حكمت محكمة في جاكرتا الثلاثاء على حاكم العاصمة الإندونيسية المسيحي باسوكي تاهاجا بورناما الملقب بأهوك بالسجن لسنتين بعد إدانته بإهانة الإسلام، في محاكمة شكلت اختبارا لمدى التسامح الديني في أكبر بلد مسلم في العالم.
وأثار القرار فرحا خارج المحكمة حيث هتف مسلمون “الله اكبر”. وذهب القضاة أبعد بكثير من النيابة التي كانت طلبت السجن مع وقف التنفيذ وفرض رقابة لمدة سنتين.
وانفجر عدد من أنصاره بالبكاء عندما تُلِيَ الحكم، فيما احتفظ “أهوك” بهدوئه. وقال: “سنستأنف الحكم”.
وقد نقل بعد ذلك إلى سجن في جاكرتا لكن لم يعرف ما إذا كان سيبقى فيه عند تقديم طلب الاستئناف.
وهذه القضية التي بدأت العام الماضي، مرتبطة بحملة الانتخابات لمنصب حاكم جاكرتا التي خسرها باسوكي تارهاجا بورناما في أبريل لكنه يبقى في منصبه حتى أكتوبر المقبل.
وكان “أهوك” (50 عاما) المعروف بصراحته، قال في سبتمبر الماضي أن تفسير بعض علماء الدين لآية في القرآن تعتبر أن انتخاب حاكم مسلم واجب على المسلمين، خطأ.
وخلال خطاب رسمي له في سبتمبر الماضي، قال بورناما للسكان المحليين إن خصومه قد “كذبوا” عليهم عندما قالوا أن القرآن ينهى عن التصويت لحاكم غير مسلم.
وتم نشر فيديو لكلمته على الانترنت، وهو ما دفع مئات الآلاف من المسلمين إلى التظاهر في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي مطالبين بمقاضاته، بينما دعم المسلمون المحافظون، الراغبون في سجن بورناما بتهمة الإساءة إلى الإسلام، منافسه المسلم باسويدان.
وتقدم بورناما في الجولة الأولى من الانتخابات في 15 فبراير التي شارك فيها ثلاثة منافسين، حين حصل على 43% من الأصوات، بينما جاء باسويدان في المركز الثاني بنسبة 40% من الأصوات.
وبعد اتهامات التجديف، تراجعت نسب تأييد بورناما في استطلاعات الرأي بعد أن أوشك أن يصبح الفائز الأرجح في الانتخابات.
وعلى النقيض، ارتفع معدل تأييد باسويدان المتعلم في الولايات المتحدة بعد لقائه بأحد قادة الاحتجاجات المناهضة لبورناما، وهو الإمام محمد رزق شهاب.
وينظر إلى بورناما، وهو أول مسيحي يتولى منصب عمدة جاكرتا خلال 50 عاما، كإداري مؤثر في نظام بيروقراطي طالما عانى من الفساد وعدم الكفاءة.
“مسلمون مجروحون”
تحت ضغط تظاهرات هائلة ودعوات إلى سجنه، اتهم حاكم جاكرتا رسميا بالتجديف في نهاية 2016، وهي جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن خمسة أعوام.
وبعدما كانت استطلاعات الرأي ترجح فوزه، هزم الحاكم في الانتخابات أمام وزير التربية السابق أنيس باسويدان.
وقال القاضي دويارسو بودي سانتيارتو أن القضاة الخمسة في المحكمة رأوا أن رئيس البلدية “وبدليل قاطع مذنب بالتجديف” و”حكموا عليه بالسجن لسنتين”.
وبرر قاض آخر قسوة الحكم بأن المتهم “لا يشعر بأي ذنب” و”أثار غضب المسلمين وجرحهم”.
وكان هذا القرار مفاجئا لأن المحاكم لا تذهب إلا في حالات نادرة أبعد مما تطلبه النيابة، حيث كان كبير المدعين علي موكارتانو طلب الشهر الماضي السجن شهرا مع وقف النفاذ لأهوك واخضاعه للمراقبة لسنتين.
وقال اوكتا دي كيلجو أحد أنصاره لوكالة فرانس برس “أشعر بخيبة أمل وحزن”. وأضاف “من النادر جدا أن يكون حكم أقسى مما طلبه النائب العام”.