بعد رفضها تنفيذ مطالب دول الحصار، وإعلان وزراء خارجية هذه الدول استكمال إجراءاتهم والتلميح بالتصعيد، أصبحت قطر مطالبة بمواجهة حتمية لهم بعد قيادتهم إجراءات عقابية بحقها؛ منها اتخاذ السعودية والإمارات والبحرين قرارًا بقطع العلاقات التجارية مع قطر وإغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية.
إلا أن هناك قوى دولية كبرى تساند قطر ضد الحصار، نستعرضها في السطور التالية:
1- ألمانيا وباكستان
تعتبر ألمانيا دعامة أساسية لقطر، فهي تمثل أوروبا، كما أن وجودها بجانب قطر يضمن ولاء حلف «الناتو» لها. وأيضًا باكستان، صاحبة القوى النووية والبشرية والعسكرية، التي أعلنت تصديها لأي هجوم ضد قطر.
2- تركيا ولندن
وتتجه الأنظار إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية مع تركيا وبريطانيا والدول الآسيوية بجانب الولايات المتحدة وباكستان، ووصلت استثمارات الشركات التركية في قطر إلى نحو 11.6 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية التركية، فيما تحتل الاستثمارات القطرية في تركيا المرتبة الثانية من حيث الحجم؛ لتبلغ نحو 20 مليار دولار، وتتركز في قطاعات الزراعة والسياحة والعقارات والبنوك.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور رضا عيسي، في تصريح لـ«رصد»، إن قطر لها حليف اقتصادي وسياسي لا يستهان به، وهو تركيا، وهناك كثير من الاتفاقات بين البلدين في مجالي الطاقة والتجارة؛ لافتًا إلى أن تركيا تعد دولة داعمة لقطر ومساندة، خاصة في تصدير المنتجات الزراعية والصناعية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر نحو 1.3 مليار دولار في العام الماضي 2016، في ظل توقعات بتصاعد هذا الحجم بعد التعاون المتنامي بين البلدين.
وتبدو تركيا حريصة في الوقت نفسه على لعب دور الوساطة لإنهاء الأزمة الحالية في دول الخليج، التي تعد سوقًا تجارية مهمة بالنسبة إليها، في ظل علاقة تركيا الجيدة مع جميع الأطراف.
وتعتبر قطر من أكثر الدول نشاطًا في مجالي الاستثمار الداخلي والخارجي، وتوظيف العوائد المالية الضخمة التي حققتها في سنوات ارتفاع أسعار النفط والغاز في استثمارات مدرّة للدخل.
وتتنوع استثمارات قطر في مختلف القطاعات والمجالات؛ لتشمل المصارف والعقارات والزراعة والمناجم والنفط وشركات السيارات والنوادي الرياضية العالمية وغيرها. كما تمتد هذه الاستثمارات من ماليزيا والهند شرقًا إلى أوروبا شمالًا وإفريقيا جنوبًا، وتنتهي في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية غربًا.
وتنفّذ قطر معظم استثماراتها الخارجية عبر جهاز قطر للاستثمار، إضافة إلى شركات تابعة للجهاز وأخرى تابعة للقطاعين العام والخاص تنفذ أيضًا استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات والدول.
3- بريطانيا
تعد بريطانيا من أبرز المحطات الاستثمارية لقطر، وتعتبر الدوحة ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية في المنطقة العربية؛ حيث تلفت أرقام وزارة التجارة البريطانية إلى أن حجم الصادرات البريطانية يقدر بحوالي خمسة مليارات جنيه إسترليني سنويًا (6.15 مليارات دولار). كما لدى قطر استثمارات ضخمة في بريطانيا تقدر بحوالي 30 مليار إسترليني (36.9 مليار دولار)، حسب أرقام وزارة التجارة البريطانية.
وشهدت المملكة المتحدة في مارس الماضي فعاليات منتدى الاستثمار القطري البريطاني، الذي أعلنت فيه الحكومة القطرية ضخ استثمارات تصل إلى خمسة مليارات جنيه إسترليني وتعزيز التجارة بين البلدين.
4- الولايات المتحدة
لا يختلف الحال كثيرًا مع الولايات المتحدة، التي تلفت البيانات الرسمية إلى أن قطر تعد أحد أكبر المزودين لسوق الطاقة الأميركية في قطاع الغاز الطبيعي المسال. كما تحتل قطر المركز الخامس عالميًا من حيث حجم الاستثمار في السندات الأميركية، فضلًا عن استثمارات مباشرة بعشرات مليارات الدولارات في العقارات والبنوك والأسهم.
5- إيران
ربما تدخل إيران ضمن قائمة الشركاء الاقتصاديين الجدد، واعتبر رئيس اتحاد الصادرات الإيرانية «محمد لاهوتي»، في حديث لوكالة مهر للأنباء الإيرانية أمس، أن قطع علاقات دول الخليج مع دولة قطر يشكّل فرصة استثنائية للاقتصاد الإيراني؛ مؤكدًا أن حجم السوق المتوقعة أمام إيران يقدر بما يتراوح بين أربعة وخمسة مليارات دولار.
كما صرّح مسؤول في شركة المطارات الإيرانية للوكالة ذاتها بأن جميع رحلات الخطوط الجوية القطرية ستعبر من الأجواء الإيرانية نحو أوروبا وإفريقيا.
6- روسيا
رغم التزام القيادة السياسية الروسية بالحياد في تصريحاتها بشأن أزمة قطع العلاقات الدبلوماسية بين قطر والدول الخليجية الثلاث، تساءلت الصحف الروسية في أعدادها الصادرة أمس عن تأثير الأزمة الراهنة على العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين موسكو والدوحة، التي شهدت تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة.
وذكرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» أن قطع العلاقات الدبلوماسية قد يدفع بقطر نحو البحث عن شركاء اقتصاديين جدد؛ من بينهم روسيا. ونقلت عن مصدر بوزارة الخارجية القطرية قوله إن «الدوحة وموسكو تتعاونان في مختلف المجالات، وهناك استثمارات متبادلة، ولا أرى عوائق أمام تعزيز العلاقات».
وتمكّنت روسيا وقطر من إتمام صفقات كبرى توّجت في نهاية العام الماضي ببيع 19.5% من أسهم «روس نفط»، كبرى شركة نفط في روسيا والخاضعة لعقوبات غربية، إلى تحالف جهاز قطر للاستثمار وشركة «غلينكور» السويسرية مقابل 10.5 مليارات يورو؛ فيما تعتبر كبرى صفقة خصخصة في تاريخ روسيا ساعدت في دعم الميزانية وكسر حصار العقوبات.