تبدأ إثيوبيا رسميا حجز المياه عن مصر خلال شهر يوليو المقبل، بتخزين 14 مليار متر مكعب من المياه بالبحيرة الموجودة خلف سد النهضة، لتشغيل توربينات الكهرباء، وهي الكمية المحددة ضمن المرحلة الأولى لملء الخزان.
ومن المتوقع أن تستمر الحكومة الإثيوبية في عمليات التخزين لمدة ثلاثة أشهر، بالتزامن مع بداية موسم الفيضانات المقبل في مطلع شهر سبتمبر المقبل، بسبب احتياج توليد الكهرباء إلى كميات كبيرة لتشغيل التوربينات، وهو ما تسعى إليه إثيوبيا من الآن فصاعدا.
في المقابل، تواجه الحكومة المصرية أزمة شحّ المياه المتوقعة، بالمزيد من الضغوط على الشعب، عبر قطع المياه المستمر عن كافة المحافظات بصفة يومية، ما أدى إلى انتشار ظاهرة شراء المياه من المحلات، وقُطعت المياه عن الكثير من الأراضي الزراعية، مسببة في احتراق عشرات الأفدنة من المحاصيل، وضياع الملايين من الجنيهات على المزارعين.
ومن ناحيتها طلبت وزارة الري والزراعة من المزارعين تقليل زراعة المحاصيل الصيفية، تحديدا زراعة الأرز والقصب، رغم أنها سلع استراتيجية، فضلاً عن عدم زراعة عدد من الخضروات والفاكهة بحجة استهلاكها كميات كبيرة من المياه، ووصل الأمر إلى اتهام وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، المساجد بأنها وراء إهدار المياه بسبب «الوضوء».
ورأى كثير من الخبراء أن أزمة المياه في مصر ستؤثر سلباً على كافة الخطط الاقتصادية في محافظات مصر، بالإضافة إلى ضياع الأراضي الحالية لأنها ستصاب بالتصحر، وستصاب الزراعة بالشلل التام.
وكشف مسؤول بوزارة الري عن توقعاته بفشل اجتماعات دول حوض النيل التي تعقد في العاصمة الأوغندية كمبالا، التي بدأت أمس الأربعاء، وتستكمل اليوم الخميس، بحضور وزير الخارجية سامح شكري، وهو الاجتماع الذي يناقش أهم النقاط الخلافية حول «اتفاقية عنتيبي»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا تتجاهل مصر في مشروع سد النهضة، وستعلن جاهزية السد للعمل في أكتوبر المقبل، مستغلة حالة السبات التام التي تواجهها الحكومة المصرية في الوقت الحالي وتحركها الضعيف».
ومن جانبه، قال أستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء أحمد فوزي دياب، لـ«العربي الجديد»، إن «إثيوبيا تتخذ قراراتها بشكل منفرد بخصوص السدّ، من دون الرجوع إلى مصر، وتقوم بالتعتيم على كل ما يتعلق به، إلا أن الأقمار الصناعية تكشف عن التقدم الكبير في بناءات وأساسات السد حتى الآن، وفشل الحكومة المصرية يتجلى في عدم امتلاكها أي أوراق تفاوضية للضغط على إثيوبيا، فالآثار السلبية المترتبة على مصر من سد النهضة لا تعد ولا تحصى، كما أنها آثار تدميرية على كافة أنواع الحياة، ولا تستطيع الحكومة تأمين أي بديل آخر عن المياه»، وتوقع أن تُتلف أكثر من 75 في المائة من مساحة الأراضي الزراعية المصرية التي يعمل بها ما بين 40 إلى 50 مليون مواطن.
ولفت إلى أن «مصر تعاني عجزاً في الموارد المائية، لأن حصتها السنوية الثابتة من مياه نهر النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، في حين تستهلك مصر أكثر من 80 مليار متر مكعب، أي أن مصر تواجه كل عام عجزاً قدره 25 مليار متر مكعب، تقوم بتوفيره من خلال برامج الترشيد، والأمطار الموسمية، وإعادة تدوير ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي».