ذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن الغرب قد يدفع ثمنا باهظا نتيجة تردده بشأن التدخل العسكري في سوريا بالنظر إلى أن تفاقم حجم العنف هناك سيجذب الجماعات الإرهابية ويؤثر بشكل سلبي في الدول المجاورة لها.
وأضافت المجلة – في تقرير أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت اليوم الخميس أن استمرار الصمت من قبل المجتمع الدولي على المجازر المتواصلة التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه سيؤدي إلى انزلاق البلاد إلى حرب أهلية لن تجدي معها محاولات وقف دائرة العنف.
وأوضحت "دير شبيجل" أن الظروف المحيطة بالانتفاضة السورية أكثر تعقيدا من الظروف التي أحاطت بثورات الربيع العربي التي اندلعت مطلع العام الماضي، ذلك أن النظام في سوريا لم يسقط بالسرعة التي سقطت بها الأنظمة الحاكمة في تونس ومصر وليبيا ، كما أن الثوار السوريين لم ينجحوا حتى الآن في إيجاد منطقة محررة من القوات النظامية يمكن الانطلاق منها.
وأشارت المجلة إلى أن سوريا تضم خليطا من الأقليات قابل للانفجار، كما تحظى دمشق بدعم دولي من قبل روسيا والصين اللتين تعملان دائما على منع استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز التدخل العسكري في سوريا.
وأوضحت المجلة أن الطريق الموازي للتدخل العسكري، وهو طريق التفاوض، والذي لم يخرج بإيجابيات، فالرئيس السوري بشار الأسد لم يلتزم بأي من التعهدات التي نتجت عن مفاوضات توسطت فيها الجامعة العربية والأمم المتحدة، بل إنه استمر في قتل وقصف حركة المعارضة التي تزداد قوة يوما بعد يوم.
وأكدت المجلة الألمانية أن لجوء النظام السوري للعنف المفرط لم يدفع المعارضة للاستسلام ، بل إنه خلف مدائن مدمرة ، وعشرات الآلاف من القتلى ، وشهور من حرب عنيفة لم يعد من المتصور أن يخرج منها الرئيس السوري منتصرا .
وأضافت المجلة أن الكثير من القوى الغربية والدول العربية تأمل في تغيير منهجي ومنظم للنظام في سوريا ، واقترحت بعض هذه الدول مثل قطر والسعودية وفرنسا أسماء لشخصيات سورية لقيادة الفترة الإنتقالية ، في حين ذهب البعض الآخر مثل الولايات المتحدة إلى الحديث عن التخطيط لإدارة انتقالية لفترة ما بعد الأسد ، غير أن مجريات الأمور تؤكد أن التخطيط للفترة الإنتقالية دون الإطاحة بنظام الأسد لن يجدي نفعا.
ولفتت المجلة إلى أن هذه الدول تعمل على تزويد الثوار السوريين بالسلاح لمواجهة نظام الأسد، إلا إن هذا السلاح لم يؤد إلى انتصار المعارضة ، ولم يساهم إلا في بقاء الوضع المتأزم على ما هو عليه.
وأضافت المجلة أنه كلما طالت الفترة التي يعجز فيها العالم عن تقديم يد المساعدة للسوريين، كلما زاد الاحتمال بأن يملأ آخرون من غير المرغوب فيهم هذا الفراغ ، كتنظيم القاعدة على سبيل المثال .
وأوضحت "دير شبيجل" أن الاعتقاد بأن استمرار النظام السورى في قتل أبناء شعبه سيمر دون أن تحدث تبعات قوية يعد خطأ فادحا، فاستمرار القتل لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والرغبة في الانتقام، وبمرور كل يوم يستمر فيه القتل ستتراجع أعداد الراغبين في وقف حمامات الدم .
واختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن دول العالم يمكنها أن تستمر في مشاهدة ما يحدث في سوريا ورفض أي نوع من أنواع التدخل الخارجي أو تزويد المعارضة بالسلاح الذي يمكنها من إسقاط مقاتلات الأسد ومروحياته، غير أن ثمن هذا الموقف سيكون باهظا، لأنه يعني ببساطة أن ينتج عن استمرار الأزمة السورية أمور محددة يعمل الغرب منذ سنوات على تفاديها وتجنبها .