أثبتت قطر خلال الفترة الماضية قدرتها على مراوغة الحصار المفروض عليها من قبل عدد من الدول العربية منذ ما يزيد عن شهر.
وفي 5 يونيو الماضي قررت السعودية والامارات والبحرين ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، بعد أن وجهوا لها اتهام بدعم الإرهاب والتدخل في شؤونهم والتقرب من إيران، لذا فرضوا عليها حصار جوي وبحري وبري.
بعد بداية المقاطعة أصدرت مصر والسعودية والامارات والبحرين قائمة بها 13 مطلب موجهة لقطر من بينها المطالبة بإغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية وتقليل العلاقات مع طهران وغلق القاعدة العسكرية التركية على أراضيها، وهو ما رفضته قطر بعد أن أنكرت التهم الموجهة لها.
رصد موقع «ستريت تايمز» بعض من مقتطفات الوضع القطري بعد الأزمة الخليجية وكيف كان ردها على العقوبات ضدها، نستعرضها معكم فيما يلي.
قوة الأموال
يعيش في قطر ما يقرب من 2 مليون شخص، من بينهم 300 ألف مواطن قطري، وتملك الدولة أعلى نصيب للفرد في العالم بمقدار 129,726 دولار.
قال الشيخ عبد الله بن سعود ال ثاني أن الدولة تملك 340 مليار دولار من الاحتياطي يمكن أن تساعد على مواجهة عزل الدول المجاورة لها، مضيفاً في تصريحاته لشبكة « سي ان بي سي» أن نظام الدولة به مصداقية كما أنهم يملكوا ما يكفي من الأموال لمواجهة أي أزمة.
وأكد ال ثاني أن البنك المركزي يملك 40 مليار دولار احتياطي ذهب، في حين أن صندوق الثروة السيادي به حوالي 300 مليار كأصول يمكن تصفيتها إلى أموال، كما أشار أن استقرار الريال القطري المرتبط بالدولار الأمريكي سيستمر في المستقبل.
إمدادات الطعام لم تتأثر
في الأيام الأولى للأزمة كان هناك مخاوف بين الشعب القطري من تأثر السوق ونقص الغذاء، لكن الآن تستطيع أن ترى المحال التجارية مكتظة بالبضائع الطازجة بفضل الاستيراد من تركيا وإيران.
وقال وزير التجارة التركي في تصريحات صحفية، أن الاستيراد القطري من تركيا تضاعف ثلاثة مرات أكثر من المعدلات العادية التي وصلت إلى 32.5 مليار دولار منذ فرض العقوبات، أما ايران فأرسلت 1100 طن من الفاكهة والخضروات يومياً عن طريق الطرق البحرية.
وفي الأسبوع الماضي، وصلت حوالي 165 من الأبقار من مطار بودابست إلى قطر عن طريق طائرة شحن قطرية، ومن المنتظر جلب المزيد من المواشي من أمريكا وأستراليا وألمانيا ويتم ابقائها في حظائر بها تكيفات.
جاءت هذه التوريدات بمساعدة رجل الأعمال القطري معتز الخياط الذي رأى ضرورة صناعة الالبان بعد تسبب الحصار في وقف استيرادها من السعودية، مشيراً أن هذا هو الوقت المناسب للعمل من أجل قطر.
وقال مواطنين من قطر أن الحكومة استطاعت إيجاد بدائل ولا يوجد نقص في المواد الغذائية بصرف النظر عن الزيادة الطفيفة في الأسعار التي استطاعوا التكيف معها.
حملة «الدوحة تحت الحصار»
بعد فرض الحصار، دشن مجموعة من الأشخاص حساب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعنوان «الدوحة تحت الحصار» من أجل أن يتشارك المواطنين من قطر مدى تأثر عزل دولتهم على حياتهم اليومية.
وقال أكبر الباكر المدير التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أن الشعب يعيض حياة طبيعية، وكل الامدادات متاحة أكثر مما قبل، مؤكداً أنه لا يوجد أزمة.
وأضاف الكابر « نريد أن تعلم الدول المجاورة أن هذا الأسلوب من التسلط لا يعمل وليس له فائدة لأن الشعب القطري قوي ولا يوجد لديه مشاكل في حياته اليومية بعد الحصار ».
صادرات الغاز الطبيعي القطري لم تتوقف
استمرت قطر والتي تعد أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم في تصديرها بدون انقطاع على الرغم من سوء الأزمة، وترسل الدولة ثلثي انتاجها لليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايوان والصين وتايلاند.
قالت الباحثة كريستين كوتيس أنه إذا تم حظر صادرات الغاز القطرية، فإن الدول التي تستورد الغاز الطبيعي ستواجه أزمات طاقة.
مناضلة وسائل الإعلام
وأطلقت شبكة « الجزيرة » حملة إعلامية تطالب بحرية الصحافة والاعلام رداً على مطالب الكتلة التي تقودها السعودية لغلق الجزيرة وكل القنوات التابعة لها.
كما اتهمت مصر الشبكة القطرية بتوفير منصة للحركات الإسلامية وتشجيع المنشقين، وهي الادعاءات التي انكرتها الشبكة.
وفي تصريح لها قالت شبكة « الجزيرة » أنهم يؤكدوا على حقهم في ممارسة الصحافة بمهنية بدون ضغوط من أي حكومة أو سلطة.
ووصلت الحملة الإعلامية للشبكة على مواقع التواصل الاجتماعي لحوالي 53 مليون مشاهدة، وتفاعل على تويتر وفيسبوك ويوتيوب في الأسبوع الأول لها، بجانب مشاهدة وصلت إلى 32 مليون مشاهدة على فيديو تابع للحملة منذ نشره في 3 يوليو الماضي.
وانتجت الحملة الفيديو الخاص بها باللغات العربية والانجليزية والاسبانية، حيث عرضت مذيعي ومراسلي « الجزيرة » يطالبوا بحرية الإعلام ويهدف الفيديو إلى تحدى التصريحات المناهضة لحرية الاعلام والتي صدرت من الدولة التي فرضت الحصار، من خلال مطالبات بإغلاق قناة « الجزيرة » كأحد الشروط لإنهاء عزل قطر.
طرق جوية وتجارية جديدة
من بين العقوبات المفروضة على قطر كان قرار غلق المجال الجوي لهذه الدول امام الخطوط الجوية القطرية، وهو ما يعنى أن الرحلات القطرية لن تذهب ولن تقدم خدماتها لدبي والسعودية وتحويل مسار رحلاتها إلى طرق جوية أطول بسبب هذه القيود.
للرد على ذلك، قررت ايران فتح مجالها الجوي أمام رحلات الطيران من وإلى قطر، وفي 3 يوليو أعلنت الخطوط الجوية القطرية أنها ستبدأ رحلاتها إلى صحار في عمان وبراغ وهي أول طرق جوية جديدة يتم الإعلان عنها منذ أن تسببت الازمة في إيقاف الرحلات لحوالي 18 وجهة في الشرق الأوسط.
قال أكبر الباكر المدير التنفيذي للخطوط القطرية أن العمل مستمر كما كان بالنسبة لهم رغم قطع العلاقات مع أربعة دول، والذي تسبب في بعض التأثيرات المالية، مضيفاً أن هذا التأثير جاء بسبب اضطرارهم لدفع المزيد من الأموال للسفر من وإلى الدولة.
يذكر أن الخطوط الجوية القطرية والتي تعد واحدة من أكبر الخطوط في المنطقة، فازت مؤخراُ بجوائز أفضل خطوط جوية في العالم، وتتحكم في 200 طائرة من بينهم 21 طائرة شحن.
ومن ناحية أخرى,، اطلقت قطر خمس طرق تجارية جديدة للتحايل على الحصار الاقتصادي، منهم اثنين للهند، واثنين لعمان وواحدة إل تركيا.
تأخير محتمل لكاس العالم 2022
تخطط قطر لإنشاء 60 ألف غرفة فندقية، وانهاء نظام مترو انفاق للدوحة بتكلفة تصل إلى 150 مليار دولار، ضمن الاستعدادات لاستضافة أكبر مسابقة كروية في العالم في 2022.
رأى العديد أن الجدول الزمني للتجهيز كان ضيق وأصبح أصعب الآن، خاصة أن أكثر من نصف معدات البناء كانت تصل عبر الطريق البري من خلال السعودية والذي تم اغلاقه الآن.
في هذا الشأن قال وزير الخارجية القطري الشيخ أحمد بن جاسم لصحيفة الجزيرة أنه حتى إذا لم تصدر قطر أو تستورد معدات لمدة عام، إلا أن الدولة تملك ما يكفي لتغطية انشاء البنية الأساسية ومشاريع القطاع الخاص.
وتعتمد الدولة الخليجية الثرية بشكل أساسي على العمالة الأجنبية لبناء مشاريعها، وأكدت بعض التقارير أنه قد يتم تأجيلها بسبب وقف الفلبين المؤقت لإرسال عامليها للدوحة، وكذلك حظر فيتنام عمالتها من السفر لقطر وفق ما قالته صحيفة « ذا ديبلومات ».
وأكدت الصحيفة أن قطر تسعى لمنع العاملين في الصناعات الهامة من السفر أثناء الأزمة الحالية.
