ترامنا مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية، سلطت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الضوء على شابين لها دور كبير في الزيارة هما محمد بن سلمان و”جاريد كوشنر” زوج إيفانكا ابنة ترامب.
ووصف التقرير الشخصيتين بالقوى الصاعدة من خلف العروش في التحالف الإستراتيجي الناشئ بين بيت “آل سعود” وإدارة “ترامب”.
وتزوج “جاريد كوشنر” من ابنة “دونالد ترامب” ويعمل الآن كمستشار كبير للرئيس، ويبدو أن محفظته من المسؤوليات الداخلية والأجنبية تزداد ثقلاً يوما بعد يوم.
ويشغل نائب ولي العهد محمد بن سلمان، منصب وزير الدفاع السعودي، والأهم من ذلك أنه خرج من حقل مزدحم من الملوك ليكون الثاني بعد الملك سلمان، والده البالغ من العمر 81 عاما، الذي ورث العرش قبل عامين.
وبدءا من الشتاء الماضي، وحتى قبل تولي ترامب مهام منصبه، جمع مستشارو الأسرة المالكة في السعودية الموثوق بهم قواهم في هدوء من أجل إصلاح العلاقات الأميركية السعودية التي توترت بسبب اتفاق الرئيس أوباما النووي مع إيران، والذي عارضه حكام السعودية، بالإضافة إلى انتقادات إدارة أوباما لحقوق الإنسان في السعودية التي رفضها آل سعود أيضاً.
كانت النتائج واضحة أمس السبت؛ فلدى وصول الرئيس ترامب إلى الرياض، المحطة الأولى في أول زيارة له إلى الخارج، كان “كوشنر” والأمير محمد يراقبان عن كثب الرئيس والملك خلال يوم طويل من الاحتفالات الفنية، ومناقشة المواضيع الجادة، بما في ذلك تحليق عسكري هائل في سماء زاهية ورقصة حرب قبلية من قبل رجال يرتدون ثياب بيضاء، ويلوحون بسيوف فضية ضخمة، وتوقيع صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، بدأ جزء منها في عهد أوباما.
واستغل “كوشنر”، ابن ولاية نيوجيرسي، البالغ من العمر 36 عاما، استثماراته العقارية والإعلامية، للانضمام إلى الدائرة الداخلية لـ”ترامب”، ويمثل حالة نادرة في البيت الأبيض الذي غالباً ما يبدو عليه الفوضى.
ويعد محمد بن سلمان شخصية صريحة في المجتمع المحافظ، ووضع برنامج “رؤية السعودية 2030” الطموحة التي تهدف إلى التحديث التدريجي للبلاد، والتحول من الاعتماد على النفط إلى مصادر طاقة أخرى، وتنويع الاقتصاد، وتوسيع نطاق حقوق المرأة.
وبعد فترة وجيزة من فوز ترامب في الانتخابات غير المتوقعة، سعى الأمير محمد إلى فتح قنوات اتصال مع إدارة ترامب وكان “كوشنر” على الجانب الآخر، والتقى “كوشنر” الذي قام بالكثير من الجهود الدبلوماسية في المرحلة الانتقالية، وبعد وقت قصير من تنصيبه، جلس “كوشنر” بجانب الرئيس عندما هاتف لأول مرة الملك السعودي.
وفي مارس اجتمع نائب ولي العهد مع ترامب في المكتب البيضاوي، وانضم “كوشنر” إلى الاجتماع والغداء، ورحب ابن الملك بوزير الدفاع “جيمس ماتيس” في الرياض بعد بضعة أسابيع.
ويقول “إريك بيلوفسكي”، المدير السابق السابق لمجلس الامن القومي في عهد أوباما: “كان البيت الأبيض، إبان حكم الرئيس أوباما حريص على اتباع نهج متوازن تجاه ولي العهد السعودي وولي ولي العهد السعودي، فكلاهما لديه نقاط قوة”.
ويحمل ولي ولي العهد درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، ولازم أباه حين شغل منصب حاكم الرياض، وتعلم كيفية استضافة قادة القبائل والدبلوماسيين الغربيين.
ويقول أحمد إبراهيم، رجل الأعمال السعودي الذي التقى الأمير: “لدى محمد بن سلمان ميول غربية أكثر من أقربائه الذين درسوا في جامعات مثل “هارفرد” و”بيركلي””، ويضيف: “كان ملازماً لوالده عندما شغل منصب حاكم الرياض وحصل على الكثير من الخبرة منذ أن كان صغيراً”.
وحصل الأمير، بدعم من والده، على قوة أكبر من أي أمير سابق، مما شكل تحديا لنظام طويل الأمد لتوزيع المهام والوظائف بين العائلة المالكة، وبالاضافة الى وزارة الدفاع، وضع الملك سلمان ابنه على رأس قطاع النفط الذي تحتكره الدولة، وشركات الاستثمارات العامة والسياسة الاقتصادية.
ويلفت التقرير إلى سمعة الإنفاق ببذخ التي يتسم بها ابن سلمان، فلدى قضائه عطلة في جنوب فرنسا، شوهد ،يخته “سيرين” البالغ طوله 440 قدم يطفو قبالة الساحل، وأرسل ابن سلمانن أحد مساعديه لشراء اليخت من قطب فودكا روسي بتكلفة 500 مليون دولار.
وتقول هدى هلاسي، واحدة من 30 امرأة في المجلس الاستشاري الذي يضم 150 شخصا، تعليقا على صفقة اليخت: “إنها صفقة كبيرة، الأمر نفسه يحدث مع ترامب”.
ولدى “كوشنر” ثروة ضخمة، لكنه لا يبالغ في مظاهر البهرجة والبذخ، وكشف إقرار الذمة المالية الذي قدمه عن امتلاكه المئات من العقارات وأصول أخرى بلغ مجموعها أكثر من 700 مليون دولار وكان عليه أن يستقيل من 266 منصب والابتعاد عن علاقاته التي قد تخلق تعارض مصالح.
وفي الرياض تحتل الأجندة السياسية لابن سلمان العناوين الرئيسية، وليس إنفاقه الباذخ، حيث دافع عن التحالف الذي يقاتل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وهي الحرب التي أدت إلى شكاوى واسعة من الضربات الجوية على المرافق الطبية والأهداف المدنية، كما أنه يبني تحالفا إقليميا ضد المتطرفين الإسلاميين وإيران العدو الإقليمي للمملكة، وهو مسعى يضعه بوضوح في الحسبان عند تقاربه مع ترامب.