نشرت مجلة “فرونت بيج” مقالاً للكاتب الصحفي “مارك تابسون” ناقش فيه الأحاديث المتداولة في أميركا ودول أخرى عن الرغبة في العودة إلى النظام الشيوعي وإنهاء الأنظمة الرأسمالية، معتبرًا أن النظام الشيوعي لا يعتبر مثاليًا كما يدّعي البعض؛ وإنما له عيوب قاتلة ومدمّرة لأي دولة عند مقارنته مع الأنظمة الأخرى.
وإلى نص المقال:
مع وجود الجمهوريين في البيت الأبيض ووجود تهديدات بسبب وعودهم، بدأ الحنين إلى مثالية الشيوعية، ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الاثنين الماضي في احتفالات عيد العمال مديحًا للشيوعية التي ألهمت أميركا، ولا تعتبر واشنطن فقط ما تبقى من حلم الشيوعية؛ فقبل أسبوع من عيد العمال كتبت الأسترالية “هيلين رازر” مقالًا لصحيفة كوارتز تحاول شرح أسباب انتمائها إلى الشيوعية ولماذا يجب أن ينتمي إليها الجميع.
ووفقًا لوصف الموقع، اعتبرت هيلين أن الليبرالية تمر بمرحلة أزمة؛ بسبب تنحيها جانبًا من اليسار المتطرف المعتنق للعنف الشمولي. وترى هيلين أن الشيوعية لم تأخذ فرصة كافية للنجاح.
ويردد تابعون للشيوعية باستمرار هذه الأعذار عند الدلائل التي تتحدث عنها في العالم وتثبت أنها أكثر نظام مدمر وغير إنساني جُرّب في العالم. وكل دولة جربت الشيوعية وصلت إلى نتائج سيئة، ولا يعتبر ذلك بسبب تجربتها بشكل خاطئ؛ ولكن بسبب أن هذه هي النتائج الحتمية له.
ولكن هيلين وغيرها من الشيوعيين يقولون إن هذا خاطئ، موضحين أن “ماركس” ليس شريرًا؛ ولكنه يساء فهمه. قائلين إن الخوف الأوروبي من شبح الشيوعية ينم عن غضب فقط. ومن الواضح أن هيلين قررت توضيح المرحلة التاريخية الهامة لازدهار الجميع.
ومن بين كل الصفات التي يمكن أن تتصف بها الشيوعية، لا يمكن وصفها بالمزدهرة؛ فيمكن وسم الشيوعية بـ”الفقر المنتشر” أو “المجاعات الكبرى” و”البوليس السري”، وهو ما لم تذكره هيلين؛ بسبب اعتقادها أن جزءًا صغيرًا من الرأسماليين عبيد والمنقذين لنا هم الشيوعيون.
ويرى تابعو الشيوعية أنها علاج للرأسمالية؛ حيث يسعون إلى إلغاء الممتلكات، سواء التي تمتلكها الدولة أو الشركات الخاصة أو المواطنين، ويريدون امتلاك كل شيء على قدم المساواة، وأن نصبح ديكتاتوريّي أنفسنا، ويرغب الشيوعيون في وضع شروط لإنهاء الدولة وإدارتها بشكل جماعي. ولكن ما فعلته الشيوعية هو وضع الدولة تحت حكم جماعي عمل على تدميرها وليس إدارتها.
وتتابع هيلين أن الشيوعية لا يوجد لها مخطط ولا يستطيع أحد أن يتوقع بدقة المرحلة التالية. ولكن، على العكس؛ بناء على الخبرة يمكن لأي شخص توقع ما ستقود إليه الشيوعية من فساد ومآسٍ وفقر وتعذيب ومجاعات وقتل جماعي ونهاية الحرية.
ولكن، تعترف هيلين أن الأمور لم تسر بشكل جيد في المرحلة التاريخية؛ ولكن في المرة المقبلة ستسير بشكل أفضل وتسمح للغرب بالانتخاب الديمقراطي بعيدًا عن تدخلات الطبقة الرأسمالية.
وتقر هيلين أن الرأسمالية أعطتنا حرية، ولكنها تشكي من أنها تركتنا وسط بيئة مدمرة وأسلحة نووية وتهديدات ستتطلب مستوى معينًا من الإدارة الشمولية، موضحة أن الشيوعي الصادق سيعرف أن الدولة لا يمكنها التعامل مع التهديدات الحقيقية إلا بمستوى حقيقي من البيروقراطية.
على الأقل، تُعتبر هيلين شيوعية صادقة، وتعترف بأن الحكم الجماعي بشكل كامل غير محتمل، والأمر سيحتاج نوعًا من الإدارة الشمولية وبعضًا من البيروقراطيين لإدارته. ولا توضح كيف يجب أن نتحول من البيروقراطية إلى الحلم الجميل من الديمقراطية الجماعية.
ورغم ذلك، تعتقد هيلين أن هناك مستقبلًا من الشيوعية المزدهر، وأن الرأسمالية كانت لها بدايات كاذبة. ولم تذكر هيلين في مقالها شيئًا عن مئات الأعوام من البدايات القاسية للشيوعية في الاتحاد السوفيتي والصين وكوبا وكامبوديا وكوريا الشمالية وشرق ألمانيا، وحتى في دول إفريقية مثل أنجولا، ولم تذكر ملايين القتلى والعذاب والجوع الناتجين عن الأنظمة الشيوعية.
وتعْتبر هيلين أن الشيوعية في صعود، بينما يبدو أن الرأسمالية ستنتهي. ولكن، على العكس؛ تنتهي الشيوعية في العالم كله في مواجهة نداء الرأسمالية ووعدها بالحرية والازدهار.
وعلينا العلم أن الرأسمالية ليست مثالية؛ فهي مثل البشر لا تعتبر مثالية، بها عيوب وأخطاء، حتى في أفضل الحالات؛ ولكنها تحتوي على آليات للتصحيح الذاتي، وتحتضن الطبيعة البشرية، على عكس الشيوعية.