قالت مديرة المؤسسة العربية «فاطمة بيشين» إن المجتمع السعودي سيشهد تحوّلًا الفترة المقبلة، بغض النظر عن نشاط الحكومة؛ ولكن بسبب التغييرات في سوق العمل والتناقضات الاجتماعية والدينية التي ستخلقها. وفي النهاية، سيؤدي الإصلاح الاقتصادي إلى تغييرات اجتماعية ثقافية في المجتمع السعودي.
تضيف «فاطمة» في مقال نشرته صحيفة «التايم» الأميركية أنه لا يوجد قانون رسمي يمنع النساء من قيادة السيارة في السعودية؛ ولكنهم يُمنعون من الحصول على رخصة القيادة. يأتي هذا المنع من العادات والتقاليد المحافظة في المملكة، التي تطورت في العقود الماضية من تقاليد ملحوظة فقط إلى إضفاء طابع مؤسسي كامل.
في عام 1991 أصدر عالِمٌ ديني بارز في المملكة فتوى تعتبر قيادة المرأة للسيارة خطيئة، وكذلك الاختلاط بين النساء والرجال، وأُجبرت وزارة الداخلية السعودية على الإذعان إلى هذا القرار؛ بسبب دعم الطبقة الحاكمة والشعب له.
وقال الأمير السعودي محمد بن سلمان في لقاء له عام 2016 إن السعودية ليست مستعدة لقيادة النساء السيارة، ولا تعتبر هذه قضية دينية، لكنها مجتمعية؛ فإما أن يقبل المجتمع بها أو يرفضها.
اعتبرت «فاطمة» أن الأمير السعودي مُحقّ؛ فإذا وافقت الحكومة على قيادة النساء للسيارة فالمجتمع ليس جاهزًا لقبول الأمر. إضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى التغييرات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي يجري تنفيذها حاليًا في المملكة؛ فمن المتوقع أن تحظى هذه القضية بحساسية كبرى بالنسبة إلى المجتمع السعودي.
وتسبَّب منع النساء من القيادة في اكتساب خدمات مثل «أوبر» و«كريم» لحصة كبرى في السوق السعودي بسبب مطالبات النساء بوسيلة مواصلات لا تكون مُكلّفة ويسْهل الوصول إليها.
جذب نجاحُ هذه الشركات أعين الرجال السعوديين الباحثين عن فرص عمل فيها مكاسب. ففي الوقت الذي اعتمدت فيه المملكة على العمالة الأجنبية لمثل هذه الوظائف؛ فإنها في الثلاث سنوات الماضية أبدت تغييرات كبرى، بعد إبداء السعوديين استعدادهم لمثل هذه الأعمال.
اعتبرت «فاطمة» أن هذا التحوّل في رغبات الرجال، بجانب تزايد أعداد النساء السعوديات اللاتي يدخلن إلى سوق العمل، يعد تغييرًا للوضع الذي يمكن أن يساهم في النهاية في إعطاء النساء رخصة القيادة.
وتضيف أن هناك تناقضات واضحة تظهر من رفض المؤسسة الدينية قيادة النساء للسيارات بسبب الاختلاط مع الرجال السعوديين؛ إلا أنها لا تجد مشكلة في التواصل بين النساء مع السائقين الرجال، ولا تعتبر المؤسسة أن السائقين يمثلون تهديدًا اجتماعيًا بسبب أنهم أجانب، إضافة إلى موقعهم كخدم؛ ولذا في حالة موافقة الدولة ووضع مواطنين سعوديين بدلًا من الأجانب ففي هذه الحالة نعود إلى أساس المشكلة.
تقول «فاطمة» إن الرجال لا يرون أنفسهم ولا يتسامحون في اعتبارهم خدمًا؛ لذا فإنه بتوصيل شخص سعودي سيدة سعودية يخلق الوضع نفسه الذي تحاول المؤسسة الدينية تجنّبه، وهو البيئة المثالية لاختلاط الرجال والنساء الذين لا تربطهم صلة قرابة في منطقة مغلقة لفترة غير محددة.
توضح «فاطمة» أن ذلك سيضع الحكومة في معضلة سياسية يجب عليها تصحيحها دون التراجع عن مبادرات الإصلاح الاقتصادي؛ ومن المرجح أن يسمح ذلك للمرأة بالقيادة. وبسبب الأهداف الاقتصادية للدولة، التي تشمل مشاركتها في العمل وتقليل البطالة المحلية؛ فيمكن للسلطة السعودية أن تسمح للمرأة بالقيادة من أجل الحفاظ على قدسيتها والإسلام في الوقت الذي تستمر في توليد فرص العمل.
تستكمل «فاطمة»: «أتّفق مع النوايا خلف دوافع منال الشريف وغيرها من عشرات الناشطات السعوديات اللاتي تربطن حقوق القيادة بتحرير المرأة في المملكة؛ ولكنني كامرأة سعودية أعتقد أن التغيير بنهج المواجهة له نتائج عكسية ولا يحقق الهدف الجماعي».