حل عيد الفطر في عام 2013 على أنصار الرئيس المصري محمد مرسي وهم على تماس مع أعلى نقطة في هرم ممارسة العمل السياسي العام، وهو الاعتصام الشعبي السياسي السلمي الذي شهده ميدان رابعة العدوية على إثر انقلاب يوليو 2013 الذي قاده وزير الدفاع الأسبق عبد الفتاح السيسي.
تجاوز الشعور بالغضب
يقول الناشط السياسي أحمد غانم، عضو جبهة طريق الثورة، عندما جاء العيد على المعتصمين في ميدان رابعة العدوية كان الرهان الحقيقي يكمن في تجاوز الشعور بالغضب والحزن الشديدين اللذين يسيطران على المعتصمين جراء الانقلاب والإطاحة بالحلم المصري في مسيرة الديمقراطية وتداول السلطة. وهو ما نجح فيه المعتصمون ظاهريا على الأقل. ويتابع: جلب بعض المعتصمين أبناءهم إلى الاعتصام ليحتفلوا بالعيد وسط أجواء من البهجة والفرح يتناسبان والعيد الذي شُرع لهذه الفرحة. وربما يكون هذا الاحتفال من النقاط المهمة التي أثارت حفيظة الانقلاب وقادته وأظهرت حقدهم على المعتصمين حيث ظنوا أنهم لن يفكروا سوى في الهروب من البلاد أو التزام الصمن إيثارا للسلامة. ويوضح أن هذا الحقد قد تجلى بشكل لافت في فض الاعتصام حيث علامات الانتقام والحيوانية البشعة التي ظهرت في وسائل الفض.
مجتمع خاص
وفي السياق ذاته يقول محمد عاشور، أحد من شهدوا العيد برابعة، كنت مترددا في المشاركة في الاعتصام ولكن وجدت العديدين من قريتي يسافرون من المحافظة إلى القاهرة للمشاركة وذهبت معهم قبل العيد بخمسة أيام ويتابع: حضرت العيد في ميدان رابعة وشعرت أن هناك مجتمعا خاصا يتم تأسيسه في الميدان، وكان عيد الفطر في الاعتصام كأننا انتقلنا إلى متنزه كبير داخل مجتمع جديد علينا أو علي أنا شخصيا على حد قوله. ويوضح عاشور أن أكثر ما جعلني أشعر بخصوصية هذا المجتمع هو التعامل المميز من قبل منظمي الاعتصام مع الناس حتى على مشارف الاعتصام وخارج أبواب رابعة، وهو ما لفت نظر الكثير ممن يشاركون في مثل هذه الفعاليات للمرة الأولى.
رسالة للنظام
من زاويته يرى ممدوح شديد، أحد المحتفلين بالعيد في رابعة 2013 وأحد المنظمين، في هذا الوقت أردنا من خلال جعل الاعتصام أشبه بمدينة ترفيهية في رسالة للنظام أن هذا الاعتصام مستمر وأن أي مناسبة ستحل على الشعب سيتم الاحتفال بها في الاعتصام نفسه وأننا مستمرون في الاعتصام حتى يعود الجيش عن الإجراءات التي اتخذها ضد الرئاسة والدولة في حينها.
نقطة تحول
أما سيد مرزوق، (اسم مستعار) أحد المشاركين في احتفالات العيد برابعة، فقال إن العيد في رابعة يعني لي نقطة تحول في حياتي، حيث كنت خارج البلاد قبل العيد بأيام وعدت إلى مصر في السابع والشعرين من رمضان وكان أخي من المعتصمين الدائمين في رابعة- أصيب على إثر الفض إصابة بالغة أصابته بالشلل- ودعاني للمشاركة وعندما حضرت أجواء العيد في رابعة رأيت نماذج وتعاملت مع أشخاص لم أكن اقتربت منها من قبل، كان كل ما يتمثل في ذهني عن الاعتصام أنه مثل أي اعتصام شاهدناه منذ انطلاق ثورة يناير، إلا أن العيد في رابعة مثّل لي نقطة تحول في حياتي حول انطباعاتي عن المتدينين بشكل عام، على حد قوله، حيث قضيت معظم حياتي خارج البلاد وفي بلد غير مسلم. إلى جانب أنني أدركت وقتها أن هذا الاعتصام بالفعل غير مسلح ولا يحمل أيا من علامات العنف خاصة أنني تعرفت فيه إلى أناس في مراكز مقدَّرة في مجال عملها وتخصصاتها.