قالت صحيفة «أيريش تايمز» إن الوضع السياسي في السعودية تتزايد حدّته مع احتمالية صعود الأمير محمد بن سلمان ليتولى حكم دولته في ظل الاضطرابات الحالية في الشرق الأوسط.
وأعلن الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز الأربعاء الماضي تعيين ابنه محمد وليًا للعهد، وبذلك قرّر إحداث تغييرات كبرى ويؤكّد خطط التحديث الطموحة واستمرار السياسات الخارجية والدفاعية المثيرة للجدل.
جاء الأمير محمد بن سلمان بديلًا لابن عمه محمد بن نايف، في تحرّك متوقع؛ لينهي حالة الصراع بين العائلتين السعوديتين على الحكم.
تقول الصحيفة إن الأمير محمد بن سلمان، الذي عُيّن وزيرًا للدفاع ونائب ولي العهد والقائد الاقتصادي في 2014، يتشابه مع جده عبدالعزيز بن آل سعود الذي أعطى الدولة التي أنشأها في عام 1920 اسم عائلته؛ بينما شغل محمد بن نايف منصب القائد الأعلى لمكافحة الإرهاب، وأعجبت الحكومات الغربية بقدراته وأشادت بتعاون الرياض في مجالات الأمن.
ولي العهد الجديد
تضيف الصحيفة أن ولي العهد الجديد تحدّثت عنه الصحف بعد جمعه فريقًا من المستشارين والوزراء للعمل على «رؤية 2030» لإعداد المدللين السعوديين لمواجهة الحياة بعد أزمة البترول، عبر تنويع الاقتصاد وخصخصة أكبر اقتصاد في العالم العربي وتحديثه؛ ما يعني زيادة الضرائب وتخفيض الإعانات والإنفاق، بجانب خطة لخصخصة شركة أرامكو المملوكة للدولة.
وصف البعض الأمير محمد بن سلمان بأنه ليس حازمًا في استراتيجيته الاقتصادية فقط؛ ولكن أيضًا في استعداده لاستخدام القوة، خاصة ضد المتمردين الحوثيين الذين أسقطوا الحكومة اليمنية؛ ما جعل الدولة أرضًا خصبة لظهور تنظيم القاعدة.
فور دخوله في الحرب اليمنية، وعد الأمير السعودي بانتصار سريع بعد أن جمع تحالفًا من الإمارات ومصر وغيرهما؛ وبعد عامين ومقتل الآلاف من المدنيين وانتشار وباء الكوليرا، يبدو أن قرار الأمير السعودي كان متهوّرًا وسبّب حرجًا لأميركا وبريطانيا وغيرهما من الحلفاء ومورّدي الأسلحة، ووصفته المؤرخة السعودية مضاوي الرشيد «أمير البترول والحرب».
في الأسابيع القليلة الماضية، دخل السعوديون أزمة جديدة بعد بداية حظر غير مسبوق ضد قطر، الدولة التي أغضبت معظم دول المنطقة، بدعمها جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية وجماعات إسلامية في ليبيا وسوريا.
انقلاب ناعم
غضب منافسو السعودية واتهموها بتدبير مؤامرة لتغيير النظام في الدوحة والعمل على إنشاء روابط اقتصادية مع «إسرائيل»؛ ما يُعدّ خيانة للقضية الفلسطينية، واعتبرت إيران أن تعيين محمد بن سلمان «انقلاب ناعم».
في المقابل، اتّهمت السعودية الجانب الإيراني بدعم القوات الشيعية في العراق، بجانب دعم الأسد مع قوات حزب الله، وكذلك الحوثيين في اليمن؛ وحذّر محمد بن سلمان الإيرانيين بأن المعركة ستكون في إيران وليست السعودية.
قال المعلق بقناة الجزيرة «جمال الشيال» إن أميركا وبريطانيا ستحاولان تقليل حماس الأمير محمد بن سلمان قبل تقليده ملكًا؛ وإلا فإنهما سيواجهان قائدًا يقود حروبًا ولا يعرف طريق الدبلوماسية الدولية.
ترى الصحيفة أن الدعاية والحروب الإعلامية تجعلان مهمة الجميع صعبة لفهم السعودية، وهو ما يتطلب محاولات لفهم المنافسة الملكية وشائعات الفساد، وتأخذ شركات دعاية أميركية وبريطانية كثيرًا من الأموال لعمل دعاية لـ«رؤية 2030» وترتيب مقابلات مع الأمير محمد بن سلمان لتلميع صورته، وفي هذه الدعاية يؤكَّدُ أن تعيينه سيساهم في فترة من الاستقرار.
الخطاب المناهض لإيران
بعد قرار تعيين الأمير محمد بن سلمان وليًا العهد هنّأه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قابله في واشنطن وفي قمة الرياض في مايو؛ وتسبب خطاب ترامب المناهض لإيران، الذي اختلف عن جهود باراك أوباما مع طهران، في تشجيع الأمير السعودي لاتخاذ مواقف حازمة.
قالت «إليزابيث ديكنسون» لصحيفة «فورين بوليسي» إن قرار السعودية بقطع العلاقات مع قطر يعني أن علاقات الدوحة مع الرياض لن تتحسن في العقود القادمة، موضحة أن الأمير محمد بن سلمان يتصرّف كمدير تنفيذي جديد يحاول فرض نغمة جديدة، وهي أن السعودية تضع قوانين جديدة ولن تتسامح في تجاوزها.