نشر موقع «بلومبرج» الأميركي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الأزمة المتفجرة في منطقة الخليج في أعقاب زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة للخليج.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته «عربي21»، إن فصول المؤامرة التي كانت تحاك في الخفاء سرعان ما تجلت للعيان. فخلال بضعة أسابيع من زيارة ترامب، نشبت أزمة دول الخليج مع قطر، الأمر الذي أعاد ترتيب أوراق حلفاء الولايات المتحدة. كما كشفت هذه الأزمة، خلافا للمعتقد السائد، أن هناك ثلاث قوى مهيمنة في المنطقة وليس قوتان فقط.
أما القوة الأولى المهيمنة فتتمثل في السعودية وحلفائها الذين يحظون بدعم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم إيران التي تقود التحالف المناهض للولايات المتحدة. أما المعسكر الثالث، فيتموقع الآن في قلب الصراع في منطقة تمثل خزان بترول. وينضوي تحت راية هذا المعسكر كل من قطر التي تتمركز على أراضيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، فضلا عن تركيا، العضو في حلف الناتو، والإخوان المسلمون المطاردون والذين تدعمهم قطر وتركيا.
وأشار الموقع إلى أن هذا جماعة الإخوان المسلمين التي تنشط منذ 90 سنة على مرأى ومسمع من المملكة العربية السعودية ودول الخليج، قد أصبحت تمثل تهديدا بالنسبة لهذه الدول منذ اندلاع الربيع العربي، خاصة عندما وصل الإخوان المسلمون لسدة الحكم بعد فوزهم في الانتخابات في مصر.
ووفقا لشادي حميد، الزميل في مؤسسة بروكينجز، فإن «بعض القيادات ترى أن الإخوان المسلمين يمثلون الجهة الوحيدة التي تتسم بشدة التنظيم والعابرة للحدود والتي تجسد الشرعية، فضلا عن أنها توفر هامشا من النشاط السياسي الحر».
وأوضح أن «هذا الأمر يمثل تهديدا بالنسبة لتلك القيادات. ومن هذا المنطلق، طغت التجاذبات في صفوف الإخوان المسلمين، علما أن السعودية وحلفاءها عملوا جاهدين على بث روح الانقسام في صلب الربيع العربي».
وأفاد الموقع أن الأجندات السياسية السعودية بدت واضحة من خلال المطالب التي وجهتها دول الحصار لقطر، التي يمتد تحتها بحر من الغاز.
في المقابل، رفضت قطر الاستجابة لمطالب التحالف الذي تقوده السعودية. من جانبها، وعدت تركيا بتوفير الدعم العسكري للإمارة الصغيرة، وسارعت بالمصادقة على اتفاقية تسمح بنشر عدد من الجنود الأتراك في قطر، والقيام بمناورات عسكرية مشتركة.
ونقل الموقع عن عمرو دراج، وزير التخطيط السابق في حكومة الإخوان المسلمين في مصر، والذي فر نحو قطر ثم انتقل إلى تركيا بعد الانقلاب العسكري في 2013؛ أن «تركيا تساند قطر نظرا لأنها تؤمن بأنه في حال حوصرت قطر أو سقطت فإن ذلك سيضعف تركيا، أما إذا غيّرت الدولتان توجهاتهما فسيكون ذلك إيذانا بنهاية حركات الإسلام المعتدل».
من جانبه، أشار لياسين أكتاي، وهو رجل قانون ينتمي لحزب أردوغان، إلى أن “جماعة الإخوان تمثل الإسلام الديمقراطي، وفي حال أجبرت على الخروج من محيط الديمقراطية، فسيكون على مختلف الدول حينها التعامل مع تنظيمات إرهابية على غرار تنظيم الدولة”.
وذكر الموقع أن السعودية وحلفاءها يرفضون وصف الإخوان المسلمين بالمعتدلين، حيث وصف وزير الداخلية السعودي الراحل، الأمير نايف بن عبد العزيز، الإخوان في إحدى المناسبات بأنهم «مصدر الشر» في المملكة، في حين ألقت الإمارات القبض على الكثير من المواطنين وزجت بهم في السجن بتهمة العمل مع جماعة الإخوان بهدف الإطاحة بالحكم.
لكن التعاطف الأيديولوجي ليس وحده السبب الكامن وراء مساندة أنقرة لقطر، حيث تعد قطر ثاني أكبر المستثمرين الأجانب في تركيا خلال الأربعة أشهر الأولى من هذه السنة، خاصة وأن شركاتها تحظى بالعديد من الحصص في مجال البنوك والإعلام والصناعات الدفاعية.
في المقابل، وعلى المستوى التجاري، أنفقت السعودية والإمارات حوالي 8.6 مليارات دولار على الصادرات التركية خلال السنة الماضية، أي تقريبا 20 مرة ضعف ما أنفقته قطر. ومن هذا المنطلق، أشار أنتوني سكينر، مدير شركة التوقعات “فريسك مابلكروفت”، ومقرها بريطانيا، إلى أن “خطر تضرر الاقتصاد التركي يلوح في الأفق، وأسوأ السيناريوهات تتمثل في الحظر المحدود والمنع الانتقائي ضد الصادرات التركية، وهو ما سيضعف قوة أردوغان الاقتصادية”.
وذكر الموقع أن تركيا تعد حليفا مهما للغاية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية على جميع الأصعدة، خاصة وأنها تستضيف قاعدة جوية أمريكية تلعب دورا بارزا في المنطقة. وفي الأثناء، لم يظهر أردوغان حماسا فعليا فيما يتعلق بانضمام دولته للشق المعارض للتحالف السعودي، ولكنه في الوقت ذاته، لم يساند المملكة بشأن قطع العلاقات مع قطر والتخلي عن الإخوان المسلمين.