جاء اعتداء قوات الأمن على اعتصام نقابة الصحفيين أمس ليبعث بأكثر من رسالة للمعارضة، أبرزها: أولًا ما يخص حرية الصحافة، وثانيًا: رفض أي معارضة لإتفاقية تيران وصنافير، وثالثًا تخويف وترهيب الرموز السياسية المعارضة للاتفاقية.
اعتداء وفض
ولتوصيل هذه الرسائل قامت قوات الأمن بالاعتداء على المعتصمين بعدما قاموا بتنظيم وقفة على سلالم النقابة بطريقة غير معهودة، ولم تستغرق الوقفة أكثر من ربع ساعة على بدايتها وبعدها اعطيت الأوامر بالاعتداء وفض الوقفة سريعًا، وضرب وسحل المشاركين في الوقفة مما أدى إلى تدافع كبير في اتجاه باب النقابة للدخول والاحتماء بها.
وبدأ الاعتصام الساعة الخامسة عصر الثلاثاء، حيث تم الدعوة إليه من قبل الجمعية العمومية وعددًا من أعضاء مجلس النقابة وشارك فيه العشرات من الصحفيين بمقر النقابة، احتجاجًا على تمرير اتفاقية بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وسبق ذلك تحويل شارع عبدالخالق ثروت ومحيط مبنى نقابة الصحفيين إلى ثكنة عسكرية لمنع توافد الصحفيين للانضمام للاعتصام.
شهادة صحفية
وروت مروة كامل، إحدى الصحفيات المشاركات في الوقفة جانبًا مما حدث وقالت عبر صفحتها على «الفيس بوك»: «خرجنا بره علي السلم نهتف عادي زي كل مرة والمشهد كان الناس واقفين علي السلم بتردد الهتافات، وكان قصادنا بعد السلم بالضبط حواجز الشرطة خلفها بلطجيه بلبس مدني اللي كان زمان بيقفوا عند تقاطع شارع رمسيس بشارع عبدالخالق ثروت وتقاطع شامبليون بشارع عبد الخالق ثروت النهارده كان المشهد مختلف تماما فالبلطجيه خلف حواجز الشرطة مباشرة واقفين بشكل منظم جدًا ومتصدرين المشهد خلفهم عساكر الأمن المركزي».
وأضافت: «وفي وسط الشارع ضباط رتب كبيرة وواحد ببدله شكله الكبير بتاعهم وكل رتبه واقفه معاها ضابط صغير بيكتب اللي بيقولوا عليه وهو بيشاور علي ناس مننا.. وفي أقل من ربع ساعة من وقفتنا وضابط الكبير اللي لابس بدله متعصب أوي وبيتكلم في التليفون وشكله زي ما يكون لو يطولنا كلنا هيموتنا مش هيحبسنا.. المهم فجأة لقينا البلطجيه شالوا الحواجز وطلعوا على سلم النقابه ليدفعونا إلى الداخل بالقوة».
15 معتقل
من جانبه، قال عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن عدد المحتجزين يصل إلى 15 تقريبا أو ربما أكثر بقليل، بينهم ثلاثة صحفيين وتم تحرير محضر لهم بعد التحقيق معهم، مشيرًا إلى أن قوات الأمن تحتجز المقبوض عليهم من محيط النقابة، مساء أمس الثلاثاء، في قسم شرطة الجمالية.
وأضاف «بدر» أنه تواجد هو وعضوا المجلس محمد سعد عبد الحفيظ وجمال عبد الرحيم بالقسم، وحاولوا لقاء المحتجزين ولكن قسم الشرطة رفض ذلك، مشيرًا إلى تمكنهم من إدخال سحور لكل المحتجزين.
وقال عضو مجلس نقابة الصحفيين جمال عبدالرحيم إن فض قوات الأمن لوقفة الصحفيين كان أبشع من دخولها مقر النقابة في مايو الماضي، على حد وصفه.
وأضاف: «الأمن اشترط خروج الصحفيين من مقر النقابة وفض الاعتصام للإفراج عن زملائهم الذين ألقي القبض عليهم أثناء الوقفة الاحتجاجية المناهضة لمناقشة البرلمان لاتفاقية تيران وصنافير. ولكن لم نتعهد لهم بذلك وتركنا القرار للمعتصمين».
«سلامة» يتبرئ من الاعتصام
وفي محاولة منه لرفع الغطاء النقابي عن الاعتصام، أعلن نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة تبرأه من الاعتصام كرسالة منه، بأن الاعتصام غير شرعي، وقال إنه لا يعلم شيئا عن دعوة بعض الصحفيين للاعتصام داخل مقر النقابة معلقا أن «هذا أمر غير مقبول قولا واحدا».
وأشار نقيب الصحفيين، في تصريحات صحفية، إلى أنه توجه بالسؤال لحاتم زكريا سكرتير عام النقابة بخصوص ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي, الذي أكد بدوره أنه لم يتقدم أحد بإخطار للمجلس.
وقال «سلامة» إن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية سياسية وأنه ليس ضد أي رأي سواء مؤيد أو معارض, ولكن السياسة لها مكانها ولا ينبغي أن يجر البعض النقابة لنفق مظلم ولن يسمح بذلك, متسائلًا: «ما المعنى من هذا الاعتصام».
عبد الرحيم يرد
وردًا على تصريحات سلامة، أكد جمال عبدالرحيم، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أنه لا يحق لنقيب الصحفيين أو مجلس النقابة نفسه منع الصحفيين من التعبير عن آرائهم في قضية وطنية، مشيرًا إلى أن دعوة الاعتصام خرجت من قبل أعضاء الجمعية العمومية، وإذا تحدثت الجمعية العمومية فليصمت الجميع.
وأوضح «عبدالرحيم» في تصريحات صحفية، أنه لا علاقة بمجلس النقابة بالاعتصام، والداعون له غير مجبرين على إبلاغ مجلس النقابة بموعده أو تفاصيله، فالمعتصمون صحفيون يريدون التعبير عن آرائهم بحرية داخل أسوار نقابتهم، التي هي في الأصل بيتهم.
وقال: «نحن نتحدث هنا عن قضية وطنية، وليست سياسية، ولا مجال للجدل فيها، ومن الطبيعي والمنطقي أن يعلن الجميع رفضه لبيع أرض مصر، وطلما أن نقيب الصحفيين لم يعلن دعمه، فهذا لا يعطيه الحق أن يعترض على المختلفين معه في الرأي».
رسالة للرموز السياسية
وفي سياق الرسائل التي يبعثها النظام جاءت رسالة أخري للرموز السياسية المشاركة في الاعتصام ومنهم حمدين صباحي، حيث تقدم سمير صبري، المحامي بالنقض والدستورية العليا، ببلاغ عاجل لنيابة أمن الدولة العليا، ضد حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، بتهمة التحريض على التظاهر والاعتصامات والفوضى.
وأوضح «صبري»: «بعد أن تطاول المدعو حمدين صباحي على أعلى سلطة في الدولة، وكذا تطاوله على رئيس مجلس النواب، متهما إياهما بالخيانة للوطن ويصف النظام في مصر والسعودية بأدوات ذليلة تابعة خانعة للعدو الصهيوني والأمريكاني».
وأضاف: «صباحي يدعو للتظاهر والاعتصام وإشاعة الفوضي وتهديد أمن الوطن واستقراره وترويع الآمنين بخلاف الدعوة للعنف في الوقت الذي فيه الدولة في حاجة ماسة للاستقرار والأمان لحماية أمن وسلامة الوطن وتوفير الجو الآمن للاقتصاد والسياحة بخلاف تربص قوي الشر بمصر شعبا ودولة».