قالت صحيفة «ناشونال إنترست» الأميركية إن معركة الموصل لم تكتمل بعد ولم يذكر القادة العسكريون الأميركيون الأهمية الاستراتيجية الكبرى لنتائجها المحتملة، موضحة أن هناك تساؤلات صعبة يجب طرحها؛ من بينها سبب استمرار الإدارة الأميركية الحالية في اتّباع طريق الإدارتين السابقتين نفسه بالمشاركة في المعارك القتالية التي لا تفيد الأمن القومي الأميركي.
تضيف الصحيفة أن من بين التساؤلات الأخرى سبب استمرار واشنطن في تعريض حياة قواتها وإنفاق مئات المليارات من الدولارات على تحركات عسكرية لم تكتفِ بإفشال تحسين الأمن الأميركي وحسب؛ بل وساهمت في تدهوره.
قال نائب قائد القوات الجوية «الجنرال آندرو كروفت» إن تحرير الموصل سيكتمل في أيام، ومدح في قوات الأمن العراقية، موضحًا أن إنجازاتهم ستنافس أفضل جيوش العالم، وأن معركة الموصل تشبه موقعة «ستالينغراد» بشكل أسوأ عشر مرات.
ترى الصحيفة أن هذا التصريح يعد تشويهًا جسيمًا للواقع التاريخي؛ حيث قتل ما يقرب من 1.9 مليون شخص في موقعة ستالينغراد أثناء الحرب العالمية الثانية، بينما قُتل أقل من ثمانية آلاف من القوات العراقية حتى مارس الماضي.
تضيف الصحيفة أن هناك رابطًا عاطفيًا قويًا؛ حيث كانت ستالينغراد وهزيمة النازيين التكتيكية في 1943 بداية النهاية الاستراتيجية لعهد هتلر، بينما لن تمثّل هزيمة تنظيم الدولة النتيجة الاستراتيجية نفسها.
تلفت الصحيفة إلى أن نتيجة المعركة ستكون نهاية سيطرة تنظيم الدولة على الأراضي والانتقال إلى مرحلة أخرى من جهودها المتطرفة؛ حيث تشير الأوضاع حتى الآن إلى أن التنظيم سيتبع خطى تنظيم القاعدة بعد تخلص أميركا من وجودها في أفغانستان في أوائل 2002، بعدها انتقل التنظيم إلى العمل في الظل واستمر في إطلاق هجماته.
تضيف الصحيفة أن الجنرال كروفت أعطى تلميحًا بشأن نهاية معركة الموصل ونتائجها وتأثيرها على القوات الأميركية؛ حيث قال إنه بمجرد الانتهاء من القتال ستتبع القوات خطى العراقيين، موضحًا أن ذلك بسبب رغبة الحكومة العراقية في الاستمرار في حربها ضد تنظيم الدولة؛ لذا هناك حاجة لوجود قوات التحالف، من بينهم أميركا.
ترى الصحيفة أنه ليس هناك حل عسكري لهزيمة تنظيم الدولة، رغم اعتقاد قادة أميركا أن الأمر لن ينتهي إلا بالمعارك؛ حيث يرون أنه إذا فجّرت أميركا الجماعات الإرهابية ونشرت مزيدًا من القوات على الأرض ودرّبت القوات الأجنبية فإنهم سيتمكنون من قتل ما يكفي من الأشرار للتخلص من هذا الخطر؛ إلا أن السنوات الماضية والأحداث التاريخية أثبتا عكس ذلك.
تقول الصحيفة إن الظروف التي أتاحت ظهور تنظيم الدولة وازدهاره، ومن قبله تنظيم القاعدة، لا زالت موجودة حتى الآن؛ بالتالي فإن التعامل العسكري ضروري، ولكن لا بد من وجود استراتيجية.
تضيف الصحيفة أن أزمات المنطقة المعقدة لا يمكن لأميركا حلها، وأثبتت واشنطن فشلها من قبل، لكن بعد دفع ثمن مكلف؛ ولذا لا نرى أي انتصارات، بسبب قلة استخدام القوة الكافية، وأيضًا لعناد الولايات المتحدة واستخدامها وسائل تكتيكية خاطئة لحل الأزمة؛ في حين تتجنب استخدام استراتيجيات أخرى يمكن أن تساهم في تحقيق أهدافها.
اعتبرت الصحيفة أن الوقت حان لتعديل المسار واستخدام استراتيجية بديلة للسياسات الفاشلة الحالية ومحاولة احتواء العنف؛ حتى لا ينتشر في بقية مناطق العالم.
يجب أن تسعى أميركا بالدبلوماسية والسياسة إلى تقليل الأسباب التي تجعل أشخاصًا ينضمون إلى المنظمات الإرهابية، ويجب كذلك أن تعمل على تقوية الأمن الداخلي.
تؤكد الصحيفة أن الفشل في تغيير الوضع الحالي سيعني بالتأكيد تصاعدًا كبيرًا في التهديدات الخطيرة الحالية.