يبدو أن المسرح السياسي يُعَدُّ للانتهاء من مناقشة اتفاقية “تيران وصنافير” بمجلس النواب قريبًا، تمهيدًا لتسليمها إلى السعودية، متمثلًا في مسارين؛ الأول اعتقال نشطاء، خاصة المعروف عنهم معارضتهم لها، والآخر تمثّل في حجب المواقع المُعارِضة التي تعاملت مع الاتفاقية برفض واستنكار.
في هذا السياق، أكدت مصادر إعلامية، بحسب موقع “العربي الجديد”، أن القرار الأخير الخاص بحجب المواقع “المعارضة”، الذي شمل حتى الآن 25 موقعًا، آخرها “محيط”، يأتي في سياق التجهيز لتسليم تيران وصنافير.
وأوضح المصدر أن النظام ينوي تطوير الحملة الأمنية لتضم مواقع إلكترونية تابعة لمجموعات معارضة وأحزاب رسمية مؤيدة لمسار 30 يونيو، مؤكدًا أن بعض المواقع التي شملها قرار الحجب كانت فعلًا على قائمة الاستهداف الأمني؛ على رأسها “مدى مصر” و”المصريون”، وبدرجة أقل موقع “مصر العربية”.
وأضاف أن مبادرة الإمارات والسعودية جاءت لحجب المواقع القطرية؛ ما اضطر النظام لاتباعهما في ذلك، فضمّ إلى قرار الحجب مواقع أخرى ضاق بها ذرعًا؛ كالتابعة لـ”جماعة الإخوان”، التي كان من المقرر استهدافها أمنيًا.
مستندات إضافية
ومما أكد هذا التوجه، ما قاله مصدر قضائي في وزارة العدل أيضًا بأن هناك ربطًا بين قرار الحجب وقرب مناقشة اتفاقية تيران وصنافير في البرلمان، بحسب ما ذكر موقع “العربي الجديد”.
وكشف المصدر أن مجلس النواب طلب بشكل سري للغاية من وزارتي العدل والخارجية مستندات إضافية لإثبات سعودية الجزيرتين، لإضافتها إلى الملف المحال من مجلس الوزراء، في ديسمبر الماضي، مرجحًا أيضًا أن يطول أمد النزاع القضائي القائم في المحكمة الدستورية ومجلس الدولة حاليًا بشأن صحة إحالة الاتفاقية إلى مجلس النواب.
وأكد أن التمهيد الإعلامي الذي بدأ في صحف قومية لتمرير الاتفاقية ستُستكمل آثاره بتخويف الصحف والمواقع الخاصة التي لم يشملها قرار الحجب؛ خصوصًا في ظل قانون الطوارئ، الذي يمنح السلطة التنفيذية، بأوامر شفهية من رئيس الجمهورية، سلطة وقف أي وسيلة إعلامية ترى أنها تمثل خطرًا على أمن المجتمع؛ وهو ما يُسهّل تطبيقه على أي وسيلة تعارض تسليم الجزيرتين إلى السعودية.
الاعتقال والجُزر
سبق “الحجب” مسار آخر يصب في الهدف والاتجاه نفسيهما، يتعلق بحملة اعتقالات واسعة في صفوف المناهضين لتسليم الجزر والرافضين للاتفاقية.
فعقب أسبوعين فقط من حملة الاعتقال الواسعة التي قادتها الأجهزة الأمنية على الشقق السكنية لطلاب جامعة الأزهر، قامت بحملة اعتقال جديدة؛ لكن هذه المرة وُجّهت ضد “نشطاء” يساريين في مناطق مُتفرّقة بمصر.
وطالتْ الحملة، بحسب منظمات حقوقية، نحو 25 ناشطًا يساريًا، مُوزّعين على مناطق جغرافية مختلفة؛ ما يعني أن قرارَ اعتقالهم مركزيٌّ، وهو الأمر الذي لا يحدث إلا بقرار سياسي في أغلب الأمور.
ولم تكشف الأجهزة الأمنية عن أسباب اعتقال النشطاء حتى الآن، كما لم تتحدَّث عنها مراكز حقوقية بشكل مُعلَن؛ إلا أن المصادر أكَّدتْ أن بعضًا من هؤلاء النشطاء مَخفِيُّ قسريًا حتى اللحظة.
وتزامن اعتقال النشطاء اليساريين مع زيادة القبضة الأمنية على الإسلاميين وعودة سياسة التصفيات؛ ما يُوحِي بشكلٍ أو بآخر أن السلطة مُقبلة على إجراءاتٍ معينة، وتخشى أن تلقَى هذه الإجراءات موجات تظاهر أو معارضة لها؛ وبالتالي قرَّرَتْ تفعيل قانون الطوارئ في مواجهة هؤلاء جميعًا، وشَنّ حملات اعتقال عشوائي.
ورُبط بشكل واضح بين حملة الاعتقالات هذه وتسليم الجزيرتين؛ حيث ارتبطت اتفاقية “تيران وصنافير” التي وقّعتها الحكومة المصرية مع السلطات السعودية في أبريل 2016 بحملات اعتقال ضد النشطاء والسياسيين في مصر، خاصة وأن الاتفاقية أشعلت نيران التظاهر في ربوع مصر، خصوصًا في مناطق وسط البلد، في فعاليات عُرفت وقتها بـ”جمعة الأرض”.
وبحسب تقرير سابق لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، فإن السلطات المصرية ألقت القبض على حوالي 1300 شخص خلال الاحتجاجات على نقل تبعية جزيرتي “تيران” و”صنافير” إلى السعودية، ثم تمّ الإفراج عن معظمهم بعد ذلك، وكان من بينهم الناشط اليساري “هيثم محمدين” – القيادي بحركة “الاشتراكيين الثوريين”.
كما اعتقلت الشرطة العشرات من النشطاء في 3 يناير 2017 بعد مظاهرة على سلالم نقابة الصحفيين وسط القاهرة؛ احتجاجاً على إقرار الاتفاقية وإحالتها للبرلمان..
النواب وتمرير الاتفاقية
وقالت مصادر مطلعة داخل البرلمان لموقع “البداية “، إن هناك أنباء مؤكدة عن وجود اتجاه قوي لتمرير اتفاقية تيران و صنافير خلال شهر رمضان، بحيث يتم تسليم الجزر خلال شهر يونيو.
وكان المستشار بهاء أبو شقة رئيس لجنة الشئون الدستورية و التشريعية بمجلس النواب، قد قال قبل أيام: إن “اللجنة وصلت إليها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية، و المعروفة إعلامية باتفاقية “تيران و صنافير”، و بدأت فى الإعداد لكيفية عرضها على نحو يتفق مع صحيح الدستور والقانون”، لافتا إلى أنها ستناقش على نحو فني و سيستعرض فيها البرلمان جميع الحقائق أمام الشعب.
وأضاف رئيس لجنة الدستورية والتشريعية، فى تصريحات صحفية يوم 24 مايو صباح يوم احتجاز خالد علي ، أن اللجنة لا زالت تناقش عدد من الأولويات على أجندتها ، للانتهاء منها فى أقرب وقت ، مؤكدا أن جميع الحقائق ستكون مطروحة من خلال جلسات علنية ، و سيسمح فيها للاستماع لجميع الآراء من أصحاب الرأي و الرأي الآخر ، لافتا إلى أن اللجنة ستضع جدولا محددا ، للجان على أعلى مستوى لتكون جميع الحقائق مطروحة بشكل واضح و سنلتزم فى هذا بصحيح الدستور و القانون.
تحذير وتمسك
ومن ناحيته حذر المحامي الحقوقي خالد علي من تمرير لتمرير اتفاق العار بالتنازل عن الجزر من خلال البرلمان في رمضان.
و كتب خالد علي على حسابه على فيسبوك “كل شىء يتحرك من أجل كسر إرادتنا، وتكميم أفواهنا، لتمرير اتفاق العار بالتنازل عن تيران وصنافير من خلال البرلمان فى شهر رمضان، دافعوا عن أرض مصر بكل ما تملكون من حب لتراب هذا الوطن”.
أما النائب هيثم الحريري فقد نشر مؤخرًا لافتة “تيران وصنافير مصرية” على صفحته على “فيسبوك”، وكتب أسفل الصورة “صباحكم إرادة وعزيمة ونصر.. فى كل يوم بتظهر قضايا جديدة ومهمة، لكن في قضية هي الأهم والأخطر لازم تبقى دايما فى مقدمة اهتمامنا تيران وصنافير مصرية”.