قالت صحيفة «نيوزويك» إنّه بعد هزيمة تنظيم الدولة في العراق استسلم مقاتلوه إلى الموت أو قبلوا بأسرهم على أيدي من يرونهم أعداءهم؛ بينما قرر عدد منهم الذهاب والانضمام إلى تنظيم القاعدة.
ترى الصحيفة أن القاعدة كانت بمثابة حجر الأساس لبداية تنظيم الدولة، وكذلك الهدف المعلن لتدخل أميركا في الشرق الأوسط في القرن الحادي عشر. ومثل تنظيم الدولة، تملك القاعدة فروعًا خاصة بها في دول؛ لكنّ محللين توقعوا أنّ مواجهة العدو نفسه أصعب من مواجهة نظيره.
تسببت أساليب تنظيم الدولة في كره الجميع له؛ بسبب عنفه وقدرته على جذب المقاتلين له، لكنّ هذه الصفات رفضت قيادة القاعدة تبنيها. لكنّ فتك القاعدة يعد أكثر شدة، بجانب أن تركيزها على الوجود بين المحليين جعل من الصعب اقتلاعها من بين المدنيين؛ خاصة عبر حملات القصف العنيفة التي تميز السياسة الخارجية الأجنبية، وبخاصة الأميركية.
ترى الصحيفة أنه مع فرصة إعادة إحياء تنظيمها من رماد خلافة تنظيم الدولة المتعثرة، يمكن للقاعدة استغلال شعبيتها والخطاب المناهض للإمبريالية لتطوير قوة قتالية جديدة قادرة مرة أخرى على إحداث فوضى في قلب دول أعدائها عبر العالم.
يقول الباحث في معهد الشرق الأوسط «دانيال سوير» إنّ القاعدة تعتبر الأصل، وتسببت من قبل في الأذى لأعدائها؛ من بينهم أميركا.
تضيف الصحيفة أنه في الوقت الذي قتل فيه تنظيم الدولة المئات في هجماته عبر الدول الغربية، لا يقارن تأثيرها على أميركا بمقتل ثلاثة آلاف شخص في 11 سبتمبر على أيدي القاعدة، وهي أكبر هجمة ساهمت -ولا زالت- في تشكيل أسلوب أميركا تجاه التطرف.
عندما غزت أميركا العراق بعد هذا الحادث بسنتين، أعطى ذلك الفرصة لفرع التنظيم في العراق للتوحد مع جماعات جهادية غاضبة لاحتلال أميركا؛ ما ساهم في تشكيل تنظيم الدولة في العراق عام 2006، وفي النهاية انفصلت عن القاعدة لتصبح المنافس الرئيس لجبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة.
تعتبر «جبهة النصرة»، المعروفة الآن باسم «تحرير الشام»، واحدة من بين قوات فعالة شاركت في التمرد ضد بشار الأسد وحكومته في 2011، بعدها ألقت بظلالها على الجيش السوري الحر الذي تدعمه أميركا وتركيا ودول خليجية؛ لكنّ ظهور تنظيم الدولة بقوة قوّض وجودها.
بعد اجتياح تنظيم الدولة سوريا والعراق في 2014، بدأت أميركا والقوة الغربية في تغيير تركيز جهودها على تدمير الجهاديين بدلًا من التخلص من بشار الأسد؛ لكنّ ذلك لم يكن محببًا لدى جماعات متمردة، خاصة بعد انضمام بعضهم إلى جماعات جهادية متشددة.
تضيف الصحيفة أنّه في ظل غياب معارضة قوية لحكومة الأسد، بدأت الجماعات المعارضة في الانضمام إلى تنظيم الدولة أو القاعدة، الذين كانوا يواجهون الجيش السوري بدعم من روسيا وإيران والقوات الديمقراطية الكردية بدعم أميركي؛ ما جعل تنظيم الدولة يخسر كثيرًا من أراضيه، أما تنظيم القاعدة فتمكن هذا الأسبوع من التغلب على منافسيه من أجل السيطرة على شمال غرب مدينة إدلب.
تضيف الصحيفة أنّ الجيش السوري الحر أصبح اختيارًا أقلّ جاذبية بالنسبة إلى كثيرين، بعد تقارير نشرت أمس وأفادت بقطع أميركا علاقتها مع المعارضة السورية بشكل كامل، ولا زال هناك كثيرون في انتظار الانضمام إلى القاعدة بدلًا من الاتحاد مع الجماعات الوطنية الكردية.
ترى الصحيفة أن الظروف تلعب دورًا كبيرًا لصالح تنظيم القاعدة، سواء عبر التصادم بين الجماعات المتمردة التي تدعمها وكالة الاستخبارات الأميركية أو الجماعات الكردية مدعومة من وزارة الدفاع الأميركية، بجانب سقوط تنظيم الدولة المنافس لها.
قال محلل الشؤون الكردية «ديلمان عبدالقادر» إنّه يتوقع زيادة قوة تنظيم القاعدة مع هزيمة تنظيم الدولة، موضحًا أنها سوف تحاول استعادة الأضواء التي خسرتها عندما ظهرت جماعة أخرى، ومن النقاط الهامة التي يجب التركيز عليها كذلك هو هدف القاعدة الذي يلتزم بالمدى الطويل، عكس تنظيم الدولة الذي أراد إنشاء الخلافة سريعًا.
يعتقد «ديلمان» أنّ الأكراد يعدّون أكثر حليف فعال لأميركا في سوريا، وهي وجهة النظر التي عارضتها بشدة لجماعات عربية داخل الدولة.
أثبت الأكراد أنهم قوة قوية ضد تنظيم الدولة، بجانب رفضهم النهج المتشدد؛ وهو ما سهّل حصولهم على الدعم الأميركي، لكنّ طموحاتهم الوطنية تسببت في عقود من العنف ضد تركيا، بجانب أنها كانت سببًا في غضب حكومتي سوريا والعراق، ويرغب الأكراد في الحصول على أراضٍ لهم بعد انتصارهم ضد تنظيمي الدولة والقاعدة.
تضيف الصحيفة أن القاعدة لديها مزيد من النفوذ خارج سوريا والعراق مقارنة بتنظيم الدولة؛ إذ لديه فروع خاصة به في أفغانستان وليبيا واليمن والصومال ودول أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا وأجزاء من آسيا.
يقول سوير إن مرحلة من الحرب انتهت، وهي مرحلة اكتساب تنظيم الدولة أراضي جديدة؛ لكنّ ذلك لا يعني أن الحرب ضد تنظيم الدولة أو ضد القاعدة انتهت.