في قرابة 30 يومًا، صفّت قوات الشرطة 62 معارضًا من شباب محافظات القاهرة والجيزة والفيوم وأسيوط والإسماعيلية خارج نطاق القانون، أخفي كثيرون منهم قسريًا، وفقًا للبيانات الرسمية لوزارة الداخلية، دون احتساب العشرات من المدنيين المُصفّين من قوات الجيش في شمال سيناء بشكل شبه يومي في هذه الفترة.
وأعلنت وزارة الداخلية مقتل أربعة أشخاص في الجيزة منتصف ليل أمس الثلاثاء بدعوى اختبائهم في شقة سكنية في منطقة «أبو الوفا» بمدينة السادس من أكتوبر وأنهم مطلوبون على ذمة قضايا، بعدما ادّعت إطلاق الضحايا للأعيرة النارية في اتجاه الشرطة، شأن جميع التصفيات الجسدية التي تنفذها.
ودائمًا ما تصف الداخلية في بياناتها الرسمية التصفيات الجسدية بأنها «تمت في إطار تبادل إطلاق النيران مع الضحايا»، في حين لم يصب فرد شرطة واحد أثناء أيّ من المداهمات؛ ما يؤكد كذب ادّعاءاتها، خاصة أن أغلب الضحايا من المحتجزين لدى الأمن بعد اختطافهم من منازلهم، وفقًا للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
سجلات وقائع
يوم الاثنين الماضي، تداول ناشطون صورًا لجثة الشاب المصري ثروت سامح، البالغ من العمر 19 عامًا، عُثر عليها في صحراء الفيوم، وظهرت عليها آثار التعذيب، وسط استنكار حقوقي لتكرار حالات التصفية الجسدية؛ وحمّل مركز «شهاب» الحقوقي الداخلية مسؤولية قتل «سامح»، مطالبًا النيابة العامة بفتح التحقيق في الواقعة.
ويوم الأحد الماضي، صفّت الشرطة ثمانية منتمين إلى جماعة «الإخوان المسلمين» رميًا بالرصاص في منطقة صحراوية متاخمة لمحافظة الفيوم، بادّعاء انتمائهم إلى حركة «حسم الإرهابية» وعزمهم ارتكاب سلسلة أعمال تخريبية في الفترة المقبلة، من دون اتهامهم رسميًا في أي من القضايا.
وفي 18 يوليو الجاري، قتلت الأجهزة الأمنية شابين اثنين بمنطقة القاهرة الجديدة ادّعت انتماءهما إلى حركة «حسم»،بعد توفر معلومات لدى قطاع الأمن الوطني بتغيير كوادر في الحركة محل إقامتهم وأنهم بصدد نقل معداتهم وأسلحتهم عقب تورطهم في استهداف تمركز أمني في حي مدينة نصر.
كما أعلنت الداخلية في 15 يوليو تصفية ستة أشخاص ادّعت أنهم يتبعون جماعة الإخوان المسلمين قبل تنفيذهم «عمليات إرهابية» على طريق «أبو رجوان» بمحافظة الجيزة على حد زعمها، مدّعية توفر معلومات لقطاع الأمن الوطني بشأن ذلك.
وصفّت قوة أمنية تابعة لقطاع الأمن الوطني طالبين اثنين في اليوم ذاته بإطلاق الأعيرة النارية عليهما مباشرة، بدعوى انتمائهما إلى العناصر الإرهابية والتورّط في واقعة مقتل خمسة شرطيين في الهجوم المسلّح الذي استهدف حاجزًا أمنيًا بمركز البدرشين اليوم السابق قرب منطقة سقارة الأثرية بالجيزة.
كما أعدم جهاز الأمن الوطني بالإسماعيلية أربعة مواطنين ادّعت أنهم «تكفيريون» هاربون من شمال سيناء، بعد ادعاء وصول معلومات للجهاز تفيد بوجودهم في مركز «القنطرة شرق»، بعد هربهم من ضغط المواجهات في سيناء وتصفيتهم عقب تبادل لإطلاق النار.
وفي 10 يوليو، قتل أفراد الداخلية ستة منتمين إلى الجماعات الإسلامية بمركز ديروط بمحافظة أسيوط، بدعوى اعتناقهم أفكار تنظيم الدولة واتخاذهم من وحدة سكنية وكرًا تنظيميًا للإعداد لتنفيذ سلسلة من الهجمات الإرهابية بنطاق محافظات الوجه القبلي سعيًا لإثبات وجودهم على الساحة.
وبعد يوم من هذا الحادث، أعلنت الداخلية تصفية مواطن في محافظة الفيوم زعمت أنه ينتمي إلى حركة «حسم»، وقالت إنه قيادي من جماعة الإخوان في الوقت ذاته ومسؤول عن استقطاب الشباب لتدريبهم في معسكرات صحراوية على القيام بهجمات عنف ضد الأمن.
وفي 8 يوليو، صفّت وزارة الداخلية 14 مواطنًا سيناويًا بادّعاء «اضطلاعهم في إعداد معسكر تنظيمي لاستقبال العناصر المستقطبة حديثًا لصفوفهم وإخضاعهم لبرامج إعداد بدني وتدريب عسكري على تنفيذ الهجمات الإرهابية في سيناء».
وفي 23 يونيو الماضي، قتلت الداخلية مدرس لغة إنجليزية في الجيزة يدعى محمد عبدالمنعم زكى أبوطبيخ، مدعية أنه حال اقتراب أفراد الأمن من سيارتين متوقفتين بادر الضحية بإطلاق أعيرة نارية باتجاههم؛ ما دفع القوات إلى قتل قائد سيارة.
وفي اليوم السابق، صفّت الداخلية سبعة معارضين في صحراء منفلوط (جنوب البلاد) وادعت أنهم «خلية داعشية»، بعد زعم تورطهم في هجمات استهداف المسيحيين في ثلاث محافظات واتخاذهم منطقة في الظهير الصحراوي وكرًا للاختباء وتلقي التدريبات البدنية والعسكرية على استخدام السلاح.
وفي 21 يونيو، صفّت الداخلية ثلاثة مواطنين، مدعية اختباءهم في وحدة سكنية بمنطقة برج العرب بمحافظة الإسكندرية، بعد ادعائها أنه حال اقتراب القوات من العقار فوجئت بإطلاق أعيرة نارية تجاهها؛ ما دفعها إلى التعامل مع مصدر النيران وقتل الشبان الثلاثة.
في 20 يونيو الماضي، قتلت الداخلية ثلاثة مواطنين، ادّعت حدوث ذلك أثناء اشتباكات مسلحة بمنطقة برج العرب بمحافظة الإسكندرية، وهم عبدالظاهر سعيد ياسين مطاوع وصبري محمد سعيد صباح خليل وأحمد أحمد محمد محمد أبو راشد.
أرواح مهدرة
ورصدت وحدة «البرامج والبحوث» في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات (منظمة مجتمع مدني) حالات قتل خارج نطاق القانون في الثلث الأول من العام 2017 التي وقعت من الأجهزة الأمنية ضد المدنيين، في تقرير حمل عنوان «أرواح مهدرة».
وغطى التقرير محافظات مصر عدا مناطق سيناء؛ لفرض حالة من التعتيم الإعلامي والحقوقي على ما يحدث فيها، مؤكدة وقوع 76 حالة قتل خارج القانون في الفترة المحددة، شملت خمسة أنواع من القتل: «التصفية الجسدية، إسراف الأمن في استخدام السلاح، التعذيب، الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون، وكذلك في مقار الاحتجاز».
ووثقت «التنسيقية المصرية» وقائع قتل مباشر من قوات الأمن لمواطنين عزل من السلاح، وفقًا لروايات شهود العيان؛ وهو ما يفنّد ادعاء وزارة الداخلية بأن القتل كان «في تبادل لإطلاق النيران» وما يمثّله من تزييف وتدليس واضح للتغطية على جريمة الإعدام والقتل بدم بارد بحق معارضي السلطة العسكرية الحاكمة.
خدمة للإرهاب
استنكر الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية والمرشح السابق لرئاسة الجمهوية، تصفيات «الداخلية» للشباب المختفين قسريا بادعاء حدوث اشتباكات.
وكتب «أبو الفتوح» في حسابه الشخصي بموقع «تويتر»: «استمرار التصفية الجسدية للشباب المختفين قسريًا أو أثناء القبض عليهم بحجة حدوث اشتباكات دون تقديمهم للعدالة يخدم الإرهاب ويعرض الوطن لمزيد من الخسائر».
استمرارالتصفيةالجسديةللشباب المختفين قسرياأو اثناءالقبض عليهم بحجة حدوث اشتباكات دون تقديمهم للعدالةيخدم الإرهاب ويعرض الوطن لمزيدمن الخسائر
— عبدالمنعم أبو الفتوح (@DrAbolfotoh) July 26, 2017