بعد مرور ستة أعوام على الجزء الأول لمسلسل “الجماعة” ورفض الإخوان ونقادٍ لما اعتبروها مغالطات وأخطاء تاريخية فيه، تستعد شاشات الفضائيات لعرض الجزء الثاني من المسلسل؛ ويكشف برومو هذا العام أن “البطل” المُسلَّط عليه الضوء هو “سيد قطب”، المفكر والقيادي الإخواني حينها، الذي يصوره المؤلف محبًا للسلطة وصاحب آراء تكفيرية وقاتلًا.
قبيل انتخابات 2010، عُرض مسلسل “الجماعة”، ووفقًا لتقارير أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين تناولت المسلسل بالنقد، قالت إنه يتبين للمشاهد العادي كثير من الأخطاء التاريخية التي وقع فيها السيناريو، بقصد أو دون قصد؛ ولكنها تقلل من مصداقية الأحداث، وتُظهر استسهالًا في مادة البحث التي اعتمد عليها المؤلف.
أخطاء وإسقاطات
من هذه الأخطاء التاريخية الصارخة ما جاء في حوار بالمسلسل بين موظف في السفارة البريطانية والسفير البريطاني يتحدثان عن جماعة الإخوان؛ حيث يخبر الموظفُ السفيرَ أن الجماعة تتخذ “الإسلام هو الحل” شعارًا لها، والمعروف جيدًا والثابت أن هذا الشعار صيغ في ثمانينيات القرن المنصرم أثناء حملة انتخابية لمجلس الشعب المصري وقبل هذا الادعاء بأن شعار الجماعة صناعة بريطانية.
ويمتلئ المسلسل بالعشرات من الإسقاطات المتعمدة التي أوردها الكاتب ويلاحظها المشاهد العادي، أغلبها تنتقص من مصداقيته عند المشاهدين؛ بل وتخلق حالة من التعاطف عند أغلبهم مع جماعة الإخوان المسلمين.
من بين هذه الإسقاطات الفجة طريقة تعامل ضباط مباحث أمن الدولة مع طلاب الإخوان وأفرادها، إذ يصور المسلسل الضباط في منتهى اللطف والأدب وحسن الضيافة؛ لدرجة أنهم يقدمون “الشاي” لهم في مباحث أمن الدولة، وكأنهم انقلبوا فجأة ليصبحوا مسالمين في منتهى الوداعة مع أفراد الأخوان؛ سواء أثناء احتجازهم أو استجوابهم، أو حتى أثناء تفتيش بيوتهم.
حكومة المخلوع تنشر المسلسل
عُرض مسلسل “الجماعة”، الذي تكلف إنتاجه 35 مليون جنيه مصري (6.15 ملايين دولار) يوميًا في التلفزيون المصري الرسمي في شهر رمضان وفي توقيت ترتفع فيه نسب المشاهدة التلفزيونية عندما تجتمع العائلات والأصدقاء في المساء بعد تناول الإفطار.
وقال الناقد السينمائي طارق الشناوي إن “الحكومة لا يمكن أن تنشر مسلسلًا بهذا الشكل إلا إذا كانت سعيدة وحريصة عليه”، وأضاف أن الحكومة تكون حذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بالإخوان.
المسلسل من وثائق أمن الدولة
في أعقاب ثورة 25 يناير، عثر ناشطون مصريون أثناء مداهمتهم مقر أمن الدولة المصري على صور خاصة وأوراق من سيناريو مسلسل “الجماعة” الذي عُرض في 2010 وتعرض إلى قصة حياة حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وكَتَبَه وحيد حامد.
وأنقذ مواطنون وناشطون هذه الصور والأوراق وغيرها عندما بدأ جهاز أمن الدولة حملة منظمة للتخلص من الوثائق السرية الموجودة في مقاره بمحافظات مصر.
واعتبر ناشطون على موقع “فيس بوك” الوثيقة دليلًا على ما سمَّوه “التشويه المتعمد لجماعة الإخوان المسلمين في الإعلام الحكومي أثناء فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك”، وهي التهمة التي واجهها مؤلف المسلسل وحيد حامد طوال شهر رمضان الماضي عند عرضه.
تشويه سيد قطب
في الجزء الثاني من مسلسل “الجماعة” يسرد المؤلف وحيد حامد حال الإخوان أثناء حكم الرئيس السابق جمال عبدالناصر لمصر، الذي تزامن مع سطوع أبرز أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وقتها “سيد قطب”.
وفي الإعلان التسويقي للمسلسل، يظهر الممثل محمد فهيم، الذي يؤدي شخصية “سيد قطب”، يقول إن “الذين فتحوا لنا أبواب السجون وحشرونا في الزنازين وعذّبونا وعذبوا إخواننا ورفقاءنا أصبحوا ممن يعبدون النظام والسلطة، في رأيي هذا شرك؛ بل كفر وجاهلية”.
وفي السياق، علق أحمد رامي، المتحدث باسم حزب “الحرية والعدالة”، على الجزء الثاني من مسلسل “الجماعة” قائلًا: “ليتذكر الجميع أن الجزء الأول حدث فيه اختلاف في حلقاته الأخيرة عن سيناريو الحلقات الأخيرة، وأن المسلسل على ما كان فيه من نيل من الإخوان إلا أنه أفادهم في حينه”.