إن تشكيل جبهات معارضة متحكم فيها، لهو حلم تطمح له الأنظمة المتحكمة فى كل دولة على حد سواء الديمقراطية منها او غير الديمقراطية، لعمل معارضة تخدم النظام سواء من خارج المؤسسات أو من داخلها، ومن ثم يجب أن نوضح أنه لا تعمل المعارضة على تغيير نظام الحكم، وإنما تكون جهة رقابية على الحكومة وسياساتها وتنفيذها لمهامها الدستورية ومثل هذا في الدول الديموقراطية
و عندما نتناول المعارضة بقدر من النقد لايعني أننا نستهدفها ولانحمل عليها الضغائن والأحقاد، بل نحاول أن نلفت عنايتها إلى أهمية تصحيح مسارها وتعديل خطابها وسلوكها وممارستها للحياة السياسية؛ بقدر من الوعي بحاجة الواقع الوطني ومراعاة هذا الواقع بحيث يكون للمعارضة دور إيجابي متميز في إثراء الحراك السياسي وتطوير مظاهره وإفرازاته الاجتماعية، بما يترتب على هذا من ظواهر وطنية راقية تدفع بعملية التطوير والتحولات الوطنية إلى الأمام بعيداً عن هذا السلوك القاصر الذي يحسب على المعارضة لا لها..!!
مشروعية المعارضة :
يشير صاحب الفكر السياسي عند ابن تيمية إلى أن شيخ الاسلام جعل من المعارضة " من لوازم وجود بني آدم " و أن المعارضة في تحديده هي : " فعل الحـسن المأمور به و ترك السيئ المحظور " . و أنها ممارسة لقيمة و مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فعلى كل إنسان " لابد له من أمر و نهي ، و لابد أن يأمر و ينهى ، حتى لو كان وحده ، لكان يأمر نفسه و ينهاها إما بالمعروف و إما بالمنكر " بل اعتبرها " جماع الدين ، و جميع الولايات " .
آداب المعارضة :
يورد ابن تيمية أثرا للسلف بأنه " لا يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر إلا من كان فقيهًا فيما ينهى عنه ، رفيقًا فيما يأمر به ، رفيقًا فيما ينهى عنه ، حليمًا فيما ينهى عنه " . فحق المعارضة كما يستنتج صاحب الفكر السياسي عند ابن تيمية " لا يُخوله أن يكون بلا خلق و لا أدب في تعامله مع المخطئ . بل لابد له من آداب و أخلاق ، و أهم هذه الآداب و الأخلاق : الرفق ، و الحلم ، و الصبر ، على أذى المُعَارص – المُعترض عليه – أو جهله و لهذا قيل : " ليكن أمرك بالمعروف ، و نهيك عن المنكر غير منكر " . و إن ما نقرأه في الحوار الدائر على الساحة السياسية المصرية ، يلاحظ أن العديد مما يُحبّر في هذه الأيام ، فيه من التجاوزات و الحِدّة و الألفاظ غير اللائقة . مما يجعل من الخطابات السياسية تنتكس إلى لغة الشارع اليومية المشحونة و المشوهة بوهم الاعتراض السلبي على ضغوط الواقع ، و المزدرية بما آل إليه واقع الحال في المعارضة كما في السلطة .