سيقف التاريخ طويلاً أمام قرارت الرئيس مرسي الأخيرة التي جاءت لتؤسس لمصر الحديثة الديمقراطية الحرة بعد ستة أسابيع فقط من توليه رئاسة البلاد.
فها هي مصر تنعم بانتصار الثورة المصرية المجيدة في يومها التاسع عشر الذي تأخر لعام ونصف، عانت فيها كي تنتقل من 11 فبراير2011 يوم أطيح بمبارك، إلى 12 أغسطس 2012 حين أطاح الرئيس الشرعي للبلاد بقيادات مجلس مبارك العسكرى وألغى الإعلان غير الدستورى المكبل، وهو ما مثل زلزالاً قوض دولة العسكريتاريا التي استبدت بحكم مصر 60عاماً وحاولت أن تستمر بعد ثورة يناير مستنده لشرعية يوليو البائدة.
وبغض النظر عن الملابسات المحيطة بالقرارات من كارثة رفح إلى مهزلة الاعتداء على رئيس الوزراء في الجنازة العسكريه للشهداء، فقد صححت تلك الخطوة الجبارة الأوضاع معيدة السلطة مكتملة إلى الرئيس الشرعي المنتخب بعيداً عن الوصاية العسكرية المتضخمة بأذرعها الإعلامية والقضائية، وهكذا استطاع الرئيس مرسي بالتخطيط الذكي الشجاع أن ينهي دور الجيش في الحياة السياسية، وأن يؤسس لحكم ديمقراطي مدني بعد أن انتقل المجلس العسكرى مع إعلانه الدستوري الفاضح إلى ذمة التاريخ، وليثبُت للجميع أن شرعية الصندوق الشعبية أقوى وأمضى من شرعية المدفع الوهمية.
وبتتبع ردود الأفعال المحلية والدولية المتوالية تتضح للمراقب عدة نقاط:
1-أن إسرائيل هي أكثر المنزعجين والمصدومين من قرارات الرئيس التي خلطت أوراقهم وقلبت حساباتهم رأساً على عقب خاصة بعد تغيير قيادة المخابرات أيضاً، وهو ما اتضح في تصريح نتنياهو الذي ذكرته الإذاعة العبرية صباح 13 أغسطس ( أن قرارات الرئيس المصري التي أقال فيها أبرز قيادات المجلس العسكري تعد أسوأ من خلع مبارك)( يبدو أن مصر لن تتوقف في عهد الرئيس مرسي عن تصدير المفاجئات الخطيرة) وهي تصريحات توضح الرعب الصهيونى من انتهاء علاقة التبعية المصرية لأمريكا واسرائيل، واتجاه مصر لإلغاء التعاون الأمني والاستخباراتي معهم بخلاف موقفها المعلن من دعم غزة والسعي الجاد لإتمام المصالحة الفلسطينية.
2-على العكس جاء رد فعل الإدارة الأمريكية هادئاً ومتوازناً ولم تصدر أية تصريحات خاصة حول القرارات، ويرى المراقبون أن الإدارة الأمريكية كانت على علم بأن الرئيس مرسي سيتخذ تلك الخطوة، وإن لم تعلم بموعدها وتفاصيلها لكنها أدركت أنه سيغير قيادات الجيش وهو ما ظهر في تصريحات وزير الدفاع الأمريكي (ليون بانيتا) في زيارته الأخيرة لمصر (أن الولايات المتحدة تدعم بقوة الانتقال السلمي والشرعي إلى نظام ديمقراطي للحكم في مصر) قبل أن يتصل بوزير الدفاع المصري الجديد لتهنئته على المنصب.
3-اندلعت فرحة عارمة في أرجاء المحروسة وخرج الشعب للاحتفال بهذه الضربة القاصمة ( ظنها الكثيرون ضرباً من الأحلام ) لدولة الفلول العميقة، وكان رد فعل القوى الإسلامية مرحباً بشدة وكذلك شباب الثورة وحركة 6 إبريل والشخصيات العامة والثورية أبدت رضاها عن هذه الخطوة الحاسمة في مستقبل الدولة المصرية، وجاء اختيار الرئيس للسفير الثائر رفاعة الطهطاوي كرئيس للديوان والمستشار المناضل محمود مكى كنائب للرئيس ليطمئن الجميع أن د.مرسى بالفعل رئيس لكل المصريين.
4-بينما كانت الصدمة قاتله لأرامل مبارك وفلول الوطنى وللقوى الطائفية والعلمانية المتطرفة وهو ما ظهر في تصريحات أحزاب التيار الثالث الكرتونية ( المصريون الأحرار – التجمع – المصري الديمقراطي – الجبهة) حيث أجمعوا على صدمتهم من الاستبداد المزعوم للإخوان بحكم مصر!!! أما الناصريين ( تهاني الجبالي – سامح عاشور – جمال فهمي- مصطفى بكرى وغيرهم) فقد تراوحت تصريحاتهم الفجة بين الصدمة والتهجم ولا عجب فهم كهنة الاستبداد الذين راهنوا على استخدام العسكر لضرب الإسلاميين حتى لا تلعنهم الآلهه!!! والخلاصة أن معسكر الثورة المضادة وميليشياته الإعلامية والسياسية قد مُنيت بضربة قاصمة يصعب بعدها أن تقوم لهم قائمة.
5- أما عن ثورة الفلول( 24 أغسطس) التي دعى لها أراجوزات الإعلام الصفيقة ( عكاشة – أبو حامد) فتم إجهاضها قبل أن تبدأ، والشعب في انتظار محاكمتهم على السعي للإنقلاب على الشرعية وتخريب الممتلكات وبث الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن
ختامًا فإن الواجب على كل مصري حر شريف أن يدعم الرئيس مرسي الذي أثبت للجميع جدارته بزعامة مصر وأنه يملك من الشجاعة والقوة ما يمكنه من تحقيق آمال الشعب المصرى الذي ضحى بفلذات أكباده كي تتحرر مصر وتعود لمكانتها الرائدة في قلب الأمة العربية والإسلامية