لأن الفن غالبًا ما يعكس الوضع الاجتماعي، انتظر أميركيون اهتمام صناعة التلفاز برئاسة دونالد ترامب لبلدهم؛ ويبدو أن أربعة أشهر لم تكن كافية للاهتمام بالتحوّل الأميركي الحالي.
وقالت الكاتبة أماندا ماركوت إنه على الرغم من أن مسلسلات مثل “فايب” و”هاوس أوف كاردس” تهتم بالسياسة؛ فإنها حاولت الهروب من الأوضاع الأميركية بدلًا من الحديث عنها.
وفي مقالها بصحيفة “سالون”، أضافت أماندا أن هناك مسلسلًا وحيدًا حتى الآن يعد استثناء للقاعدة، وهو مسلسل مارفل الشهير “عملاء الشيلد”، الذي انتهى موسمه الرابع في مايو الجاري. ورغم أنه يتحدث عن الأبطال الخارقين والجواسيس، وكُتب الموسم الماضي قبل نتائج انتخابات “نوفمبر”؛ إلا أن الكُتّاب قاموا بعمل رائع في تحويل النصف الثاني من هذا الموسم إلى تصوير شعور الليبراليين الذين يعيشون بأميركا.
تتحدث قصة النصف الثاني من الموسم الرابع عن “عملاء الشيلد”، وهم تابعون لخدمة استخبارات من عالم مارفل ومحبوسون في عالم بديل أنشأه إنسان آلي شرير. ولا يتذكر معظم الأبطال حياتهم الحقيقية ولا يعرفون أن العالم الذي يعيشون به مُزيّف. وفي هذا العالم المزيف يدير منظمة “هيدرا”، التي أنشأها النازيون، أشخاص يريدون إعادة الفاشية؛ على الرغم من أنهم في الواقع يعتبرون ألدّ أعداء الشيلد.
عالم يديره النازيون
وتقول أماندا إن المسلسل يتشابه مع الواقع في حديثه عن أشخاص استيقظوا ليجدوا أنفسهم في عالم يديره النازيون، وهو يشبه كثيرًا شعور الليبراليين الذين يعيشون في عهد ترامب. وبدأ عديدون إطلاق “الكوميديا السوداء” عن أننا نعيش في عالم بديل، وهناك عالم آخر تدير فيه هيلاري كلينتون الدولة، مضيفة أن ما جعل هذا الموسم ممتعًا هو اعتماد الكُتّاب على الاستعارة والتلميح إلى الواقع الأميركي.
وقالت أماندا: في هذا المسلسل، تعلم عميلتان أنهما في محاكاة، وتحاولان انضمام الجميع إلى فريقهما؛ معتبرة أن إحساسهما بالوهم ومحاولتهما الهرب من هذه المحاكاة تعكس بشكل غير مرئي الانفصال الذي يشعر به الليبراليون هذه الأيام، وباعتبار العميلتين اللتين استيقظتا فتاتين دعوة إلى مسيرة مارس التي قادتها النساء واعتبار أن النساء من يقودن المقاومة.
وأوضحت أنه أثناء الموسم الرابع نعلم سبب حكم هيدرا، وهو استغلالها مخاوف الشعب من غير البشريين، ووضعوا في السلطة بناء على وعودهم للتخلص منهم، مضيفة أن هذا المثال وهذا الإسقاط واضحان؛ حيث وصل ترامب إلى السلطة عبر حديثه المناهض للاجئين، وهنا شبّه الكُتّاب غير البشريين باللاجئين، وهم مجموعة من الأبرياء الذين يلامون بسبب أفعال قلة من بينهم.
لا يجب أن ننسى ذلك
وفي حلقة بالمسلسل تساءل طالبٌ عن حقيقة أن هيدرا لهم أصول نازية، وجاء رد مُدرِّسه بأن هذه معلومات مغلوطة؛ معتبرًا أنها دعاية يسارية. ولكن إحدى السيدتين التي تعلم بأنهم نازيون تخبر الطالب فيما بعد أن كل أعضاء المنظمة نازيون، ولا يجب أن ينسى ذلك؛ ويبدو أن هذا التحذير جاء للجماهير ليذكرهم بألّا ينسوا أن السلطة الحالية ستظل سيئة.
وقالت أماندا إن الإسقاط السياسي حدث كثيرًا في هذا الموسم؛ خاصة عندما اُستُخدمت المصطلحات التي تطلق حاليًا مثل “الأخبار المزيفة” و”الحقائق البديلة” وشكوى الشخصيات الأساسية من وسائل الإعلام التابعة لهيدرا.
وأضافت أن مؤامرة المحاكاة كانت مؤثرة بشكل لا يصدق؛ حيث أعطى استمرار وجود شخصيات عالقة في المحاكاة لست حلقات طويلة الجمهور وقتًا كافيًا لبداية التفكير والقلق بشأن المصير في هذا العالم السيئ والأشخاص الموجودين به.
عالمنا الحقيقي
ورأت أماندا أن أبرز خط مثير للقلق في هذه القصة هو ما حدث مع ليو فيتز، وهو عالِم وحبيب إحدى السيدتين، تدعى “جيما” وتعلم ما يحدث؛ ولكن بداخل المحاكاة فهو قائد هيدرا وفاشيٌّ من دون روح. وفي حلقات المحاكاة، تحاول جيما أن تجعله يفيق وتحاول إيجاد الشخص الذي وقعت في حبه؛ لكنها تدرك في النهاية، كذلك الجمهور، أن الشخص الذي أحبته لم يعد له وجود في هذا العالم، وأن الشخص الموجود سيئ ولا يوجد فيه أيّ خير.
واعتبرت أن الإسقاط في هذه القصة هو ما شعر به الليبراليون بعد تصويت أحبتهم لترامب، ولم تفلح محاولات إقناعهم أو سماعهم يعتذرون عن اختيارهم؛ ليصل الشخص إلى نقطة يشعر فيها أن من أحبهم وعرفهم يحملون رؤية ووجهات نظر سيئة صوّتوا إليها.
وقالت أماندا إنه على عكس عالمنا، تمكّن أبطال المسلسل من الهرب من العالم الذي يديره النازيون، وعلى عكس داعمي ترامب، فإن فيتز تمكن من الاستيقاظ في النهاية وندم على اختياراته؛ ولكننا لا نعيش في عالم التلفاز للأسف، ولا زال الأشخاص السيئون يحكمون. ورغم ذلك؛ إلا أن الست حلقات كانت تخيّلًا جيدًا وصوّرت أن ما نعيشه لا يعد عالمنا الحقيقي، وأننا إن بحثنا مجددًا سيكون هناك عالم تكون فيه هيلاري رئيسة أميركا.