جاء رفض 11 نائب لتأشيرات الحج التي قدمتها السعودية للنواب المصريين، لتعيد فتح ملف رشاوى السعودية للبرلمان المصري، حيث تعتبر هذه ليست الواقعة الأولى، ولكن سبقها مجموعة من الوقائع الأخرى.
رشاوى التنازل عن «تيران وصنافير»
وعقب لقاء عبدالفتاح السيسي مع الملك السعودي سلمان بالقاهرة أبريل 2017، لتوقيع اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير، نشر رئيس حزب غد الثورة المعارض أيمن نور وثيقة «ملكية مسربة» تبين تقديم السعودية هدايا عبارة عن ساعات رولكس باهظة الثمن إلى السيسي ورئيس وزرائه وحاشيته ونوابه.
الوثائق التي ورد بها تفاصيل عن أنواع وأسعار الساعات الفخمة المقدمة من السعودية للسيسي وأركان حكمه، وصفها نشطاء ومعارضون مصريون على أنها «رشوة» قدمتها السعودية لحكومة السيسي مقابل التنازل عن السيادة على جزيرتي «تيران وصنافير» لصالح المملكة.
وأشارت الوثيقة لحصول السيسي على ساعة يد ماركة رولكس من طراز «الغواصة» مرصعة بالماس والزمرد الأخضر يبلغ ثمنها ما بين 290 ألفًا إلى 300 ألف دولار أميركي (حوالي 3 مليون جنيه مصري)، وعلي عبد العال وشريف إسماعيل على ساعات من طراز رولكس دايتونا كوسموجراف يبلغ ثمنها ما بين 185 ألفًا إلى 190 ألف دولار أميركي.
وجاء فيها أيضا تلقى 508 من نواب المجلس «رشاوي» في صورة ساعات أيضا، من طراز تيسو تي تاتش الشمسية تبلغ قيمة الواحدة ما بين 1300 إلى 1500 دولار أميركي للواحدة، وعضوات البرلمان الـ 87 عضوة على ساعات طراز بلوفا بقيمة 3800 إلى 4500 ريال سعودي للواحدة.
وذكر موقع «ميدل إيست أوبزرفر» الذي نشر الوثيقة إن جميع الوزراء المصريين والمسؤولين والإعلاميين والصحفيين وجميع العاملين في الفريق الرئاسي المصري، الذين دافعوا عن تنازل السيسي عن الجزيرتين، «قد تلقوا رشاوي مالية من السعودية، وفقا للوثائق المسربة التي نشرها الموقع».
وأشار الموقع إلى أن «حجم الرشاوى المالية التي سُلِّمت إلى السيسي ومعاونيه تعكس درجة من الفساد وانعدام الشفافية المتجذرة بعمق في النظام المصري الحالي كما أنها تعكس انعدام ولاء النظام الحالي تجاه بلاده».
رشاوى تأشيرات الحج
هذه المرة، وفي اعقاب موافقة غالبية النواب على التوقيع على اتفاقية تيران وصنافير وتنازلهم عنها رسميا، جاءتهم الرشوة في صورة تأشيرات حج سياحية لا تقل عن 3 تأشيرات أو أكثر لكل نائب، يبلغ سعر الواحدة منها ما لا يقل عن 100 ألف جنيه، وأغلبهم يبيعها لشركات السياحة.
صحيح أن السفارة السعودية توزّع كل عام «تأشيرات المجاملة» على مؤسسات الرئاسة والبرلمان ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية وجهات سيادية وجرائد حكومية وخاصة، إضافة إلى كتاب وإعلاميين ودبلوماسيين ممن لم يتسن لهم الحصول على تأشيرات من الحصة الرسمية، إلا أنها ضاعف التأشيرات للنواب هذا العام.
فضيحة تأشيرات 2016
ففي أعوام سابقة كان يجري توزيع قرابة 50 تأشيرة على المحظوظين من النواب، ارتفع في العام الماضي إلى 500 تأشيرة، ولكن هذا العام تردد أنه وصل المجلس 1200 تأشيرة، قبل أن يتم الكشف أنها أكثر وتعادل 1800 تأشيرة.
واثار نواب أزمة للسفارة وفضائح العام الماضي 2016 حين وصلهم 50 تأشيرة فقط وزعت على المقربين فنشروا عبر الصحف فضائحهم وطالبوا السفير أن يضاعفها، ونشرت صحف حكومية عن «حالة من الاستياء لدى الكثير من النواب، مما أسموه مجاملة ومحاباة ووصفوه بالـ(كوسة) في توزيع تأشيرات الحج، التي حصل عليها البرلمان للنواب وأسرهم».
وقالوا إن أمانة المجلس ومكتبه وزعت تلك التأشيرات بطريقة غير عادلة، فنال بعض النواب عشرات التأشيرات في حين لم يتمكن آخرون من الحصول على تأشيرة واحدة.
وقال النائب عبد الله لاشين، العام الماضي أن «هناك وسائط ومجاملات وعدم عدالة في توزيع تأشيرات الحج، وما حدث هو أن بعض النواب حصلوا على أكثر من 10 و20 تأشيرة دفعة واحدة، في حين أن نوابًا آخرين لم يستطيعوا الحصول على أي تأشيرة لأي فرد من أسرهم».
وقال النائب إيهاب منصور، إنه سعى للحصول على تأشيرات لبعض الأفراد المستحقين للمساعدة في دائرته بحكم كونه نائبا مسيحيا، ولم يحصل على تأشيرات له أو لأسرته، وتابع أنه تم إبلاغه أن تلك التأشيرات لأسر النواب فقط وهو مسيحي فليس له تأشيرات حج.
رشوة الـ1800 تأشيرة
هذه المرة نشرت صحف أن السفير السعودي خصص 1200 تأشيرة لنواب برلمان بواقع 2 لكل نائب مكافأة على تمرير تيران وصنافير، ثم ذكرت مصادر برلمانية أن العدد 1800 تأشيرة بواقع أكثر من 3 لكل نائب من الـ596 نائبا، وهو ما يعادل 3 أضعاف التأشيرات التي حصل عليها المجلس النيابي العام الماضي.
ورفعت السعودية أعداد تأشيرات الحج المخصصة لمصر هذا العام، لتصل إلى 78 ألفًا و138 تأشيرة بدلًا من 62 ألفًا و511 تأشيرة؛ نظرًا لانتهاء أعمال التوسّعات في الحرم المكي، التي وزعت بنظام المحاصصة ما بين وزارات الداخلية «حج القرعة» والتضامن الاجتماعي «حج الجمعيات» والسياحة «حج الشركات».
11 نواب رفضوا رشاوى السعودية
وجدد الجدل تقدم 11 من أعضاء مجلس النواب، بطلب إلى الأمانة العامة للمجلس، اعتذروا خلاله عن قبول هدية السفير السعودي، والمتمثلة في تأشيرات حج.
ووقع على الطلب: محمد صلاح عبد البديع، عمرو الجوهري، محمد عبد الغني، مصطفى كمال الدين حسين، هيثم الحريري، فايزة محمود عبد الحافظ، النائبة هند الجبالي، نشوى الديب، عفيفي كامل، السيد عبد العال، أسامة شرشر.
ووجه الأعضاء الموقعون خطابا للأمانة العامة والدكتور علي عبد العال رئيس المجلس: «ردًا على إخطار أمانة المجلس للسادة النواب بتخصيص تأشيرتي دخول أراضي المملكة العربية الشقيقة لأداء فريضة الحج هذا العام، نعتذر نحن النواب الموقعين أدناه عن عدم قبول هذه التأشيرات، ونتركها لكل المصريين وفقًا للوائح المنظمة لذلك، ونأمل عدم استخدام أسماء النواب الموقعين في الحصول على هذه التأشيرا».
جريمة رشوة مكتملة الأركان
وعلق الفقيه الدستوري نور فرحات، على الأخبار المتداولة بشأن استلام البرلمان عدد 1800 تأشيرة للحج، موزعة على نوابه، اعتبرها ناشطون ردا للجميل بعد موافقاتهم على اتفاقية ترسيم الحدود، معتبرا أنها جريمة رشوة مكتملة الأركان.
وكتب «فرحات»، في منشور على حسابه في«فيس بوك»: «إذا صح ما تردد أن السفارة السعودية، أعطت كل نائب عددًا من تأشيرات الحج المجانية، بلغ مجموعها للمجلس ١٨٠٠ تأشيرة بواقع ٣ تأشيرات لكل نائب (موقع البوابة ٣ يوليو ٢٠١٧)، نكون أمام شبهة جريمة رشوة مكتملة الأركان بإعطاء ميزة ومنفعة مقابل الموافقة على معاهدة ترسيم الحدود الباطلة».
وأضاف: «فالرشوة هي قيام الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة بعمل من أعمال وظيفته مقابل مال أو ميزة أو منفعة، المطلوب هو اثبات العلاقة بين الموافقة على المعاهدة ومنح التأشيرات، ومن قرائنها: هل كانت تمنح هذه التأشيرات في الماضي أم لا».