الجانب القطري، فإن حقل الغاز الطبيعي المكتشف عام 1971 كان عاملًا هامًا للدولة للحصول على الاعتراف بسيادتها، وزيادة إجمالي الناتج المحلي، وكذلك ساهم في إعطائها اختيارات بالنسبة إلى سياستها الخارجية.

يضيف التقرير أن استراتيجية قطر تجاه الدول المجاورة حتى التسعينيات كانت تعتمد على اتباع قيادة السعودية فيما يخص السياسة الخارجية، وفي أوائل التسعينيات بدأت علاقات قطر في التغيّر؛ سواء مع دول المنطقة أو أميركا، على حساب علاقتها مع السعودية، التي توتّرت بعد النزاعات على الحدود وبيع الغاز، وزاد الأمر تعقيدًا علاقة الدوحة مع طهران؛ بسبب اشتراكهما في حقل الغاز الطبيعي، وهو ما جعلها تحسّن علاقتها مع الأخيرة من أجل تأمين إمدادات الغاز الطبيعي.

سعت قطر في 1996 إلى تصدير الغاز الطبيعي لدول مجلس التعاون الخليجي المجاورة، ولكنّ هذا المشروع واجه عواقب تتعلق بالتسعير وحقوق المرور والنزاعات الحدودية؛ وهو ما عزّز من ضرورة محاولة قطر التصدير إلى أسواق خارجية. نتيجة لذلك؛ بَيْع الغاز الطبيعي لأطراف دولية رئيسة مثل الصين والمملكة المتحدة والهند واليابان ربط -بشكل لا لبس فيه- أمن الطاقة باستقرار قطر.

إضافة إلى ذلك، ترتبط سياسات الطاقة لقطر بشكل كبير بسياسات استثمارها؛ فصندوق الثروة السيادية الوطني يعيد تدوير إيرادات النفط والغاز عبر الاستثمار بشكل كبير في أوروبا وأميركا الشمالية؛ وهكذا يعدّ بيع الغاز الطبيعي وسيلة وهدفًا من أجل العلاقات الدولية لقطر.

يعود الجزء الشمالي من حقل الغاز الطبيعي إلى إيران، واكتشف في 1990؛ لكن تأخر إنتاجه حتى الألفية الجديدة بسبب المشاكل الجغرافية والسياسية. على الرغم من أن الاقتصاد الإيراني أكثر تنوعًا؛ لا يزال البترول يشكّل 80% من صادراتها، ويعتبر الغاز والنفط عاملين هامين بالنسبة إلى تقوية طموحات القسم الصناعي، وكذلك تزويد سكانها باحتياجاتهم من الطاقة.

رغم ذلك، يواجه قطاع الطاقة تحديات في إيران؛ فالعقوبات على إنتاج البترول والغاز وتصديرهما التي تعود إلى عام 1979 عرقلت تحركات الدولة. والآن، قطاع الطاقة في حاجة إلى الاستثمار الأجنبي؛ ما من شأنه إعادة بناء البنية التحتية وزيادة كفاءة إنتاج النفط والغاز.

هذا العام، وقّعت شركة توتال الفرنسية عقودًا لمدة 20 عامًا مع شركة البترول الوطنية الإيرانية لتطوير المرحلة الحادية عشرة للحقل؛ ما يفيد إيران عبر خلقه وظائف وجلب تمويل، وكذلك معرفة تكنولوجية، والأهم فتح أبواب الاستثمارات الأجنبية في إيران.

تعتبر الشؤون الداخلية في إيران أقل استقرارًا مقارنة بقطر؛ نظرًا للصراع بين المعتدلين والمحافظين من أجل النفوذ والفوز بالدعم الشعبي، على الرغم من فوز روحاني بفترة ثانية باكتساح؛ فإنّه لا يحظى بدعم المؤسسة المحافظة التي يقودها المرشد الأعلى علي خامنئي.

لذا؛ لا يُشبع تطوير الغاز الطبيعي وإنتاجه في إيران الاحتياجات الوطنية المتزايدة فقط؛ ولكنه يساعد الإدارة الحالية للمحافظة على الدعم السياسي وتنفيذ الوعود الدبلوماسية التي تتضمن النمو الكلي عبر خلق وظائف وجذب استثمارات أجنبية.

الجغرافيا السياسية للغاز الطبيعي

يضيف التقرير أنه مع إدراك إيران وقطر أهمية الحقل المشترك، فإنهما أعلنتا عن خطط تطوير؛ فبعد توقيع صفقة توتال أعلنت إيران أنّ قدرتها على الإنتاج يمكن أن تتجاوز قدرة قطر، رغم أن معظمها سيكون للاستهلاك المحلي.

بعد أشهر من توقيع الاتفاقية، رُفعت العقوبات الذاتية لمزيد من التطوير في الحقل الشمالي، وعلى الرغم من إنكار المسؤولين وجود ترابط بين الحدثين؛ فإنّه يجب على قطر الآن زيادة إنتاجها للحفاظ على حصتها السوقية في السوق التنافسي.

يرى التقرير أن سوق الغاز الطبيعي أصبح أكثر تكاملًا؛ فالأسعار تحددها عوامل السوق وليست الظروف السياسية. جاء هذا التغيير نتيجة ظهور أطراف جديدة، بجانب زيادة الإمدادات الدولية التي تضمن إتاحتها وتنافسها، بجانب زيادة إيران إنتاجها؛ فمن المتوقع أن تصبح أستراليا أحد أكبر مُصدّري الغاز، كما دخلت أميركا سوق التصدير، وتطمح روسيا في الوصول إلى المركز الأول، الذي تسيطر عليه قطر.

في ظل الظروف الجديدة، من المتوقع أن تسعى قطر إلى الحفاظ على قيادة السوق، وسيستمر تعزيز علاقاتها التي تدعم تطوير الطاقة حتى ولو على حساب علاقاتها الإقليمية.

يضيف التقرير أن مركزية الطاقة بالنسبة إلى إيران وقطر تعني أن الدولتين ستستمران في وضع سياسات لصالح تطوير مواردهما، حتى إذا وضعهما ذلك في أزمة مع الدول المجاورة أو الأطراف الدولية؛ لذا فإن أيّ محاولة لعزل دولة منهما لا فائدة منها؛ بل ستهدد أيضًا استقرار منطقة هشة وتعرّض أمن الطاقة الدولية إلى خطر.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023