انتهت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من مناقشة المواد المتعلقة بوضع الجيش بالدستور، حيث استقرت اللجنة على بقاء وضع المؤسسة العسكرية كما هو بدستور 71، وأن وضعه في الدستور الجديد سيكون أكثر تفصيلا عن سابقه.
بحيث تضمن مواد الدستور الجديد عدم جواز وضع أي تشريعات تتعلق بالمؤسسة العسكرية دون الرجوع له أي للدستور، كما أن آخر ما توصلت إليه اللجنة هو أن ميزانية الجيش سيتم مناقشتها في لجنة برلمانية خاصة.
كشف الدكتور أيمن نور عضو الجمعية التأسيسية للدستور عن أن لجنة "الأمن القومي" عقدت بحضور اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عصام العريان عضو مجلس الشعب السابق وأعضاء من حزب غد الثورة والسيد عمر موسى، لمناقشة النصوص الخاصة لوضع الجيش في الدستور الجديد .
وأكد نور أنه تم الاتفاق حول النصوص حتى الآن دون سيطرة أو استحواذ على أوضاع الجيش داخل الدستور الجديد ووصفها بالنصوص المقبول من الطرفين على حد وصفه.
وأوضح أن تحديد وضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد لن يؤثر بأي حال على مصير التأسيسية سواء استكمال أعمالها أو حلها وفقا لما تردد من تلويح العسكري بهذا التهديد في حال عدم حصوله على وضع مميز بالدستور.
وأشار نور إلى أن من أهم ما توصلت إليه لجنة الأمن القومي وضع الجيش في الدستور الجديد أنه لا يخلف عن دستور 71 وأن الجيش لن يكون جهة تشريع عن نفسه، ولكن من حقه أن يؤخذ رأيه في شئونه.
انفصال القضاء العسكري
أشار الدكتور عاطف البنا – وكيل اللجنة التأسيسية – أن الجمعية رفضت المقترح المقدم من اللواء ممدوح شاهين بخصوص نقل تبعية القضاء العسكري إلى القضاء الطبيعي، موضحا أن هذا المقترح يضمن إمكانية خضوع مدنيين أمامه، خاصة وأنه ليس قضاء مستقلا بل تابع للجيش، وعن كيفية إدارة البلاد في المرحلة القادمة قال: أن الجمعية اقترحت تشكيل مجلس دفاع وطني لإدارة البلاد في الأزمة على أن يرأس المجلس رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الشعب في حالة غياب الأول.
وأوضح أن المجلس سيتكون من مدنيين وعسكريين على أن تزيد نسبة المدنيين به ويكون ممثل لجميع أطياف الشعب .
التوافق حول وضع العسكر
نفى اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع، عضو المجلس العسكري، ما تردد عن تقديمه أي مقترح للجمعية التأسيسية بشأن وضع الجيش في الدستور، وأن اللجنة انتهت إلى تحديد وضع الجيش في الدستور الجديد من خلال التوافق بين أعضاء لجنة الأمن القومي
كما تواترت أنباء مؤخرًا تشير إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمارس ضغوطًا مكثفة على جماعة "الإخوان المسلمين" بغرض تمرير بنود فى الدستور الجديد تؤمن وضعًا خاصًا له في الدستور يعيد للأذهان المادتين 9 و10 من "وثيقة السلمى"، التي تعطي الجيش وضعًا سياسيًا وحقوقًا في الانقلاب على رئيس منتخب في حال إقدامه على مخالفة الدستور.
وذهبت الأقاويل إلى أن المجلس العسكرى يقايض "الإخوان" وذراعها السياسية حزب "الحرية والعدالة" حاليا للموافقة على هذا الوضع السياسى المميز للجيش وعدم تدخل القيادة السياسية في شئون الجيش ومؤسسته، وذلك مقابل عدم حل الجمعية التأسيسية والتلويح بقدرته على تشكيل تأسيسية جديدة تؤمن له هذا الوضع في حال عدم دعم الجماعة لتصور ممثل المؤسسة العسكرية في الجمعية التأسيسية اللواء ممدوح شاهين.
العسكر وإسرائيل
زعمت صحيفة "إسرائيل اليوم" في تقرير لها أن جميع الأجهزة الأمنية الحساسة في إسرائيل مازالت تتعامل مع المجلس العسكري في مصر كأنه هو المؤسسة الحاكمة، وصاحبة القرار بها، وذلك لما وصفته بأنه يضع حجر الاساس والتمهيدات اللازمة التي تتيح له وضعية ترضيه في الدستور الجديد.
وزعمت الصحيفة المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية "قليل الخبرة" على الصعيد السياسي، ولا يستطيع في الوقت ذاته أن يتعامل مع دهاء المجلس العسكري، والأهم من كل هذا أن الكثير من التعهدات التي تعهد بها مرسي، أمام شعبه أثناء حملته الانتخابية لم تتحقق حتى الآن وذلك لأسباب استراتيجية أو سياسية أرجعتها الصحيفة بشكل أساسي إلى أزمات مفتعلة يديرها المجلس العسكري وتضيقات إدارية فرضها على الرئيس، الأمر الذي دفع بالصحيفة إلى القول إنها أمام رئيس مسئول لا يجد الأدوات اللازمة لحكم البلاد.
المثير للانتباه أن الصحيفة أكدت أن المشير محمد حسين طنطاوي، يعتبر بمثابة الحاكم الفعلي لمصر حتى الآن، زاعمة أن طنطاوي يؤمن بأن المجلس العسكري هو الأجدر بقيادة البلاد، ولا يمكن ترك إدارة شئون البلاد كلها لجماعة الإخوان، على الرغم من أن الجمعية التاسيسية انتهت إلى تحديد وضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد المنتظر تصداره من اللجنة التاسيسية.
واستندت الصحيفة إلى أن بعض المؤشرات التي وصفتها "بتمهيدات المجلس العسكري لتحديد وضعه في الدستور الجديد بما يرضيه"، بأنها تؤكد نفس المعلومة، وسمتها بثلاث ظواهر أساسية، الأولى وهي منح المخابرات العسكرية سلطة إلقاء القبض على أي مشتبه فيه دون إذن النيابة العامة وهذا ما طرح مؤخرا وأقره وزير العدل وهو ما يعرف بالضبطية القضائية والتي أيضا ألغتها محكمة القضاء الاداري وهو ما يفقد الشق الأول التي استندت إليه الصحفية الموضوعية، ثانيا عدم وقوف المجلس العسكري بأي حال من الأحول مع الرئيس مرسي، في قراره بإعادة جلسات مجلس الشعب، وأضافت على العكس أناب القضاء لالغاءه، وبالنسبة لهذا القرار وهو القرار الجمهوري بعودة مجلس الشعب للانعقاد لحين اصدار الدستور والذي وصفته الصحيفة بأن المجلس العسكري لم يقف بجوار الرئيس، فأن هذا القرار رجع في إلغاء بشكل مباشر إلى حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم قانون مجلس الشعب الذي انتخب من خلاله اعضاءه.
وبات واضحًا من سياسة المجلس العسكري أنه لن يرضي عن هذا القرار، وأن الورقة الأخيرة التي قد يراهن عليها العسكري هي حل التأسيسية وتشكيل جمعية تأسيسية تحت إشرافه الخاص واحتكار الدستور الجديد، بالإضافة إلى الإعلان الدستوري المكمل والذي يؤكد أن السلطة مازالت في يد المجلس الذي مازال يدير شئون مصر حتى الآن.
وكانت هيئة مكتب الجمعية التأسيسية للدستور قد اعتمدت خلال اجتماعها الأسبوع الماضي لجنة صياغة الدستور والتي تضم مجموعة من المستشارين والقانونيين والسياسيين من داخل وخارج الجمعية، ومن بينهم المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية، والدكتور عاطف البنا والمهندس أبو العلا ماضي والدكتور أيمن نور والدكتور وحيد عبد المجيد والدكتورة منار الشوربجي والدكتور حسن الشافعي وصبحي صالح والسيد عمرو موسى.