أكد الدكتور عمير أنس أستاذ العلوم السياسية بجامعة «جواهر لال نهرو» الهندية، والباحث في المجلس الهندي للشؤون العالمية (ICWA)، والحاصل على درجة الدكتوراه في دراسة حول صفحة «كلنا خالد سعيد»، في حوار خاص مع شبكة رصد الإخبارية أن «30 يونيو » تمثل نموذجاً لانقلاب عسكري خططت له قوى خارجية مستغلة أخطاء الحكومة آنذاك.
1- أخطاء الإخوان المسلمين لا تبرر انقلاباً عسكرياً
2- الثورات العربية لن تموت والأنظمة القائمة هي من تحدد طريقة التغيبر
3- المشاكل الداخلية لقوى التغيير –خاصة الإسلامية- أحد أهم معوقات نجاح الثورات
4- الجيوش العربية مازالت تتمتع بامتيازات كبيرة زالت مبرراتها
5- تحالف السيسي مع رجال الأعمال نموذج لحكم الأقلية التي ترعى مصالحها فقط
6- الفكر السلفي لا يمتلك رؤية واضحة للديمقراطية ولا يعارض الحكم السلطوي
1- لماذا اخترتم صفحة «كلنا خالد سعيد» لتكون موضوع البحث الخاص بكم لنيل درجة الدكتوراه ؟
أثناء إجراء بحثي لنيل درجة الدكتوراه، ظهرت لي هذه الصفحة قبل اندلاع ثورة 25 يناير، وعندما رأيت أن هذه الصفحة أصبحت منبراً للشباب المصري بأكمله الذين كانوا يطالبون بالعدالة لخالد سعيد، ظللت أراقب عن كثب الأنشطة اليومية للصفحة، ورأيت العديد من المراحل التي مرت بها هذه الصفحة، وكانت هناك عدة أسباب لتستحوذ الصفحة على هذا الانتشار، أولا؛ أن من أسسها وروج لها أشخاص غير مرتبطين بالسياسة أو بأحزاب سياسية قائمة في مصر، وثانياً؛ بقائها محايدة ومنبراً لجميع الأصوات السياسية المناهضة لمبارك، وثالثا، أنها لم تروج لأي حزب سياسي أو أيديولوجية حتى بعد نجاح الثورة في 11 فبراير 2011.
بسبب نيلي درجة الدكتوراه في الصفحة، دعيت لأول مرة من قبل الأكاديمية الألمانية الإعلامية الخاصة بالإذاعة الألمانية «دويتشه فيله» لاستعراض البحث ونشرته الإذاعة الألمانية في وقت لاحق.
2-بعد 6 سنوات من الثورة كيف ترى مستقبلها ؟… هل سيبقى الحكم العسكري لفترة طويلة؟ هل سنرى ثورة مسلحة ؟ أم سيتكرر سيناريو 25 يناير مرة أخرى؟
هناك سرد متشائم قوي يشير إلى أن هذه هي مرحلة الشتاء العربي؛ إذ يرى هذا السرد أن الثورة قد ماتت وسحقتها الأنظمة العسكرية في مصر وسوريا أو اختطفها الإسلاميون، زأنا لا أتفق مع هذا السرد، فكما يقول الشباب العربي، جدار الخوف المرتفع انهار، وهناك شعور ثقة شائع بين الناس بأن التغيير ممكن، عن طريق القوة، أو عن طريق الانتفاضة الشعبية أو عن طريق الوسائل العنيفة، والأمر متروك للأنظمة في هذه الدول لتحديد المسار الذي سيسلكه هؤلاء الشباب.
هناك المزيد من المشاكل داخل قوى التغيير نفسها، وخاصة القوى الإسلامية. في سوريا، استسلموا بسهولة للمساعدة الخارجية، وفي مصر رفضوا استيعاب الآخرين عندما كانوا في السلطة، والأهم من ذلك أن استراتيجيتهم السياسية وإيمانهم الديني كان يجب أن تقبل بأن الدول المتواجدين بها لها عقد اجتماعي يجب أن يتوافق عليه من قبل المجموعات الاجتماعية العرقية والدينية والطائفية الرئيسية في البلاد، وفي الوقت الذي يحق لحزبهم اتباع أي أيديولوجية يرغبون فيها إلا أن الدولة الخاضعة لسيطرتهم هي أمانة الشعب، وعلى الرغم من أخطاء الإسلاميين السياسية، لا أعتقد أن أخطاءهم تبرر انقلاباً عسكرياً، وكان من الممكن تصحيح هذه الأخطاء بسهولة عن طريق انتخابات أو استفتاء أو وسيلة أخرى.
لم تكن تمرد على سبيل المثال قوة شرعية بأي حال من الأحوال، بل كان ظلالاً من القوى الخارجية التي قامت بتصنيع الانقلاب، لو كانت تمرد قوة شرعية، فإن عليها أن تقف اليوم ضد الحكومة القمعية والفاسدة التي يقودها السيسي.
3- هل يمكن للنخبة السياسية المصرية أن تتعلم من التجربة الهندية المتعلقة بحرمان الجيش من أي دور سياسي في البلاد؟
من الناحية المثالية، ألهم نجاح الديمقراطية الهندية المزيد من الحوا، والعملية السياسية، وفتح المجال أمام الجميع، لكني أعتقد أن المعارضة العربية لم تدرس النموذج الهندي وأنها تفضل النماذج الغربية للسير عليها.
ولا أستطيع القول ما إذا كان على الجيش المصري أو السوري لعب دوراً مشابهاً للجيش الهندي، وهو ما يعني العزلة الكاملة عن السياسة، لكن الاتفاق على خارطة الطريق الوطنية، التي قررها الهنود في يوم الاستقلال عن بريطانيا، يمكن أن يحدد الدور الذي كان يجب على الجيوش العربية لعبه، وأعتقد أن الجيوش العربية قد تطورت في ظروف سياسية مختلفة تماما؛ فقد تمردت ضد «الإثنية» ثم أصبحت مصدر القوة والإلهام للشعب، واليوم لا يوجد هذا السياق الذي نشأت فيه، لكنها مازالت تتمتع بنفس الامتيازات، دونما حق .
5- قلت أن مجتمع الأعمال في مصر تحالف مع الجيش لإثارة الجماهير وإنهاء حكم الإخوان المسلمين في نهاية المطاف. برأيك هل يمكن لهذا التحالف أن يستمر لفترة طويلة؟
أي تحالف من هذا القبيل غير قابل للاستدامة لمجرد أن الأعمال التجارية ستحقق الربح، وعلى الدول أن توفر الطعام والإيواء لشعوبها دون تحقيق ربح واستفادة مجموعات رجال الأعمال المصريين من الدولة دون أن توفر فرص عمل كافية، هو استغلال للدول في إنجاز أعمالها دون تقاسم مسؤولية الاجتماعية مع الدولة.
والتحالف الحالي بين السيسي الذي يسيطر على الدولة ومجموعة رجال الأعمال يمثل حكم الأقلية التي تهتم بتحقيق مصالحها، على غرار نظام الحكم الموجود في روسيا وسوريا بشار الأسد، وتبقى قدرة تحالف الحكم هذا على إسكات الشعب هي إنجازه الوحيد .
6 – لقد شرحتم في إحدى مقالاتكم كيف استخدم السعوديون والإماراتيون وكلائهم من حزب النور في صراعهم ضد الإخوان المسلمين..هل ستستخدم السعودية والإمارات السلفيين في أي نزاع قادم مع السيسي؟
من الناحية النظرية، الفكر السياسي السلفي ليس لديه مشكلة مع أي ديكتاتورية، والأيدلوجية السلفية ليس لديها موقف واضح من الديمقراطية والحرية والشفافية وحقوق الشعب، وكيف ولماذا يجب على الدولة حماية مثل هذه القيم؟. وطالما أن الجماعات السلفية لا تفسر رؤيتها السياسية، فإنها قد تساند أي طرف من الأطراف، والمشكلة مع الجماعة السلفية هي أن تنظيمها السياسي يستند إلى روايات سياسية في الغالب، ولا يتم تدريب قاعدة دعمها وتعبئتها من أجل السياسة نتيجة لكون ولاءاتهم السياسية قابلة للتحول.
7-برأيك … ما هي الدروس التي يجب تعلمها من 30 يونيو والثالث من يوليو ؟
الاحتجاج المناهض لمرسي الذي قادته «تمرد»هو دراسة حالة كلاسيكية لمحاولة انقلاب شعبي ضد حكومة منتخبة يمكن فيها للسياسات الداخلية في بلد ما التلاعب بها بسهولة من قبل قوى إقليمية خارجية لتغيير الحقائق.
إن شعور الإنكار الذي أصاب جماعة الإخوان المسلمين والسياسيين المنتسبين لها يدل على عدم نضجهم السياسي وإفراطهم في الثقة، ولم يكن الرئيس مرسي ومساعدوه المقربون على علم بما فيه الكفاية بخطورة الوضع، كما أنهم لم يكونوا على استعداد لاتخاذ خطوات عملية للعمل مع الشعب، وعلاوة على ذلك لم يكن مرسي على علم بالمؤامرة الإقليمية ضده، كل هذه العوامل ربما تراكمت بسبب حقيقة أن حكومة الإخوان لم تستطع استيعاب جميع المجموعات الثورية والشخصيات التي شاركت في الثورة التاريخية.
8- كيف ترى مستقبل الإخوان المسلمين في مصر
تظهر المشاكل الداخلية التي حدثت بعد الانقلاب أن الجماعة لم تتمكن من السيطرة على خلافاتها الداخلية وإيجاد استراتيجية موحدة وعملية للتعامل مع الأزمة، وأهم درس تحتاج الجماعة إلى السير عليه هو الحاجة إلى السير على سياسة توافقية بدلاً من سياسة حزبية.
9- مجلة الإيكونوميست قالت إن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذها نظام السيسي بما في ذلك شكل القرض بدأ صندوق النقد الدولي أن يكون لها تأثير إيجابي .كيف ترى ذلك؟
لن تعالج المشاكل الاقتصادية في مصر سواء على المدى القصير أو الطويل؛ فالبطالة آخذة في الارتفاع، والاستثمار الأجنبي لا يخلق فرص عمل للشباب المهرة، ولا يزال الاستيلاء على الأراضي واستغلال اليد العاملة وعدم الاستقرار السياسي من المشاكل الرئيسية.
كما لا توجد وسيلة للسيسي لمواجهة هذه المشاكل سوى بالاعتماد على الدعم الخارجي.
المشكلة الاقتصادية في مصر ليست ناتجة عن أسباب اقتصادية بل بسبب سياستها القمعية التي تتسبب في وجود مخاطر مرتفعة للمستثمرين والسياح، وليس لدى السيسي خارطة طريق ولا رغبة في فتح عملية سياسية شاملة من أجل وضع حد لحالة عدم الاستقرار التي لا نهاية لها.