عززت الصعوبات المالية التي تواجهها القوى الاقتصادية التقليدية – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي – التشاؤم بشأن تدني معدل النمو الاقتصادي العالمي وسط توقعات بتراجع معدلات الاستثمار والتوظيف في الصين والهند والبرازيل ومنطقة اليورو.
ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولى سيتراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى أقل من 3.5 في المائة نتيجة تراجع معدلات الاستثمارات المباشرة بالولايات المتحدة والصين وتفاقم أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو وخاصة فرنسا وإيطاليا وإيرلندا واليونان وأسبانيا والبرتغال وقبرص وتبنى عدد كبير من دول اليورو لإجراءات تقشفية أثرت سلبًا على النمو الاقتصادي ومعدلات التوظيف.
وعكس تقليص معدلات الفائدة بمنطقة اليورو والصين ودعم البنك المركزي البريطاني لبرنامج شراء السندات هشاشة التعافي الاقتصادي العالمي وسط مطالب من صندوق النقد الدولي بإنشاء اتحاد مالي بمنطقة اليورو لدعم الاستقرار المالي والنقدى بدول المنطقة ومساعدة الدول التي تعاني اقتصادياتها من تنامي الديون السيادية.
وأوضح محللون اقتصاديون دوليون أن معدلات النمو الاقتصادي بعدد من الدول ذات الاقتصاديات الصاعدة الكبرى كالصين والهند والبرازيل وروسيا التي تستحوذ على 20 فى المائة من الناتج المحلي العالمي ستتباطأ وهو ما سوف يلقى بتداعياته السلبية على التعافى الاقتصادى على المستوى الدولى.
كان صندوق النقد الدولى قد قلص توقعاته بشأن معدل النمو الاقتصادي بالولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم والتي يبلغ ناتجها المحلي الاجمالي حوالي 15 تريليون دولار من 2.1 فى المائة إلى اثتين في المائة في إبريل الماضي.
ومن جهة أخرى عزز تراجع صادرات الدول الآسيوية الكبرى وخاصة اليابان والصين والهند وتأييد اثنين من مسئولى بنك الاحتياطى الفيدرالى الامريكى البنك المركزى بشأن تنفيذ خطة -التحفيز الكمي 3-لدعم الاقتصاد الأمريكي والتي ترتكز على تخصيص عشرات المليارات من الدولارات لشراء السندات الحكومية الأمريكية.
وأوضح رئيس بنك الاحتياط الفيدرالى ببوسطن "إيريك روسينجرين" أنه متشائم بشأن النمو الاقتصادى ببلاده في ضوء تراجع معدلات الاستثمارات الأجنبية والصادرات والإنفاق الحكومي علاوة على الانخفاض المتوقع للنمو فى آسيا والتداعيات الناجمة عن أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو .
وجاء تقليص معدل الفائدة بالصين ومنطقة اليورو وتوسيع برنامج التيسير الكمي ببريطانيا ليجسد القلق المتنامي بتلك الدول بشأن تراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي.
كما تواجه ألمانيا -أكبر اقتصاد في منطقة اليورو- أوضاعًا اقتصادية صعبة حيث انخفضت صادراتها إلى دول الاتحاد الأوروبى بشكل ملحوظ العام الحالي نتيجة حالة الركود التي تعاني منها أسواق تلك الدول وتراجع معدلات الانفاق الاستهلاكى بينما ارتفع معدل الديون العامة الألمانية إلى 82 في المائة من الناتج المحلى الاجمالى ووصل حجم الدين الخارجى بتلك الدولة إلى أكثر من 145 في المائة من الناتج المحلي الإجمالى مقارنة بنحو 45 فى المائة باليابان و103 في المائة فى الولايات المتحدة وأقل من خمسة فى المائة فى الصين و33 فى المائة بروسيا.
ومن جهة أخرى تخشى حكومات دول منطقة اليورو من تأثير خطط التقشف المالى – والتى ستؤدى إلى فقدان عدد كبير من الوظائف وتقليص الأجور وتأثر الخدمات العامة- على فرص بقاءها على الساحة السياسية فى ضوء تزايد الاحتجاجات المناوئة لتلك الخطط بعدد كبير من العواصم الاوروبية.
وتؤكد المؤشرات الحالية ان الاقتصاد العالمى شرع فى الدخول الى نفق الركود المظلم العام الجارى نتيجة فقده لمحركات النمو وخاصة الصين والاسواق الناشئة .