سلط تقرير لقناة “سي بي سي” الكندية الضوء على التسوية التي قامت بها حكومة كندا مع ثلاث مواطنين من أصول عربية قد تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات لمساعدة أجهزة الأمن الكندية في تقديم معلومات عنهم لأجهزة الأمن السورية والمصرية.
وقالت الصحيفة إنه بعد أشهر من المفاوضات، قامت الحكومة الفيدرالية الأميركية بتسوية مع ثلاثة رجال كنديين ودفعت تعويضات للدور الذي لعبه مسئولون كنديون في استجوابهم في سوريا ومصر .
وأصدر وزير السلامة العامة رالف جدار ووزير الخارجية الكندي “كريستيا فريلاند” بياناً أكدا فيه على تسوية قضية عبدالله المالكي وأحمد المعاطي ومؤيد نور الدين والاعتذار لهم، حيث وقال البيان: “بالنيابة عن الحكومة الكندرية نود الاعتذار للسيد المالكي وأبو المعاطي وعائلاتهم عن أي دور لعبه المسئولون الكنديون فيما يتعلق باحتجازهم وإساءة معاملاتهم في الخارج، وأي أذى ناتج عن ذلك”، ولم يقدم البيان أي تفاصيل عن طبيعة التسوية أو المبالغ المالية المقدمة لهم .
ومن شأن هذه التسوية أن توقف محاكمة طويلة ومحرجة للحكومة الكندية كان من المقرر أن تبدأ خلال الشهر الماضي، حيث يقول “فيل تنلي”، المحامي الممثل للرجال الثلاث: “وكلائي الثلاث ممتنون لتلقيهم اعتذار من أعلى المستويات في الحكومة الكندية”.
ويضيف التقرير أنه قبل عشر سنوات رفع الثلاث رجال دعوى قضائية للحصول على تعويض بقيمة 100 مليون دولار من الحكومة البريطانية، إلا أنهم أوقفوا الدعوى بشكل مؤقت للسماح لـ”لاكوبوتشي” قاضي المحكمة العليا السابق للقيام بتحقيق داخلي، وخلص تقرير “لاكوبوتشي” إلى أن المسئولين الكنديين تورطوا بشكل غير مباشر في تعذيبهم، وفي 2009 دعا مجلس العموم الحكومة إلى تعويض المتضررين والاعتذار، والقيام بكل شيء ممكن لتصحيح المعلومات الخاطئة عنهم ربما توجد في سجلات أجهزة الأمن في كندا وفي الخارج، وانتظر الرجال الثلاثة منذ ذلك الحين حتى الآن.
وحصل المحامون الممثلون للضحايا على حكم قضائي يسمح لهم بالاطلاع على على آلاف الوثائق والرسائل الإلكترونية السرية التي تكشف، ليس فقط معرفة المسئولين الكنديين بتعذيب ثلاث مواطنين في سوريا عقب أحداث 11 سبتمبر، بل أيضاً التعاون مع المسئولين السوريين في تحقيقاتهم، كما تظهر الوثائق مساعدة السفير الكندي في تسليم أسئلة أجهزة الأمن الكندية لنظيرتها السورية لطرحها على الضحايا .
ويشير التقرير إلى أن ملابسات القضية مشابهة لما جرى مع المواطن الكندي ماهر عرعر، التي انتهت باعتذار الحكومة الكندية وحصوله على تعويض بقيمة 10.5 ملايين دولار من الحكومة الفيدرالية.
وكان ألقي القبض على “المالكي” المواطن الكندي الحاصل على بكالوريوس الهندسة الإلكترونية من جامعة “أوتاوا كارلتون” في 2002 فور وصوله إلى بغداد لزيارة أقاربه، واحتجز لمدة 22 شهرا، حيث يقول إنه تعرض للضرب والتعذيب لسبعة ساعات في أول يوم احتجاز له، وأراد المحققون منه إخبارهم عن خططته في كندا والاعتراف بأنه اليد اليمنى لأسامة بن لادن .
ولدى وصول “المعاطي” إلى دمشق لعقد قرانه في خريف 2001، كُبلت يديه واقتيد إلى أحد السجون السورية وعذب، ثم وضع في طائرة خاصة وأرسل إلى مصر، حيث عذب بشكل أكبر، ثم أطلق سراحه في يناير 2004.
ويقول “نور الدين”، الذي ألقت الحكومة السورية القبض عليه لدى عبوره إلى سوريا قادماً من العراق، إنه ليس لديه أدنى شك في أن الأسئلة التي سألها له المحققون السوريون هي من وضع أجهزة الأمن الكندية، واحتجز نور الدين على مدار 34 يوماً في السجون السورية قبل إطلاق سراحه والعودة إلى كندا .