حينما تجد أسم العالم "علي مصطفى مشرفى" على كتاب لا بد أن تتلقاه بشغف لقراءة السطور وما بينها، فهو أينشتاين العرب الذى كانت جهوده فخر لكل مصري، ولقد أعادت الهيئة العامة لقصور لثقافة طباعة كتابه " نحن والعلم " الذي كتبه عام 1945 لكنه مازال يحمل أفكار نحن في أمسّ الحاجة إليها اليوم، ويمكنك من خلال جولة بين صفحات وفصول الكتاب أن تشعر بغيرة صادقة على موقع مصر في ميادين العلم بين الأمم.
يبدأ العالم الجليل بتعريف العلم فى مقدمة الكتاب والفرق بين العلوم البحتة والعلوم التطبيقية والرغبة الدفينة فى تعطش الإنسان إلى إدراك الحقيقة كجزأ لا يتجزء من النفس البشرية يلازم الإنسان من مهده إلى لحده ويشير إلى أن هذا التعطش هو ما يستخدمه المربون فى تعليم النشأ وتثقيفهم .
ويتسائل مشرفة : نحن في مصر أين مكاننا بين هذه الأمم؟ وما مبلغ ما وصلنا إليه من العناية بأمر العلم ؟ وإلى أي حد يمكن أن نزعم أن حياتنا الحديثة مدعمة على أسس علمية صحيحة ؟
وينتقد العالم تطبيق المعرفة العلمية كما وصلت لنا من الغرب والتحجج بأننا قوم عمليون كتأسيس مصنع لصناعة الطيارات على الأسس الغربية دون وجود فريق من العلماء يدعمه ويعالج المشكلات التي تقف أمامه ، فيقول " ألا ترى أننا حين حصرنا همنا في تشيد المصنع بحجة أننا قوم عمليون وأهملنا دراسة العلوم الرياضية والطبيعية، إنما كان مثلنا كمثل من عنى بالصرح ولم يعن بالأساس الذي يقوم عليه فأقامه على شفا جرف هار".
ويوضح آيضًا أهمية التأليف العلمى وتدوين العلوم بالغة العربية، مشيرا إلى أنه حينما تنبه العرب إلى ضرورة نقل علوم الإغريق إلى اللغة العربية، قام الخلفاء والأمراء بتشجيع العلماء على الانقطاع إلى النقل والتأليف فصارت اللغة العربية لغة العلم والتأليف.
وعن توجيه الرأي العام تجاه العلم يقول إن البلاد المتقدمة يوجه فيها الرأى العام توجيها علميا بطرائق مختلفة ، حيث توجد صحافة متخصصة تناقش قضايا العلم فضلًا عن إعطاء الصحافة اليومية والأسبوعية عناية كبيرة بشئون العلم،بينما فى مصر حينما اتجه التفكير إلى تشكيل جمعية تشبه الجمعية البيريطانية، والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، ونشات هيئة المجتمع المصري للثقافة العلمية ، وعقدت اجتماعات وخرجت مؤلفات متميزة، إلا أن الصحافة لم تخصص أعمدتها لتلخيص المحاضرات، ولا الإذاعة أدخلتها في برامجها مما أدى إلى قلة إقبال الناس على الحضور والاستماع للمحاضرات .
ويتطرق الكتاب إلى علاقة العلم بالمجتمع وكيف أن العلماء في العصر الحديث قد خرجول من أبراجهم العاجية ليكون العلم متزامنا مع احتياجات المجتمع الحديث.
ويذكرنا مشرفة بنفس السيناريو الذى كان يحدث في عهد النظام السابق من إهمال للعلم والعلماء حيث صدر مرسوم ملكي عام 1939 لإنشاء مجلس فؤاد الأول للبحوث ومضى 5 سنوات على ذلك وهو لا يزال .
أما عن الفصل الأخير الذى يحمل عنوان " كيف يوجه العلم والعلماء لتحقيق تعاون عالمى يشير إلى تجاهل تدريس تاريخ العوم للنشأ كما نوقش فى المؤتمر الأول لتاريخ العلوم عام 1930 بحيث عابو على المجتمع أن ينكر جميل العلم والعلماء فى حين أنه يعني العناية كلها بتاريخ الملوك والأمراء، ويتسائل لماذا نعنى بتلقين أطفالنا ما حدث لنابليون في حياته العامة من أحداث حربية وسياسية ولا نلقن النشأ كلمة واحدة عن تاريخ اختراع الآلة البخارية وعن حياة ذلك المخترع العظيم جيمس وات ؟
الكتاب :- نحن والعلم
المؤلف:- على مصطفى مشرفة
الناشر:- الهيئة العامة لقصور الثقافة
القطع :- المتوسط
عدد الصفحات :- 76