عاد الحديث مجددًا عن ثروة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ليشغل الرأي العام، لا سيّما بعد إطلاق سراح نجله «سيف الإسلام» مؤخرًا؛ فبيده ما يقارب من 30 مليار دولار من أصل 50 مليار دولار في الإمارات، وفقًا للفريق الليبي المسؤول عن تتبع أموال أسرة القذافي.
ونقلت صحيفة التايمز البريطانية عن مُحققين أنَّ «سيف الإسلام» القذافي لديه 30 مليار دولار أميركي تحت تصرُّفه، رغم الجهود الدولية المبذولة لتجميد الأصول التي تملكها أسرته.
ومؤخرًا، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تقريرًا يُحذِّر من أنَّ جزءًا كبيرًا من ثروة أسرة القذافي لم يُصادَر بعد، بحسب الصحيفة البريطانية.
وصوَّت مجلس الأمن على قرارٍ بتجميد أصول أسرة القذافي في عام 2011، وأمر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتنفيذ العقوبات التي أقرَّها؛ لكن الأمم المتحدة قالت في شهر يونيو الجاري إنَّها تُحقق فيما تشُك بأنَّها معاملاتٌ مالية «مشبوهة» بين حسابات تخص أفرادًا من النظام الليبي السابق، كثيرٌ منها في الإمارات العربية المتحدة.
إطلاق سراح سيف الإسلام
ويُعتَقَد أنَّ سيف الإسلام، الذي يبلغ من العمر 44 عامًا، واختاره والده لخلافته قبل الثورة التي قامت ضده ودعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، موجودٌ في ليبيا بعد إطلاق سراحه.
وقررت كتيبة «أبوبكر الصديق» بمدينة الزنتان (غربي ليبيا)، الداعمة لقوات حفتر المدعومة من مجلس النواب في طبرق، إخلاء سبيل سيف الإسلام القذافي قبل أيام؛ ما أثار انتقادات في غربي ليبيا وشرقيها، خاصة من المجلس العسكري للزنتان (الذي يفترض أن كتيبة أبي بكر الصديق تتبع له).
وكان نجل القذافي مُحتَجَزًا في بلدة جنوب غربي طرابلس منذ نوفمبر 2011، وأُطلِق سراحه بعد عفوٍ أصدرته حكومة شرقي ليبيا، وأدانته نظيرتها حكومة طرابلس المُعتَرَف بها من قِبَلِ الأمم المتحدة. ولم يصدر أي تأكيد مُستقل لإطلاق سراح نجل القذافي، ودعت المحكمة الجنائية الدولية إلى «القبض فورًا» على سيف الإسلام لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
50 مليار دولار في الإمارات
وقال عبدالحميد الجدي، المُحقِّق الذي عيَّنته الحكومة الليبية المؤقتة لتتبُّع أموال أسرة القذافي، لصحيفة التايمز: «من الـ50 مليار دولار المسروقة التي نعتقد وجودها في الإمارات، يُمكِن لسيف الإسلام أن يتصرَّف في 20 مليارًا بسهولة بالغة».
وأضاف أنَّه لا دليل على أنَّ الإمارات نفَّذت قرارات تجميد أيّ من هذه الأموال، رغم نشر تقارير إعلامية تُفيد بإعلان التجميد، قائلًا إنَّ فريقه تتبَّع 50 مليار دولار تخص 33 من أعضاء نظام القذافي في الإمارات، وهذه الأموال قد تُوضع تحت تصرُّف من نجا من أسرة القذافي.
«الخليج» ملاذ أموال القذافي
وقال «عبدالحميد» إنَّ أموالًا إضافية توجد في دولٍ خليجية أخرى لم تُصدِر قرارات بالتجميد، وحتى في سويسرا؛ حيث أُقِرّ تجميد الأموال بقرار الأمم المتحدة، وتستطيع أسرة القذافي الوصول إلى قدرٍ لا بأس به من الأموال الموجودة في حسابات متصلة تستخدمها حتى الآن.
ويقول «عبدالحميد» إنَّ سيف الإسلام قد يكون بحوزته 30 مليار دولار، إن كانت هذه هي الحال.
ويوافق مُحققون آخرون يتتبَّعون أموال أسرة القذافي على تقدير عبدالحميد بأنَّ الأسرة لديها أموال في دولة الإمارات، التي تدعم حكومة شرقي ليبيا.
وقال أليكساندر كايروم، الموظف بشركة استشارية هولندية شاركت منظمة الشفافية الدولية المناهضة للفساد في تحقيقها بشأن أموال القذافي المسروقة من الشعب الليبي: «سيتمكَّن سيف الإسلام من حيازة أموال كثيرة إذا ذهب إلى أسرته في عمان أو في الإمارات، ويمكننا القول دون مبالغة إنَّ المبلغ يُقدَّر بالملايين؛ لكني لا أستطيع استبعاد أن يكون بالمليارات، وقد تكون السعودية أيضًا ملاذًا لبعضٍ من هذه الأموال. يُمكننا القول إنَّ دول الخليج ملاذ معظم الأموال التي تستطيع أسرة القذافي التصرف فيها إلى الآن»، بحسب التايمز.
ولا يعرف أحدٌ بالتحديد الكمّ الذي جمعه القذافي وأسرته في مدة حكمه التي بلغت 40 عامًا لليبيا ذات الاحتياطي النفطي الضخم. ويُقدِّر «عبدالحميد» الأموال بـ300 مليار دولار؛ لكن كايروم قال إنَّ «تقدير منظمة الشفافية الدولية أكثر تحفُّظًا؛ إذ يبلغ 60 مليارًا، دون حساب الأموال التي أُنفِقت في مدة حكم القذافي أو أُهديت أو تحتفظ بها الهيئات الحكومية».