قبضت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على شخص يُشتبه في قتله “مازن فقهاء”، القيادي العسكري الكبير بها في قطاع غزة، بحسب ما ذكر إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس.
وقال هنية متحدثًا لصحفيين في غزة: “نعلن أن القاتل والمجرم الذي نفذ أوامر ضباط قوات الأمن الصهيونية هو الآن في أيدي قوات الأمن لدينا”، معلنًا أنه “اعترف بارتكابه الجريمة”، فيما لم ترد أي تفاصيل عن هوية المشتبه به؛ لكن الحركة أشارت سابقًا إلى أن متآمرين فلسطينيين تعاونوا مع “إسرائيل” لتنفيذ الاغتيال، وحمّلت الاحتلال مسؤولية الاغتيال، بينما لم تعلق “إسرائيل” على الحادث أو ترد على اتهامات “حماس”.
وفي 25 مارس الماضي، شيّعت “حماس” جنازة مازن فقهاء بعد اغتياله على أيدي مجهولين في منطقة تل الهوى بغزة، وهو من قادة الحركة في الضفة الغربية المحتلة، التحق بكتائب القسام أثناء دراسته الجامعية، حاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة النجاح الوطنية بالضفة الغربية عام 2001 واعتقلته السلطة الفلسطينية عام 2001 بعد تخرجه لورود اسمه على قائمة مطلوبين قدمها جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) بسبب مشاركته في هجمات مسلحة ضد “إسرائيل”؛ لتدبيره هجمتي “جات” جنوبي القدس في مايو 2002 و”صفد” في أغسطس 2002 وأسفرتا عن مقتل 28 إسرائيليًا، ثم أسرته “إسرائيل” في 2002 وحكمت عليه بتسعة مؤبدات، وأطلق سراحه في صفقة جنديها شاليط عام 2011؛ لكنه أبُعد إلى قطاع غزة بموجب شروط الصفقة.
وقال أيمن البطنيجي، المتحدث باسم الشرطة في غزة، إن مسلحين أطلقوا أربع رصاصات من سلاح كاتم للصوت على رأس مازن فقهاء فأردوه قتيلًا.
إعادة اعتبار
يرى خبراء أن إصرار “حماس” على إعلان القبض على منفذ اغتيال مازن له دوافع مختلفة؛ على رأسها إعادة الاعتبار إليها، فالاغتيال حدث في قطاع غزة، معقل الحركة وحصنها المحرر، واستهدف عنصرًا بالقسام، وهي كتائب عسكرية من المفترض أن تتخلى باحتياطات أمنية واسعة التدابير؛ لذلك كان شيئا ملحًا على ضمير الحركة ونفسيات قادتها أن ينجحوا في القبض على المنفذ والإعلان عنه في أسرع وقت؛ لا سيما وأن قياديًا بالحركة تحدث لموقع جريدة المدن الإلكترونية اللبنانية عن أن منفذ العملية من كتائب عز الدين القسام زرعه الموساد في وسطها.
واعتادت “حماس” إعلان المتحدث باسم كتائب القسام الأمور الأمنية والعسكرية؛ ولذلك يرى البعض إعلان القبض على قاتل مازن فقهاء على لسان رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ليبعث برسالة إلى الاحتلال والمتخابرين معه بأن القيادة الجديدة ووجودها داخل غزة سيكون أداة تضييق ومتابعة شديدة لهم وللمتعاونين معهم.
وقال الكاتب الصحفي المقرب من “حماس” مصطفى الصواف إن إسماعيل هنية أراد من خلال هذا الإعلان رد الاعتبار إلى أسرة الشهيد مازن فقهاء وزوجته وأبنائه، وكذلك إلى الحركة ذاتها.
كما يرى آخرون أن القبض على المنفذ ربما يكون نقطة انطلاق لتعامل أمني جديد مع عملاء الاحتلال؛ خاصة وأن حماس أعلنت عن مهلة محددة للمتخابرين مع الاحتلال لتسليم أنفسهم وأن باب “التوبة” مفتوح لمدة أسبوع من الإعلان، بعدها سيكون المتخابر تحت رقابة سلطة القطاع وسيقبض عليه في أي لحظة.
كاتم الصوت
وقال مصطفى الصواف إن إعلان إسماعيل هنية أن وزارة الداخلية ستعقد مؤتمرًا صحفيًا لتوضح فيه التفاصيل كاملة مرفقة باعتراف منفذ الاغتيال فذلك يُعيّن على الداخلية أن ترفق المسدس كاتم الصوت الذي حدث به الاغتيال؛ لمزيد من المصداقية.
وقال في تصريحات صحفية إنه ليس ثمة فرق كبير بين أن يكون المنفذ عميلًا زُرِع داخل كتائب القسام أو شخصًا آخر من خارج الحركة؛ فمن الطبيعي أن يكون هذا الشخص مجرمًا في نطر حماس بغض النظر عن خلفياته الحركية أو الفكرية.
خسارة الموساد
ويرى الدكتور سالم السيار، أستاذ السياسة بجامعة بير زيت، إن الجانب الأكثر قسوة على الاحتلال الإسرائيلي في هذا الإعلان هو أن “الموساد” غير قادر على حماية عملائه، وهو ما سيسبب له خسارة ليست بالهينة في هذا الإطار؛ حيث سيفكر الراغب في التخابر مع الاحتلال ألف مرة قبل اتخاذ خطوة التخابر.
ويتابع: حماس وجدت أن الضربة كانت قاسية لها ولكتائب القسام فقررت أيضًا أن تكون الضربة للموساد على المستوى نفسه من القسوة.
وتوقّع سالم السيار في تصريحات تلفزيونية أن يكون إعلان اعتقال منفذ الاغتيال أمرًا له ما بعده؛ خاصة وأن حماس أثارت حفيظة “إسرائيل” أكثر من مرة في الفترة الماضية؛ ابتداء بتطوير أسلحتها ومهرجاناتها الاستعراضية ومرورًا بوثيقتها السياسية الأخيرة ثم انتخاب إسماعيل هنية رئيسًا للحركة في أجواء ديمقراطية أثارت حفيظة نتنياهو شخصيًا.