شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

دروس من الأزمة الخليجية.. السعودية والإمارات لا تصلحان لقيادة المنطقة

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالًا تحليليًا للكاتب الأميركي «مارك لينش» أبدى فيه تعجبه من استمرار السعودية والإمارات في محاولاتهما لإخضاع قطر بحجج واهية.

وقال مارك إنه مع نهاية جولة وزير الخارجية الأميركي «ريكس تيلرسون» إلى الخليج، التي هدفت إلى التوسط لإنهاء الأزمة بين قطر وأربعة بلدان عربية، لا يُظهر الصراع أيّ علامات على الحل. في النهاية، تجاهلت قطر الموعد النهائي الذي حددته الدول المحاصرة في الثالث يوليو، وسُرّبت نصوص اتفاقات سرية في محاولة لزيادة الضغط على الدوحة بإظهار فشلها في الامتثال للاتفاقات السابقة. وعلى الرغم من دبلوماسية «تيلرسون» النشطة، يبدو أن حل الأزمة بعيد. وما بدأ بتوقع الاستسلام السريع لقطر، مع التهديد بتغيير النظام أو الحرب، أفضى في النهاية إلى مجرد فراق طويل.

وفيما يلي دروس كبرى تعلمناها عن العلاقات الدولية في الشرق الأوسط من الأزمة:

أولًا: حدود القيادة السعودية الإماراتية

بعد استضافة العشرات من القادة العرب والإسلاميين لقمة الرئيس «ترامب»، توقعت السعودية والإمارات بشكل واضح انتصارًا سريعًا على قطر ودعمًا إقليميًا واسع النطاق؛ لكن الأمور لم تسر على هذا النحو. إن الجهود المبذولة لإثبات الهيمنة السعودية والإماراتية على مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط العربي أظهرت بدلًا من ذلك الانقسامات المستمرة للنظام الإقليمي.

وكما هو الحال في حربهما الكارثية في اليمن، بالغت السعودية والإمارات في تقدير احتمالات النجاح وفشلتا في وضع خطة بديلة معقولة إذا لم تعمل خطتهما. ويبدو أن دول الحصار الرباعية بالغت كثيرًا في تقدير المخاوف القطرية من العزلة عن دول مجلس التعاون الخليجي ومدى قدرتها على إلحاق الأذى بجارتها.

ولا يمكن للمقاطعة الاقتصادية إلا أن تضر بأحد أغنى البلدان في العالم إلا بشكل هامشي، في حين أن القاعدة العسكرية الأميركية توفّر رادعًا عسكريًا فعالًا. ولم يكن للتهديدات العسكرية تأثير يذكر بعد أن أوضح الجيش الأميركي أنه ليس لديه اهتمام باقتراحات الإمارات العربية المتحدة بتحريك القاعدة الجوية الأميركية من قطر. وجذب طلب إغلاق «الجزيرة» إدانة عالمية واسعة النطاق كهجوم على حرية وسائل الإعلام، في حين واجهت أربعة أنظمة قمعية ومضادة للديمقراطية أوقات صعبة في توجيه انتقادات معقولة لنظام قطر بحجة أنه غير ديمقراطي.

وفي حين يبدو أن الإخفاق في إجبار قطر كان متوقعًا؛ إلا أنه من اللافت للنظر أن السعودية والإمارات فشلتا في توسيع نطاق الائتلاف المناهض لقطر إلى ما بعد الأعضاء الأساسيين الأربعة. لم يكن للبحرين سياسة خارجية مستقلة منذ قمعها الوحشي للاحتجاجات في عام 2011، في حين أن مصر تنظر إلى قطر كجزء من صراعها الداخلي على السلطة مع جماعة الإخوان المسلمين. لم يكن البلدان بحاجة إلى كثير من الإغواء للانضمام.

وباستثناء أركان الحصار الأربعة، لم يؤيد أي بلد آخر الحملة تأييدًا قاطعًا. وانقسمت دول مجلس التعاون الخليجي نفسها؛ حيث سعت الكويت وسلطنة عمان إلى القيام بدور الوساطة. وتحوطت دول شمال إفريقيا، وحتى الأردن الذي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على السعودية، إلى مواقع محايدة تجاه الأزمة.

وفي الوقت نفسه، فتحت جهود عزل قطر أبوابًا من الفرص لجهات فاعلة إقليمية. من جانبها، أرسلت تركيا قوات عسكرية إلى قطر لردع أي غزو، وكانت هذه بادرة رمزية؛ نظرًا لضعف احتمال وقوع هجوم علني، ولكن الخطوة رفعت من محاذير الإقدام على مثل هذا الأمر.

واغتنمت إيران الفرصة لتحسين علاقاتها مع قطر، وأيضًا مع عمان والكويت. ويلفت استعداد السعودية والإمارات إلى تمزيق مجلس التعاون الخليجي في صراعهما مع قطر إلى أن خوفهما من إيران ليس بالقدر الذي يظهرانه للاستهلاك الإعلامي. ولا تزال الصراعات على السلطة والمنافسة السياسية بين القوى السنية، إضافة إلى المخاوف الوجودية المستمرة من الانتفاضات الشعبية والمنافسين الإسلاميين، تمثّل للسعودية والإمارات تهديدات عاجلة أكثر من الصراع بين تركيا وإيران.

سياسة أميركية غامضة

أرسلت إدارة «ترامب» رسائل مختلطة بشكل مثير للإحباط بشأن الأزمة. غرّد «ترامب» مؤيدًا الحصار على قطر؛ إلا أن البنتاجون أكد أنه لا ينوي نقل قاعدته العسكرية من الدوحة. وركز «تيلرسون» على الوساطة والحاجة إلى تهدئة الأزمة، متوقعًا أن توقيع الاتفاق مع قطر بشأن تمويل الإرهاب سوف يهدئ من مخاوف الدول المحاصرة. لا أحد يعرف من يتحدّث حقًا عن الولايات المتحدة، وجميع الأطراف يعملون بنشاط على حشد حلفائهم داخل إدارة «ترامب».

وتوقع كثيرون أن احتضان «ترامب» الكامل للرؤية السعودية الإماراتية أثناء زيارته للمملكة العربية السعودية يلفت إلى عودة الشراكة الوثيقة بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين الخليجيين. ولكن الفوضى الناجمة عن ذلك والمشاكل بين صفوف هؤلاء الحلفاء تلفت إلى أن الأمور التي تبعد الولايات المتحدة عن حلفائها الخليجيين «هيكلية» أكثر منها شخصية.

وكما كان الحال مع إدارة «أوباما»، تشهد إدارة «ترامب» الآن وضعًا مشابهًا جدًا؛ حيث تواصل الأنظمة الخليجية اتباع أجندة سياساتها المحلية والإقليمية الخاصة مع الاستخفاف بأولويات واشنطن، مثل الحملة ضد «تنظيم الدولة».

المعركة تتعلق بأمن الأنظمة

تعد أزمة قطر ثمرة للحروب بالوكالة التي استنزفت المنطقة منذ الانتفاضات العربية عام 2011. في هذه الحروب، دعمت دول مثل إيران وتركيا بشكل روتيني المعارضين من مختلف الأيديولوجيات والخلفيات في سعيهما للحصول على حلفاء فاعلين على الأرض. منذ بداية الحرب الليبية، وجهت قطر والإمارات العربية المتحدة الأموال والبنادق إلى حلفائهما؛ ما أدى إلى الفشل في بناء دولة ليبية فعالة.

إن الحجج المتنازع عليها بشأن إمكانية إدراج جماعة الإخوان المسلمين في تعريف الإرهاب متجذرة في الحروب بالوكالة ومخاوف أمن الأنظمة الداخلي. ودفعت مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة منذ سنوات إلى تسمية جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية»؛ على الرغم من إجماع الخبراء على أنها ليست كذلك.

والقضية الحقيقية هي أن قطر والإخوان المسلمين تقفان على الجانب الآخر في الصراع على النفوذ الإقليمي. وأدى الاستقطاب بين الإسلاميين وخصومهم في نهاية المطاف إلى انقلاب عسكري مدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية في مصر، وهو مصير تجنّبته تونس بالكاد بعد أن تلت حركة النهضة طواعية عن السلطة.

وشاركت قطر أيضًا في تمويل جماعات إسلامية معارضة في سوريا. غير أن دول الخليج وشبكات خاصة موالية لها كانت مسؤولة عن توجيه الأسلحة إلى مسلحين إسلاميين على مدار خمس سنوات من الحرب. وشاركت السعودية بشكل كبير في تسليح المعارضين السوريين، في حين كانت الكويت منذ سنوات مركزًا لجمع التبرعات الخليجية لهم. وفي أوائل عام 2015، انضمت المملكة العربية السعودية إلى قطر وتركيا في دعم جيش الفتح، وهو تحالف إسلامي يتبنى «نهجًا متشددًا» في سوريا. وبالتأكيد، تمتد مسألة الخطاب الطائفي في الصراع السوري إلى ما هو أبعد بكثير من قطر.

ماذا الذي تعلمناه؟

أثبتت الأزمة أن الصراعات بين دول «السنة» لا تزال أكثر حدة من صراعها ضد إيران، وأن المخاوف الأمنية للنظم تستمر في دفع سياستها. تخطئ القوى الإقليمية في تقدير النتائج المحتملة لسياساتها وهي ملاحظة تحذيرية للذين يأملون للمنطقة أن تخرج من الاضطراب الحالي. هذا يجعل الرسائل المختلطة من إدارة «ترامب» خطيرة بشكل خاص في وقت حرج من عمر الشرق الأوسط.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023