اعتبرت صحيفة «إنترناشونال بوليسي ديجيست» أن تعيين الأمير محمد بن سلمان وريثًا للعرش السعودي أمرٌ جديدٌ على المملكة؛ باعتباره أوّل عضو في العائلة المالكة يتولى الحكم وليس ابنًا لمؤسس المملكة في 1932 «ابن سعود».
وتضيف الصحيفة أن تعيينه لاقى ردود أفعال متباينة، ما بين قربه من الشباب السعودي لصغر سنة؛ وهو ما جعلهم يرون فيه المفكر الشاب الذي ألزم الرياض بـ«رؤية 2030» التي تتيح للمملكة البحث عن مصادر بديلة للطاقة بدلًا من اعتماد الاقتصاد على البترول، بجانب امتلاكه رؤية برغماتية للمملكة تركز على التنمية والازدهار الاقتصادي.
بينما واجه الأمير الشاب انتقادات حادة، خاصة من ناحية السياسات الخارجية؛ بعد أن أفادت تقارير بتمويل السعودية جماعات إرهابية بالوكالة، مثل «بوكو حرام» و«تنظيم الدولة» و«جبهة النصرة»، عبر «الوهابية» التي تدعمها الدولة وكانت السبب الرئيس في الطائفية بالمنطقة.
إضافة إلى ذلك، ظهر دور الأمير السعودي في القتل الجماعي في اليمن، الذي حصد أرواح المدنيين الأبرياء، بجانب فشل السعودية في استعادة مدينة صنعاء من الحوثين؛ ما خلق كارثة إنسانية وظهور «الكوليرا» في أفقر دولة بالمنطقة، التي يبلغ إجمالي الناتج المحلي فيها 2500 دولار.
تلفت الصحيفة إلى أن «بن سلمان» كان فعّالًا أيضًا في الأزمة القطرية الحالية، التي تعتبر امتدادًا لتنافس قديم بين الدوحة والرياض. إضافة إلى نهجه القوي تجاه إيران، الذي يسبب قلقًا؛ بسبب إثارته معركة جيوسياسية للهيمنة السنية الشيعية التي تستمر في منطقة تنتشر فيها الحروب. رغم ذلك؛ إلا أن الأمير السعودي لا زال يحظى بدعم شعبه والعائلة المالكة.
يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة لندن «فواز جرجس» إن الرؤية الجديدة لمحمد بن سلمان استطاعت جذب الشباب السعودي الذين رغبوا في وجود وجوه شابه في الحكم بدلًا من الحاليين؛ لذا سترى صورة الأمير السعودي معلقة في كل مكان بالمملكة.
المعركة الطائفية
تضيف الصحيفة أن الطموح السعودي يمثّل مصدر قلق لإيران والمنطقة بأكملها، ونهج الأمير المعادي لطهران واستبعاده أيّ حوار معها يلفتان إلى زيادة الانقسام السني الشيعي في المنطقة، الذي ظهر عبر الحروب بالوكالة التي بدأت منذ 1400 عام. حاليًا، تدعم السعودية جوانب مختلفة في الحرب اليمنية والصراعين العراقي والسوري، وتسببت روابط قطر مع إيران في غضب السعودية.
اعتبرت الصحيفة أن التهديدات المتبادلة بين السعودية وإيران يجب أن تتوقف وينهي الجانبان طموحاتهما التوسعية في الشرق الأوسط التي تسببت في تدمير المنطقة. لكن، لا يبدو أن ذلك سيحدث؛ خاصة مع استمرار نهج الأمير محمد بن سلمان العدائي تجاه طهران ويتوافق مع نهج الرئيس الأميركي المتشدد.
وعند الحديث عن السعودية يجب أن نأخذ في الاعتبار علاقتها مع أميركا، التي بدأت منذ الثلاثينيات. ونظرًا إلى المشهد السياسي الحالي، ربما يجب على واشنطن إعادة النظر في هذه العلاقة؛ بسبب خطورة الأهداف السعودية على المنطقة، خاصة بعد توقيع صفقات الأسلحة مع أميركا التي وصلت إلى 110 مليارات دولار.
تلفت الصحيفة إلى أن الحديث الدائم في أميركا كان عن رغبة إيران في الهيمنة. لكن، يجب على السعودية أيضًا تغيير نهجها. ونظرًا إلى العلاقات القوية بين واشنطن والرياض، ونهج ترامب القوي تجاه إيران؛ من المتوقع استمرار الدعم الأميركي للسعودية؛ لذا لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط إذا استمرّت أميركا في الانحياز إلى طرف في المعركة الطائفية بالمنطقة.
بصيص من الأمل
تضيف الصحيفة أنه «مع تعيين الأمير الجديد هناك تساؤلات: هل سنرى إصلاح السعودية لسجل حقوق الإنسان القمعي عبر الإصلاح الداخلي وحل مشكلة الإرهاب الداخلية، أم ستستمر سياسة السعودية المتهورة؟».
تستكمل الصحيفة: «لا نعرف الإجابة عن هذا السؤال حتى الآن؛ لكنّ ما نراه استمرار السياسة الخارجية المتقطّعة للرياض في تمويل الجماعات الراديكالية بالمنطقة وشراء الأسلحة الغربية التي تُستخدم في قتل آلاف الأبرياء وتهديد جيرانها مثل قطر والبحرين واليمن».
لا زال هناك أمل للإصلاح الداخلي في السعودية، مع رغبة الأمير في تشريع نهج أكثر حداثة بدلًا النهج الإسلامي المتشدد للمملكة وتحويله إلى شيء يتوافق مع الإصلاح. كما أن «التخلص من الإرهاب الذي نشأ في العالم بسبب الوهابية، التي تبنتها السعودية وتُعتبر تفسيرًا متطرفًا للإسلام»، يمكن أن يأتي على أيدي محمد بن سلمان؛ حيث تعهّد بتقليل تمويل الجماعات «المتطرفة» في المنطقة.
إضافة إلى ذلك، يحاول الأمير السعودي الضغط من أجل فتح المجال أمام الترفيه؛ ويمكن للرؤية السعودية الجديدة أن تتيح للمرأة العمل في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا، والسماح بدخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المملكة عبر التعاون مع دول الخليج والعالم.