لقد تتبعت الحراك في الريف جيدا مما يمكنني أن أقول أنه لايوجد جديد، فالريف دائمًا يصنع الحدث. الريف يعني النخوة والبطولة المجد والريادة فكان من طبيعي أن ينتفض. اسألوا التاريخ عن الريف إن كنتم لا تعلمون من هو، كما لم يكن غريبا أن يبزغ أبطال وثوار من هذه البقعة الثائرة على الفساد والإستبداد والاثرة بكل أنواعها كائن من كان يمثلها .
كما لم يكن غريبًا أن تسعى السلطة العلمانية بالمغرب نحو عرقلة هذا الحراك الاجتماعي و السلمي الذي يوحي بأن شباب الوطن لازال حيا لم يمت، ولازال بإمكانه أن يلعب دورًا رياديا في السياسة المغربية كما عودتنا. فقد سعت نحو قمع هذا الحراك المبارك في هذا الشهر المبارك وسعت نحو التنكيل برموز هذا الحراك.
متهمة نشطاء هذا الحراك السلمي والشرعي بالمس بسلامة الدولة الداخلية وإحداث التخريب والنهب وتدبير المؤامرة عن طريق تسلم مبالغ مالية وهبات وفوائد أخرى مخصصة لتسيير وتمويل نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب.
ومما يثير علامات استفهام كبيرة ان هذه الاتهامات الموجهة للنشطاء ذكرت فيها الدولة أربعة مرات رغم أن المظاهرات لم تتطرق لدولة التي هي كيان معنوي يتضمن جميع مؤسسات المجال العام وكل أعضاء المجتمع بوصفهم مواطنين وإنما نددت بأشخاص بعينهم ولا يمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص هم الدولة هناك فرق بين الدولة وأشخاص يضعون سياسات للدولة هذا خلط بينهما.
لقد جرى تحريف الشعارات التي رفعت في الحراك من محاربة الفساد المستشري داخل مؤسسة الدولة إلى زعزعة ولاء المواطنين لدولة ولمؤسسات الشعب المغربي وكأن من خرجوا في المظاهرات أطفال صغار وليس مواطنين على دراية بالفساد الذي يستشري في قطاع كبير من مؤسسة الدولة.
إحدى التهم التي تبكي وتضحك في نفس الوقت هي تهمة المس بالسلامة الداخلية لدولة عن طريق تسلم مبالغ مالية وهبات وهذه المبالغ والهبات هي مبلغ 2700 درهم تهمة كبيرة جدًا بنيت على أساس ضعيف جدا هذا المبلغ لا يكفي لزعزعة استقرار مقهى إن من يريد زعزعة استقرار أي دولة لا يدفع هذا المبلغ التافه ومن يريد القيام بهذه المهمة لا يتلقى هذا المبلغ الحقير أضف أنه العالم بأكمله يعلم سبب خروج هذه المظاهرات المباركة كما يعلم أنها كانت عفوية وبسبب موت الشاب محسن فكري.
والغريب أن تهمة كبيرة لم يصدر بسببها أمر بضبط والاحدار أحد النشطاء هي المس بسلامة الدولة وتدبير مؤامرة للمس بسلامة الداخلية لكنه أصدر بسبب مقاطعة خطيب مسجد وكأن كل هذه التهم الخطيرة غير كفيلة بتحريك وكيل الملك لإصدار هذا القرار ومقاطعة خطبة جمعة كفيلة بذلك .
هذه الاتهامات تعكس إنعدام العدالة وتوحي بأنه هناك أزمة في العدالة المغربية كما تعكس وجهة نظر السلطة العلمانية من حرية التعبير وحق التظاهر في الحقيقة تريد السلطة تمرير رسالة إلى المعارضين لسياساتها أنه في حالة عدم الرضوخ فهذه هي النهاية لسان الحال يقول إن أنت إعترضت على سياستنا الغير الحكيمة وعلى الغلاء والفساد فأنت عميل تريد زعزعت استقرار الوطن أليس هذا هو الظلم عينه ؟