قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إنه في الذكرى الثانية للصفقة النووية التاريخية مع إيران بدأت دعوات في واشنطن إلى المواجهة مع طهران، مع مطالبات للرئيس دونالد ترامب بتقليل نفوذ الدولة الشيعية بالضغط والعقوبات؛ بينما رأى عديدون أن هذه الضغوط قد تؤدي إلى تغيير النظام.
تضيف الصحيفة في تقريرها أن هذا التأثير الخرافي للعقوبات في أذهان الأميركيين يعود إلى الاعتقاد بأن العقوبات والضغوط جعلتا الإيرانيين يتراجعون وأجبرتاهم على الدخول في مفاوضات الصفقة النووية للنجاة.
يقول منتقدون للصفقة إن العقوبات كانت فعّالة، ولو لم يغير الرئيس السابق باراك أوباما نهجه نحو طهران إلى أكثر دبلوماسية وتخفيف الضغوط عنها كان يمكن أن نرى سقوط النظام الإيراني.
ترى الصحيفة أن هذه الرواية خاطئة، موضحة أن هذا التفاوض لم يأتِ بسبب نجاح العقوبات، ولم تكن طهران الطرف المهدد قبل الحوار بين الجانبين؛ لكنّ هناك حقيقة أخرى كانت تحدث خلف الكواليس.
تلفت الصحيفة إلى أن العقوبات كان لها بالطبع تأثير قويّ على إيران، ظهر من انخفاض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 8% في سنة واحدة، إضافة إلى زيادة التضخم بنسبة 10%، كما انخفضت عوائد صادرات النفط بنحو 40%، وتأثرت العملة الإيرانية بسبب إجبار إيران على الخروج من النظام المالي العالمي.
توضّح الصحيفة أن إيران قرّرت استخدام الخيارات المتاحة للرد على هذه العقوبات، وبدأت في توسيع برنامجها النووي بقوة؛ وهو عكس ما سعت إليه واشنطن، في حين أن هذه العقوبات كانت تهدف إلى إجبار طهران على وقف برنامجها سعت الدولة الشيعية إلى تغيير حسابات أميركا بزيادة التجهيزات لبرنامجها؛ لتصبح المواجهة في النهاية بشأن البرنامج النووي بين عقوبات أوباما وعناد إيران.
في يوليو 2012، في منتصف هذه المواجهة، كان هناك تواصل سري بين أميركا وإيران في عمان، سعت واشنطن منه إلى تقييم قرب تخلي الجانب الإيراني عن البرنامج النووي؛ بينما وافقت طهران على هذه القناة لمعرفة مدى قرب استسلام واشنطن لعنادها.
تضيف الصحيفة أن اللقاء بين الجانبين فشل بسبب رفض أيّ منهما التنازل. بحلول يناير 2013، كان يجب أن يتغير الوضع، بعد أن أدرك البيت الأبيض أن تقدّم البرنامج النووي الإيراني أسرع من انهيار اقتصادها بسبب العقوبات.
تقول ويندي شيرمان، قائدة تفاوض في فريق أوباما، إن العقوبات لم توقف البرنامج؛ بل على العكس بمرور كل عام كانت قدرتهم تزداد على إكمال برنامجهم النووي.
تلفت الصحيفة إلى أن الوضع كان سيئًا بناء على المؤشرات، حينها أدرك أوباما أنه في حالة استمرار الوضع ستصبح طهران دولة نووية قبل أن تجبرها العقوبات على الاستسلام؛ وهو ما تركه أمام اختيارين: الأول قبول وجود أسلحة نووية في أيدي إيران، أو الحرب معها.
تؤكد الصحيفة أن الطريقة الوحيدة لتجنب هذين الاختيارين كان اللجوء إلى عمان والقيام بما لم تفعله أي إدارة أميركية سابقة، وهو تخفيض العقوبات في مقابل وضع حدود للبرنامج النووي الإيراني، والموافقة على تخصيب طهران لليورانيوم؛ وهو ما اعتبره البعض خطوة هامة.
تلفت الصحيفة إلى أنه في حالة رفض أوباما وجود تخصيب إيراني لليورانيوم لم تكن طهران لتوافق على الاتفاقية؛ وهو ما شرحه السياسي جيك سوليفان، الذي أوضح أن هذه هي الرسالة التي أرسلتها طهران؛ حيث أكدت تجنبها الدخول في مفاوضات جادة بشأن الاتفاقية النووية في حالة عجزها عن تخصيب اليورانيوم.
في حالة تمسّك أوباما بالعقوبات كما كان يرغب منتقدو الصفقة النووية، لم يكن ليحصل على مثل هذه الاتفاقية؛ وكان يمكن أن نشهد حربًا بين الدولتين.
في الذكرى الثانية للصفقة النووية الإيرانية، فشلُ ترامب في رفض الأكاذيب القائلة إنّ سياسة الضغط وحدها تحمي أمن أميركا يمكن أن يضع الدولتين على مسار حرب لن يفوز فيها أيّ منهما.